مسيرة برتقالية لمناهضة العنف ضد النساء

مئات النساء من مختلف الأعمار والفئات والجهات ينتمين لشبكات هيئة المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية والسياسية والنقابية، فضلا عن عدد من أفراد أسر عدد من الضحايا اللواتي أودى العنف بحياتهن، وضحايا انتهاء الحق في الأرض اللواتي تمثلهن النساء السلاليات، خرجن السبت  الماضي بالرباط بمناسبة الأيام الأممية لمناهضة العنف ضد النساء يؤازرهن عدد من الفاعلين الحقوقيين والسياسيين والبرلمانيات والبرلمانيين والمحامين والأطباء، في مسيرة رفعن فيها ثلاث لاءات “لا للعنف والتمييز، ولا لعرقلة المناصفة والمساواة ، ولا للتماطل في مباشرة ورش إصلاح العدالة الجنائية للنساء.
المسيرة التي جاءت بمبادرة من تحالف ربيع الكرامة، انطلقت من ساحة باب الأحد بالعاصمة في اتجاه بناية البرلمان ،مرورا ببناية الإدارة العامة للأمن الوطني ، توشح المشاركات والمشاركون فيها بسترات برتقالية اللون كأنهن(هم) بذلك يرفعن مستوى التحذير اتجاه آفة العنف الذي مافتئ يتوسع مداه داخل المجتمع ،والذي في الغالب ما يحصد أرواح نساء وفتيات ليس لشيء سوى لأنهن نساء، أويترك علامات تشوه على أجساد اللواتي تم إنقاذهن بأعجوبة من موت محقق أو في الكثير من الأحيان يصيبهن بعاهات مستديمة ، هذا دون أن يطال مقترف العنف أي عقاب ، حيث أبرزت شهادات صادمة قدمها أفراد أسر ضحايا العنف خلال هذه المسيرة المآسي والمعاناة بل وجرائم الاغتصاب والقتل الوحشية التي اقترفها الجناة في حق زوجاتهم أو حق فتيات ونساء دون أن تصدر في حقهم أحكام قضائية رادعة.
هذا واعتبر المنظمون أن المسيرة جاءت لدق ناقوس الخطر من جديد وتذكير الحكومة أن حقوق النساء جزء لايتجزأ من حقوق الإنسان في كونيتها والحريات الأساسية، والمطالبة بإقرار قوانين تحمي النساء والفتيات من التمييز والعنف بشتى أنواعه ،ووضع تشريعات تجرم زواج القاصرات وتمنع تشغيل الطفلات وقانون إطار خاص بالخدمة في البيوت، وأن المسيرة إعلان عن التضامن مع النساء والطفلات ضحايا كل أنواع العنف والتمييز بسبب الجنس وحقهن في قوانين عادلة وفي الولوج إلى العدالة والانتصاف وحقهن في التعليم والصحة والسكن والأرض، كما هي مساندة للنساء السلاليات في معركتهن من أجل الاستفادة من التعويضات المتأتية عن العمليات العقارية بالأراضي الجماعية ، ودعم للمطالب العادلة للمرأة العاملة ولحقها في الكرامة والمساواة.
وأبرزت  خديجة الروكاني عضوة التحالف، أن المسيرة تعد صرخة مدوية أطلقها المشاركون والمشاركات وأسر ضحايا العنف والتمييز والإقصاء لعلها تصل إلى الجهات المعنية ، فمن جهة فهي تعد شجبا لما تشهده بلادنا من ترويج لخطابات قدحية تمييزية وتراجع ممنهج على مكتسبات النساء المغربيات، ومن جهة أخرى فهي تحذير اتجاه مختلف العراقيل حيال إحقاق حقوق النساء والتنصل من الالتزامات الدولية والوطنية التي تعهد بها المغرب على مستوى إعمال حقوق الإنسان وسن قوانين تستجيب لمطلب الملاءمة مع المواثيق الدولية التي يعد طرفا فيها ومع المقتضيات التي حملها دستور 2011، والتي تكون عواقبها وخيمة ليس فقط على النساء والرجال على السواء بل على البلد برمته حيث تحول دون  بناء مغرب الحداثة ،الديمقراطية والحق والقانون.
