من وحي المؤتمر و…التأسيس

شرع حزب التقدم والاشتراكية عمليا في الإعداد السياسي والتنظيمي والمادي لمؤتمره الوطني التاسع المقرر التئامه في منتصف العام الجاري، ويتزامن هذا الموعد التنظيمي العادي مع تخليد التقدميين المغاربة للذكرى السبعين لميلاد حزبهم، وهذا ما يجعل الاستحقاق أساسيا في صيرورة هذه الهيئة السياسية التي كانت دائما مختلفة عن سواها.
الميلاد والتأسيس هنا ارتبطا بميلاد قيم ومنظومات فكرية لم تكن معروفة من قبل في التربة المحلية، وبالتالي فقد تم التأسيس لها وخوض الصراع من أجل التعريف بها، ومن ثم، فقد كانت البداية مقترنة عضويا بهذه الأفكار الجديدة، وقد بقيت الخاصية ملتصقة دائما بالحزب الى اليوم.
الدرس هنا يتجسد بالذات في هذا الاقتران بالأفكار والقيم، كما أن عمر السبعين يقترن بتشكل الأداة التنظيمية السياسية التي لم تكن إلا تتويجا مهيكلا لخلايا وجماعات وأنوية وطاقات فردية عملت في البوادي والمدن، وسط صغار الفلاحين والعمال والمثقفين، وكافحت وعانت إلى أن نجحت في صياغة وجود تنظيمي متكامل منه بدأ العد والحساب بالنسبة للمراحل والأعوام…
بعد كل هذه العقود ينكب الحزب، في مؤتمره الوطني التاسع، على قراءة الصيرورة التاريخية برمتها، ويتطلع إلى إنتاج قيمة مضافة في الأفكار وفي أدوات العمل، مهتديا في ذلك بمنهجيته الراسخة في التحليل وفي دراسة الواقع واستشراف المستقبل لمصلحة بلادنا وشعبنا أولا وقبل كل شيء.
وبقدر ما يستحيل اغفال التزامن الرمزي والتاريخي لموعد المؤتمر التاسع للحزب مع تخليده للذكرى السبعين لنشأته، فإنه أيضا يستحيل تجريد هذا الموعد التنظيمي من التفاعل والتحاور الفكري والسياسي مع سياقاته الوطنية والإقليمية والعالمية الراهنة، وبالتالي السعي لبلورة الاجتهادات الفكرية والبرنامجية والتنظيمية الضرورية للمرحلة التاريخية الحالية، أي أن المؤتمر الوطني التاسع هو المناسبة لتأكيد التميز والاحتفاء ب» البديل التقدمي».
الاجتماعات الأولى التي عقدتها اللجان التحضيرية الموضوعاتية في نهاية الأسبوع المنصرم أبرزت  سيادة هذا الانشغال لدى مختلف الأعضاء، أي اعتماد المقاربة التشاركية والإنصات لمختلف الآراء المعبر عنها وسط المناضلات والمناضلين، ثم الحرص على إنتاج الأرضيات المشتركة بين الاجتهادات، والإسهام الجماعي في ابداع مختلف الخطوات والقرارات والوثائق، أي في صنع … المستقبل.
ومن جهة أخرى سيكون من مصلحة الحياة السياسية في بلادنا، ومن المفيد لمسارنا الحزبي العام، تفعيل متابعة اعلامية وأكاديمية  رصينة لهذه المحطة التنظيمية والأساسية من عمر حزب التقدم والاشتراكية، وقراءتها وتحليلها ونقدها بعيدا عن السطحية والاختزال والتبسيط، وإنما من خلال محاورة الأفكار والمرجعيات، وأيضا السلوك السياسي والممارسات والمواقف، وكل ذلك بغاية الحرص الدائم على مصلحة التغيير الديمقراطي في بلادنا.

Top