تصريحات عاقلة ردا على مقارنات صبيانية

دفع التفكير السطحي المفتقر إلى الرصانة وبعد النظر بعض «المحللين»، أو على الأصح الحالمين، إلى استدعاء ما يحدث في الشقيقة مصر هذه الأيام بعد الإطاحة برئيسها الإخواني محمد مرسي،

وإجراء إسقاطات صبيانية على الحالة المغربية، والانطلاق من ذلك لبلورة الشعارات والمطالب، ولرسم معالم المرحلة القادمة كما تتوهمها عقول صغيرة جدا.
في المقابل، صدرت في الأيام الأخيرة تصريحات تداولتها صحف ومواقع إلكترونية لسياسيين يصطفون ضمن قوى المعارضة الحالية، وكانت مصرة على العقل، ومنتصرة أولا وقبل كل شيء لمصلحة البلاد ومستقبلها واستقرارها العام، وهي التصريحات التي تستحق أن تسجل هنا.
لقد قلل رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب أحمد الزايدي مثلا، من احتمالات تأثر المشهد السياسي في المغرب بعزل الرئيس المصري محمد مرسي، معتبرا أن مصر عاشت وتعيش صراعا حول الحكم خلافا للمغرب الذي، بحسبه، حتى إذا عرف صراعا فإنما يكون حول ممارسة السلطة، ومؤكدا أن المؤسسة الملكية في المغرب تلعب دور المحافظ على الاستقرار وتحقق الإجماع الوطني.
ثم أضاف الزيادي، القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي، بأن المقارنة بين الحالتين المصرية والمغربية صعبة جدا بالنظر إلى الفوارق الكبيرة بين التجربتين.
ومن جهته، ورغم ما يمكن أن يقال عن مضامين ومنطلقات البلاغ الأخير لحزبه حول الموضوع، فقد صرح إلياس العماري، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، بأن ما حدث في مصر لا يمكن أن يكون له تأثير في المغرب، مشددا على أن المغرب بلد يَستوعِب ولا يُستوعَب، وبأن له خصوصيته، ونموذجه الخاص ثقافيا ودينيا، كما لفت إلى أن حكومة المغرب نابعة من صناديق الاقتراع، وقد أجمع أغلب الملاحظين السياسيين على نزاهتها.
التصريحان المذكوران، وهما لقياديين معروفين في حزبين يتواجدان اليوم ضمن صفوف المعارضة، يلتقيان مع ما ورد في البلاغ الأخير للديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، حيث اعتبر أن الترويج لمقارنات سطحية بين الوضع في المغرب والمسار الذي اتخذته الأحداث في بعض دول المنطقة، واستنتاج خلاصات خاطئة، تبعا لذلك، تغيب ما يميز بلادنا من خصوصيات النظام المؤسساتي وتراكمات المسلسل الديمقراطي وغيرها، هو توجه يناهض تطلعات شعبنا في تعزيز البناء الديمقراطي وتحقيق شروط العيش الكريم…
إن إيراد التصريحين المنسوبين لقياديين في حزبين معارضين، وتسجيل تطابق مضمونهما مع موقف حزب وطني تقدمي يشارك في التجربة الحكومية الحالية، وأيضا مع تصريحات مسؤولين وقوى أخرى تمثل الأغلبية الحالية، يجعل الاستنتاج واضحا، وهو أن الحسابات الصغيرة تختفي عندما يتعلق الأمر باستقرار البلاد ومستقبل الوطن وضرورة نجاح مساره الديمقراطي والتنموي.
هل يدرك بعض الصغار خطورة ما يروجون له اليوم من مقارنات غبية لا تحضر فيها سوى صور القنوات الفضائية؟
إن المغرب ليس جامدا، وليس بلا تاريخ أو خصوصية أو تراكمات حتى يمكن جعله فريسة أو مختبرا لتجريب ما يحدث في الجغرافيات المشرقية.
ولمنظري الساعة الخامسة والعشرين نقول: «الرجوع لله».

 

Top