مصر تدخل مرحلة جديدة

أعلن الجيش في مصر عن إزاحة الرئيس محمد مرسي، وعين رئيس المحكمة الدستورية رئيسا انتقاليا للبلاد، على أن يجري الإعداد لانتخابات عامة مبكرة… وتعيش العاصمة المصرية وكثير من محافظاتها، طيلة الأيام الأخيرة، توترات ومواجهات وصلت ذروتها، أمس وأول أمس، بين مؤيدي الرئيس الإخواني الذي أطيح به ومعارضيه الذين أعلنوا حملة «تمرد» للمطالبة برحيله فورا، ولا نأمل، صدقا، للأشقاء المصريين أن ينتهوا إلى ما انتهت إليه الأوضاع في سوريا حاليا، أو أن يعيدوا إنتاج السيناريو الجزائري خلال العشرية الدموية، بل نتمنى أن تستقر الأوضاع على أرضية وفاق وطني ينكب على البناء، وعلى صنع المستقبل الآمن للشعب المصري بكافة طوائفه وفئاته.
وبقدر ما يعتبر تطور الأوضاع في مصر شأنا داخليا للمصريين وقواهم السياسية والمجتمعية، فمع ذلك لا بد من التأكيد على صعوبة اقتناع أي ديمقراطي في العالم، من حيث المبدأ، بأحقية الجيش في التدخل لتغيير نظام سياسي أفرزته صناديق الاقتراع، ويصعب كذلك عدم اعتبار ذلك انقلابا، حتى ولو كان نتاج اتفاق مع رموز المؤسسات الدينية وقادة المعارضة السياسية وبتأييد منهم، وحتى لو تم تغليفه بتصريحات نوايا تضمنتها خارطة طريق تعلن عن العمل من أجل إرساء حكم مدني بعد فترة، كما أن المشكلة توجد اليوم في المستقبل، أي في النظام السياسي المراد العمل وفقه بعد اكتمال الإجراءات الانتقالية التي أعلنت عنها قيادة القوات المسلحة.
مرة أخرى، نؤكد هنا ما سبق أن كتبناه أكثر من مرة بخصوص الوضع المصري، ويتعلق الأمر بضرورة التوافق بين الفرقاء السياسيين، سواء اليوم أو غدا، وهذا التوافق هو وحده القادر على بلورة نقاط اللقاء والعمل المشترك بين الأطراف من أجل تحديد أولويات المرحلة في السياسة والاقتصاد والمؤسسات، ومن دون هذا التوافق ستبقى البلاد تعيد إنتاج نفس المنغلقات بلا أفق.
من جهة أخرى، إذا كان من درس يجب أن نستوعبه، مغربيا، مما يجري في الشقيقة مصر، فهو قطعا ليس لعبة الاستنساخ البليد، أو التماهي في المطلب والشعار والتاكتيك، وإنما الدرس البارز هو أن الشعوب كلها ترفض سياسة الهيمنة والتحكم من أي طرف.
أما الدرس الثاني، فهو ضرورة إعادة تملك قوة التوافق المغربي، والإصرار أكثر من أي وقت مضى على أن النموذج المغربي مختلف ولا علاقة له بالسياقات المشرقية وغيرها، ومن ثم الحاجة اليوم إلى إعادة المعنى والقوة والامتداد لهذا التوافق الوطني، ولهذا الانخراط الجماعي في مسلسلات التنمية والتحديث والإصلاح ومحاربة الفساد والديمقراطية.
ويبقى الدرس الثالث هو أنه ليس من حقنا في المغرب أن ندفع بلادنا إلى الخلف، بل علينا أن نمضي إلى الأمام، ونحمي الاستقرار السياسي والمؤسساتي والمجتمعي لبلادنا، وننكب على تطوير منظومتنا الديمقراطية ومنجزنا التنموي.
لنتابع ما يجري في مصر…
لنقرأ الحدث في معناه، وفي الدلالات والتفاصيل…
[email protected]

Top