مناظرة الصحة

تحتضن مدينة مراكش، اليوم، أشغال المناظرة الوطنية للصحة، وذلك في سياق مسلسل تشاوري واسع دام شهورا، ويروم بلورة اتفاقات وطنية كبرى بين مختلف المتدخلين من أجل صياغة «ميثاق وطني للصحة»، وفق مقتضيات دستور المملكة الذي يكرس اليوم حق المواطنات والمواطنين في الصحة.
يسجل المتابعون لشأننا الوطني أن قطاع الصحة صار موضوع تفاعل وطني واسع، ويحضر في الكثير من النقاشات ومجالس الحديث أكثر من ذي قبل، ومن المؤكد أن دينامية الوزير المسؤول عن القطاع ومصداقيته ليستا بعيدتين عن ذلك، كما أن لقاءات الحوار التي جرت في إطار «انتظارات الصحة» منذ 05 أبريل إلى غاية 05 يوليوز من العام الماضي، ومختلف البرامج الإذاعية والتلفزيونية حول الموضوع، واللقاءات التي عقدها الوزير نفسه مع الأطراف المتدخلة في القطاع، كلها ساهمت في إشعاع الحديث عن القطاع وعن كل إشكالاته، وبالتالي فقد جسدت حوارا وطنيا حقيقيا دام عديد شهور، وهو يتوج اليوم بمناظرة وطنية، هي نفسها واجهة أخرى للحديث والنقاش والتناظر، وبلورة التوصيات والمقترحات، وكل ذلك بغاية الانكباب لاحقا على أجرأتها، وتحويلها إلى نصوص قانونية وتنظيمية وبرامج ومبادرات مهيكلة.
من جهة أخرى، تعتبر المناظرة فضاء لبلورة الانشغالات العامة للمغاربة تجاه قطاع كثير الحساسية والارتباط بحياتهم وواقعهم اليومي، ولهذا كانت الوزارة الوصية قد بادرت من قبل إلى رصد انتظارات المواطنات والمواطنين من خلال كثير آليات ودعامات إعلامية وتواصلية، وبواسطتها جرى تجميع «الانتظارات» ومضامين «الكتاب الأبيض» لعرضهما اليوم على المشاركين في المناظرة، ثم إن توصيات المتناظرين ومقترحاتهم نفسها ستكون أرضية لإعداد «الميثاق الوطني للصحة» الذي يجب أن يساهم كل الفاعلين في صياغة تفاصيله والتوافق حول مضامينه وأهدافه.
إن نبل الهدفية العامة المؤطرة لمناظرة الصحة، وأهمية الموضوع المرتبط بصحة المغاربة ومستقبلهم، يفرضان التفاف كل الفاعلين من أجل إنجاح هذه الدينامية وتتويج تفاعلاتها بتوصيات ومقترحات ناجعة وفعالة، وبالتالي، الابتعاد بالمسار كله عن منغلقات الالتباس والخلط، وعن تحويل الأفق إلى مجرد تفاوض قطاعي محدود، أو حسابات سياسوية أو فئوية بلا بعد نظر.
إنجاح مناظرة مراكش، من أجل «ميثاق وطني للصحة» يبلور المقتضى الدستوري والحقوقي الذي تتأطر الدينامية بكاملها ضمن أفقه.
[email protected]

Top