الأمن في الشوارع والأحياء

وسط انشغال وسائل الإعلام بتفاقم رداءة الخطاب والسلوك السياسيين في بلادنا، وفي خضم متابعة الجميع للمشاهد والفرجات الساخرة والعبثية التي يقدمها لنا يوميا الحقل السياسي، لا يبالي الكثيرون إلى الحجم المرعب للجرائم بمختلف مدن البلاد، ويعتبر ذلك من المشاكل التي يشكو منها المواطنات والمواطنون يوميا.
إن حالات السرقة والنشل والاستيلاء على هواتف وحقائب النساء والرجال باتت قصصا يومية يجري تداولها في مختلف مجالس الحديث، وخصوصا تلك التي تكون مرفوقة بالاعتداء الجسدي على الضحايا، أو بترك عاهات على أجسادهم…
ومشاهد الفتيان الذين يهجمون على مارة بواسطة مديات أو سيوف ويسلبونهم ممتلكاتهم، وأحيانا يتم ذلك فقط من أجل الاعتداء، وقد تصل الأمور إلى حد إزهاق أرواح بريئة، صارت تتكرر في أكثر من مدينة…
هذه الظواهر لم تعد حكرا على مدينة دون غيرها، وإنما صارت منتشرة في مناطق مختلفة من البلاد، والتعاطي معها بمنطق الأرقام الباردة أو بإحصاء ما جرت إحالته على مصالح الأمن والدرك، قد لا يقدم لنا المستوى الحقيقي لمعاناة الناس، ولكن من الضروري التعاطي مع ذلك انطلاقا مما يتداوله المغاربة يوميا، وأيضا مما تنقله الصحف والمواقع.
في مدينة عملاقة كالدار البيضاء مثلا تتناسل الحكايات يوميا بالعشرات، وأيضا في الرباط وسلا وغيرهما، وقبل أيام قليلة فقط في تمارة بالحي الصفيحي «دوار الخشانية»، ويحس الناس كما لو أن انفلاتا أمنيا يسود المكان، وأن الشارع لم يعد آمنا، بل حتى داخل بيوتهم أو في محيط المدارس بالنسبة لفلذات أكبادهم.
إن بواعث قلق المواطنات والمواطنين تعتبر مشروعة ومبررة، ولابد من أخذها بعين الاعتبار، وأيضا الحرص على التفاعل الإيجابي معها بكثير من الجدية والمهنية والسرعة لتحقيق الأمن والأمان والطمأنينة، ومن أجل حماية الناس في سلامتهم الجسدية وحرمتهم وممتلكاتهم…
فعلا، إن كسب هذا الرهان يتطلب انخراط أكثر من جهة وقطاع بغاية التربية والتوعية والتحسيس، وأيضا من أجل إنجاح الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية لتحسين ظروف عيش المغاربة، وخاصة الشباب، وذلك حتى تتقوى مناعة مجتمعنا تجاه الجريمة والعنف، ولكن قبل كل هذا لابد من تقوية الحضور الأمني في الشوارع ووسط الأحياء، وتعزيز كفاءة وجاهزية المصالح الأمنية وتمكين مواردها البشرية من كل الإمكانات المادية واللوجيستيكية الضرورية للعمل، وبالتالي جعل الأمن قريبا من الناس وفاعلا في التدخل لحمايتهم والدفاع عن مصالحهم.

Mahtat5gmail.com

Top