جرائم في تيندوف

لم تستطع «البوليساريو» هذه المرة حجب ما يجري بداخل المخيمات عن أنظار وسائل الإعلام والمنظمات الدولية، ونجح شباب المخيمات

في فضح جرائم عناصر الجبهة وأجهزة النظام الجزائري، وإيصالها إلى الرأي العام الدولي.
إن مجرد إسقاط الحصار الإعلامي والطوق الأمني على المخيمات يمثل لوحده ضربة قوية تلقاها النظام العسكري الجزائري وصنيعته «البوليساريو»، كما يؤكد فشل القيادة المتحكمة في تيندوف وانفضاحها أمام العالم، وهذا ما جعلها لا تتردد في توجيه قمع وحشي عنيف لمواطنين أبرياء مدنيين تظاهروا ضد الانتهاكات والفساد ومن أجل الانعتاق، ولم تتردد عناصر الجيش الجزائري هي أيضا في قتل شابين صحراويين قرب الحدود الجزائرية الموريتانية.
ما يجري في تيندوف يكشف أن الاحتقان هناك بلغ مستوياته القصوى، وأن الأوضاع المعيشية والاجتماعية، خصوصا لدى الشباب، لم تعد تطاق، وذلك مقابل التلاعبات المكشوفة للقيادة المتحكمة في المساعدات الإنسانية الدولية الموجهة للمخيمات، ومن ثم، فإن انتفاضة الشباب هناك تحمل اليوم صرخة التحدي في وجه طغمة المراكشي وأسياده في الجزائر، وتقدم صفعة للهيمنة الجزائرية على المخيمات.
وعندما تضيف حاشية المراكشي وعناصر النظام الجزائري لجرائمها المتمثلة في القمع والحصار وحجب المساعدات، أي التجويع، جرائم أخرى مثل تحريم بيع المحروقات أو احتكارها من طرف أتباعها، والحرمان من التنقل، ثم لا تتردد كذلك في اقتراف القتل، فهي ببساطة  تقضي على الحق في الحياة، كما أنها تمارس التضييق والتمييز في مجال حق التملك، وتشجع التمييز الإثني بين القبائل والأسر، وتبتز الولاء والتأييد مقابل المساعدات الغذائية الإنسانية، وهذا كله يضعها في خانة مرتكبي الجرائم والانتهاكات، ويجب على المجتمع الدولي التصدي لذلك وحماية الناس.
وإن الإمعان في ممارسة هذه الخروقات الشنيعة لحقوق الإنسان، وتنامي السخط الشعبي ضدها، يهددان بتحويل المنطقة إلى خطر حقيقي، ما يدعو المجتمع الدولي إلى الانتباه والعمل لتفادي بروز كوارث إنسانية بإمكانها أن تتسبب في مشاكل وأزمات للبلدان المجاورة، وتزيد من تعقيدات الأوضاع الأمنية والإستراتيجية هناك، وتفاقم حجم المآسي الاجتماعية والإنسانية.
الاحتجاجات في تيندوف، وفضلا عن كونها تؤكد ضعف تمثيلية القيادة المتحكمة في «البوليساريو» وافتقادها الشرعية، فهي تعري عن وجهها الحقيقي، وهي أيضا كشفت على أن الشباب هناك ما عاد يطيق بؤس الأوضاع، كما أنه لم يعد يخشى همجية القمع المسلط عليه، وهو يصر اليوم على إبلاغ صوته إلى العالم كله.
[email protected]

 

Top