تأهيل سلا

انضافت، أول أمس، مدينة سلا إلى قائمة المدن التي أعطى جلالة الملك إشارة انطلاق برامج تأهيلها الحضري المندمج، وصارت ساكنتها

تتطلع إلى بعث دينامية جديدة في مسارها التنموي  العام.
التركيز هنا على سلا منطلقه ارتباطها التاريخي والموضوعي بعاصمة المملكة، وبالتالي قدرة عدوتي أبي رقراق على أن يجسدا معا قطبا حضريا واقتصاديا وتنمويا كبيرا يحقق الالتقائية والتكامل، ويؤسس لإنجاح مشاريع التجهيز والاستثمار والسياحة والتنمية الاجتماعية.
لقد عانت سلا طيلة تاريخها من العشوائية في التخطيط لنموها، ومن تحمل أعباء ترد عليها من الرباط ومن مناطق أخرى قريبة، وكان كل ذلك وراء تحول المدينة إلى أكثر مدن المغرب كثافة، من حيث عدد السكان القاطنين في المتر المربع، وانتشار الكثير من مظاهر الفوضى والاختلال والهشاشة على صعيد الحياة في المدينة بصفة عامة، وساهم ذلك أيضا في الحيلولة دون  تبلور قطب حضري وتنموي كبير يضم الرباط وسلا، ويؤسس لانطلاقة جديدة للضفتين.
إن برنامج التأهيل الحضري المندمج، الذي أعلن عنه أول أمس، من شأنه تثمين وإبراز ثراء الحاضرة السلاوية، باعتبارها من المدن العتيقة والعريقة في بلادنا، وبإمكانه كذلك المساهمة في تحسين إطار عيش الساكنة المحلية، ثم تحرير الانطلاقة التنموية للمدينة، وإيجاد آفاق لها، وكل هذا شريطة الالتزام بتطبيق محاور البرنامج المذكور، واحترام الآجال المعلنة، والحرص على جودة الانجاز والتدبير والحكامة في مختلف مراحل المسلسل التطبيقي.
تعاني سلا من معضلة النقل الحضري، وتلك مشكلة لا تهم المدينة وحدها، وإنما تعني ساكنة الرباط ومدنا أخرى، وكل مستعملي الطريق الرئيسية والقنطرة الرابطة بين ضفتي أبي رقراق، ولهذا فالأمر يعتبر أولوية.
وتشهد سلا غياب التوازن على مستوى البنيات التحتية والتجهيزات بين أحيائها، بالإضافة إلى الضعف الكبير على صعيد المؤسسات الثقافية والبنيات الفندقية والسياحية، وبخصوص الشبكة الطرقية، وفي التخطيط العمراني والجمالية التعميرية، كما أن مدينتها العتيقة  يلفها التهميش وتتربص بها المخاطر من كل جانب، وهي وحدها تتطلب استنفارا كبيرا، وبرامج استعجالية تستحضر الفضاءات والأمكنة وقيمتها التاريخية والرمزية، ولا تغفل الإنسان، أي السكان والحرفيين والتجار والصناع التقليديين، ومختلف مكونات فضاء العيش والحياة، وبالتالي ربط المدينة العتيقة وساكنتها بالدينامية العامة للمدينة ككل، وتحقيق الاندماج والتكامل.
إن برنامج تأهيل سلا، وعلى غرار ما جرى من قبل بالنسبة لكل من مراكش وطنجة وغيرهما، يجسد مشروعا مهيكلا كبيرا من شأنه إعادة الاعتبار لمدينة سلا، وأيضا استثمار إمكاناتها وموقعها بغاية إنجاح قطب تنموي أساسي بامتدادات تتجاوز البعد المحلي المرتبط بمدينة واحدة.

Mahtat5gmail.com

 

Top