مباشرة من… مصر

الحدث يصلنا هذه الأيام من مصر، تصل الأخبار محزنة وقاسية، ويتفاقم الخوف على… «المحروسة».
بعد أزيد من عام ونصف عن التغيير، يعود الفرقاء السياسيون في مصر إلى … الشارع لحسم خلافاتهم، ولرسم مستقبل لبلادهم لا أحد يتبين ملامحه بوضوح.
وفي أحوال الناس على الأرض، هناك الكثير من الفقر والعوز والبطالة والحاجة، وهناك التأزم الاقتصادي والمالي، وغياب الاستثمارات، وانعدام الاستقرار والأمن، و»ميدان التحرير» بات، من جهته، يعرض يوميا كثير ظواهر مقززة، وهي تثير الرعب والخوف على مصر والمصريين.
في مصر اليوم يبدو جليا كم هو هام وحيوي التوافق السياسي بين الأطراف والمؤسسات، وتتضح أيضا بجلاء خطورة المآلات التي يفضي إليها غياب هذا التوافق والاتفاق المسبق على القواعد العامة والثوابت.
لم ينجح الطيف السياسي، حكما ومعارضة، في صياغة آليات وقواعد لتدبير الإصلاح السياسي والمؤسساتي في البلاد، وبالتالي توفير المؤسسات التي من شأنها إنجاح الإصلاحات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، وتحقيق الاستقرار الأمني، وهذا ما نتج عنه انتقال قوى المعارضة من المطالبة بالإصلاحات «في إطار الشراكة الوطنية» إلى المطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وبالتالي الإطاحة بالرئيس محمد مرسي المنتخب إلى غاية 2016، وتنظيم مليونية «الغضب الكبير» غدا الأحد، وقبلها كانت «حملة التمرد» وذلك لمطالبة مرسي بالاستقالة، ثم رد الإسلاميون، من جهتهم، بمسيرات أخرى استبقت تظاهرات غد الأحد، وذلك بحشد أنصارهم دفاعا عن شرعية الرئيس، وفي مقابل الطرفين معا، أعلن الجيش، من خلال وزير الدفاع، عن تحذير الجميع من مغبة «انزلاق مصر في نفق مظلم من الصراع أو الاقتتال الداخلي».
ليس المشكل هنا في الطرف الذي سيربح هذا النزال في الشارع، أو في الخيار الذي ستؤول إليه التطورات الميدانية، أي الاستمرار أو تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، وإنما المشكل يكمن في  المستقبل المراد بناؤه لمصر، وهنا، وبغض النظر عن الطرف الفائز في الشارع أو في صناديق الاقتراع، فإن الاتفاق على القواعد مسألة لا مفر منها، وهذا ما تؤكده اليوم تطورات الأحداث في بلدان أخرى داخل المنطقة أو خارجها.
إن الطبقة السياسية المصرية مجبرة على الوصول إلى توافقات كبرى في السياسة وفي الاقتصاد وفي عمل المؤسسات وتدبيرها، وآنذاك سينخرط الجميع في صنع تفاصيل المستقبل ضمن «شراكة وطنية» حقيقية، وسيحرص كل طرف على حماية الدولة وهيبتها، وتجنيب المجتمع والشعب اقتتالا داخليا من شأنه أن يدمر الكل.

Top