خطوة تشريعية مهمة

صادق مجلس النواب بالإجماع على مقترح قانون يقضي بحذف فقرة من الفصل 475 من القانون الجنائي تتعلق بزواج القاصر من مختطفها أو المغرر بها. وينص المقترح الذي أحيل من قبل مجلس المستشارين على أن» من اختطف أو غرر بقاصر تقل سنه عن ثمان عشر سنة بدون استعمال عنف ولا تهديد ولا تدليس أو حاول ذلك يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى 500 درهم”.
لقد مثلت هذه الخطوة التشريعية التي أقدم عليها البرلمان تفاعلا ايجابيا مع نداءات الجمعيات النسائية والمنظمات الحقوقية التي ما فتئت تطالب وتناضل من أجل تغيير القوانين المغربية وملاءمتها مع القيم الحقوقية المنتصرة للمساواة ولكرامة المرأة، والحامية للنساء والفتيات والأطفال من العنف والتمييز.
وقد جسدت أيضا هذه المصادقة البرلمانية الاجماعية إشارة سياسية قوية تبرز إصرار المغرب على تطوير مساره الحقوقي والديمقراطي، وتمتين ديناميته الإصلاحية، كما أن كون المبادرة نبعت من داخل المؤسسة التشريعية، وهنا نسجل الجهد الفكري والنضالي لبرلمانيي التقدم والاشتراكية في الغرفتين، والعمل الرصين للمستشار والنقيب الأستاذ المناضل عبد اللطيف أوعمو بهذا الخصوص، فإن الأمر يلفت إلى أن تنمية وتحسين الأداء التشريعي لبرلماننا وتقوية الجودة الحرفية لأعماله، كل هذا ممكن متى تم تجاوز المناقشات العقيمة والملاسنات التافهة، وتوجه الاهتمام إلى جوهر الأشياء وصميم مسؤولية المشرعين.
إن التنويه هنا لا ينطلق فقط من كون الخطوة المشار إليها نتجت عن مقترح قانون، وإنما للتأكيد على أن مراكمة الانتاج التشريعي الصادر عن البرلمان، من شأنه إعطاء معنى لما حمله دستور المملكة من مكتسبات لصالح المؤسسة التشريعية، ومن ثم تطوير منظومتنا المؤسساتية والسياسية برمتها، وتأسيس وعي جديد بداخلها.
لا بد كذلك أن نشير هنا إلى أن تجريم زواج القاصر من مغتصبها، وبالتالي اعتبار المغتصب مجرما أولا ويجب أن ينال عقابه، يمثل  تفاعلا مع تنامي الظاهرة في مجتمعنا، وما تخلفه من مآسي، مثل حالة أمينة الفيلالي التي كانت قد انتحرت بواسطة تناول سم الفئران بعد إجبارها على الزواج من مغتصبها  في مارس من العام الماضي، وهو ما كان قد حرك كثير حركات حقوقية ونسائية للتنديد بهذه الأوضاع، والمطالبة بتعديل القوانين ذات الصلة، وإن مصادقة البرلمان اليوم على مقترح القانون المشار إليه تعتبر إعلانا عن مرحلة جديدة على هذا المستوى، أي تطوير ترسانتنا القانونية بما يجعلها تقوم على المساواة ورفض العنف والتمييز.

[email protected]

Top