انتهاكات وفضائح في تيندوف

الدعوى التي أعلن المحامي الإسباني خوسيه مانويل روميرو غونزاليس، عن رفعها لدى المحكمة الوطنية الإسبانية ضد قياديين في «البوليساريو»، تعيد إلى الواجهة مرة أخرى، موضوع الانتهاكات الجسيمة والخطيرة لحقوق الإنسان التي تقترف يوميا في تيندوف من طرف عناصر الجبهة الانفصالية.
لقد ندد المغرب مرات عديدة بالممارسات الوحشية المرتكبة في تيندوف ضد المدنيين، وطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته، والضغط، خصوصا، على الجزائر لوقف الانتهاكات ورفع المعاناة عن الضحايا، واليوم يعود الموضوع ليفرض نفسه على الضمير الإسباني، وليضع الأوساط الحقوقية والسياسية والإعلامية في إسبانيا أمام مسؤوليتها الأخلاقية.
لقد سبق للمحكمة الوطنية الإسبانية نفسها أن بتت في قضايا تهم الشيلي وهندوراس والأرجنتين، وقرارها اليوم يسعى إلى إثبات الوقائع وتحديد مسؤوليات الأشخاص المتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، كما يتطلع الضحايا وكثير من جمعيات حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية كي تنتصر المحكمة الإسبانية للحق والقانون، وتنجح في إقرار العدالة.
وتجدر الإشارة إلى أن ضحايا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تم ارتكابها في مخيمات تيندوف منذ 1979، كانوا قد تقدموا بشكاية إلى المحكمة الوطنية الإسبانية سنة 2007، ومؤخرا أعلن قاضي التحقيق بالمحكمة المركزية الخامسة بالمحكمة الوطنية الإسبانية قبوله معالجة هذه الشكاية التي جاءت إثر زيارة وفد من نقابة المحامين الإسبان إلى الأقاليم الجنوبية، حيث كانوا  قد استمعوا إلى شهادات من حوالي خمسين شخصا، وعاينوا آثار التعذيب البادية على أجسادهم، كما جرى تعزيز الشكاية بملفات طبية معدة من لدن خبراء دوليين…
ويأتي قرار المحكمة الوطنية الإسبانية هذه الأيام ليضاف إلى شكاية أخرى صرح مؤخرا المحامي الإسباني أغوستين ديلا غروث أنه رفعها لدى المحكمة ذاتها ضد السفير المزعوم للانفصاليين في الجزائر ونجل مايسمى رئيس وزراء الجمهورية الوهمية، وذلك بتهمة اغتصاب شابة صحراوية في مخيمات تيندوف سنة 2010، ما اعتبر من طرف الكثيرين فضيحة أخلاقية وحقوقية كبرى.
إن الفظائع المتعلقة بخروقات حقوق الإنسان، خصوصا التعذيب والإذلال والمس بالكرامة والاحتجاز ثم الاغتصاب، تقترف من لدن أشخاص ما فتؤوا يصرخون بأنهم يدافعون عن حقوق الإنسان، وهم يتلقون المساعدات والدعم نتيجة ذلك، لكن الوقائع والأدلة المعممة اليوم، والتي ينظر فيها القضاء الإسباني تكشف زيف البروباغاندا الانفصالية، وتؤكد تورط أشخاص يعيشون في قرون غابرة، ويكرسون يوميا ممارسات تعذيبية واستعبادية في تيندوف، كما أنهم يعتبرون أنفسهم فوق كل القوانين والأعراف والقيم.
لم يعد الأمر يتعلق اليوم فقط بالخطر الإرهابي والإجرامي المحدق بالمنطقة كلها جراء استمرار التوتر في الساحل الإفريقي، وتنامي مؤشرات الارتباط بين الانفصاليين والإرهابيين وعصابات التهريب والإجرام، وإنما جاء كل هذا لينضاف إلى واقع بشع تنتجه يوميا قيادات الانفصاليين ضد مئات الضحايا والأبرياء، وفي تحد أرعن لكل القوانين الإنسانية المتعارف عليها كونيا.
القضاء الإسباني اليوم أمام ضميره…
[email protected]

Top