هذا وفي الميثاق المؤطر للمسيرة والذي أصدره تحالف ربيع الكرامة والذي يضم مكونات الحركة النسائية ، والهيئات الحقوقية والسياسية والنقابيةـ تم التأكيد أن  إعمال حقوق النساء والنهوض بأوضاعهن يمر حتما بمشاركة المرأة ،مناصفة مع الرجل في تصميم وتنفيذ ورصد السياسات والبرامج ، كما يمر عبر المشاركة الفعالة للجمعيات والشبكات النسائية والمنظمات غير الحكومية مع احترام استقلاليتها.
ومن جانبها، دعت  فيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، التي تعد مكونا للحركة النسائية المغربية، والتي شاركت في المسيرة ،(دعت) الحكومة إلى تسريع تنزيل ما ورد في الرسالة الملكية بمناسبة افتتاح المنتدى العالمي لحقوق الإنسان بمراكش مؤخرا، وذلك بالعمل تنصيب هيئة المناصفة ومناهضة كل أشكال التمييز ، باعتبارها هيئة دستورية ، وإخراج إلى الوجود قاون خاص بمناهشة العنف ضد النساء وقانون الخدمة في البيوت الذي يعني بالأساس الفتيات، بالإضافة إلى النهوض بالمساواة بين الجنسين وتمكين النساء من الاعتماد على الذات.
ولم يفت الفيديرالية بالمناسبة، أن تجدد تنديدها لما تتعرض له النساء المغربيات من عنف بشتى أشكاله والذي بلغ حسب التقرير الأخير لشبكة الرابطة إنجاد لسنة 2013 إلى 7309 فعل عنف أي بمعدل 03 أفعال عنف مورست ضد كل امرأة من النساء الوافدات على مراكز الإستماع المشكلة للشبكة ،مبرزة أن الرصد الإعلامي  الذي قامت به الفيدرالية ، فإنها سجلت 339 فعل عنف جنسي و134 فعل عنف جسدي (47 حالة قتل وأربع حالات محاولة قتل ) و 24 حالة انتحار و08 حالات حاولن الانتحار.
كما نددت بالحملة  التي وصفتها “بالمسعورة” التي يشنها مجموعة من الأشخاص منهم الملقبين ” الشيخ سار ومول الكاسكيطا ” عبر تسجيلات بالفيديو تم نشرها في اليوتوب تستهدف كرامة النساء وحرمتهن الشخصية ، والتهجم على الجمعيات الحقوقية والنسائية ونعت المناضلات النسائيات بالعاهرات، في تحريض معلن على العنف ضدهن والمساس بسمعتهن، وطالبت في هذا الصدد  بالمتابعة القضائية للمحرضين على التحرش الجنسي و العنف و التمييز ضد النساء باعتبارها جرائم تنتهك حقوق الإنسان وتخرق الدستور المغربي و تستغل الدين الاسلامي لتبرير العنف ضد النساء.
فيما أفادت دائرة المرأة والشباب ومقاربة النوع المنبثقة عن المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل ، خلال مشاركتها في هذه المسيرة، أنها تسجل خطر تنامي الاعتداءات الجنسية والجسدية والمعنوية على النساء وضمنهم نساء التربية والتعليم ،سواء داخل المؤسسات التعليمية أو خارجها ، مشددة على ضرورة العمل المشترك في أفق تفعيل دور المنظومة التعليمية لنشر التربية على المساواة والاعتراف بالحقوق الأساسية والكاملة للعنصر النسوي جنبا إلى جنب مع الذكور.
هذا واعتبر الائتلاف المدني من أجل جهوية ديمقراطية، الذي ساند المسيرة وشارك فيها، أن المساواة والتمكين ومناهضة التمييز وكل أشكال الحيف والاستغلال، مبادئ مؤسسة لجهوية ديمقراطية تساهم في تثمين المكون البشري وطنيا وجهويا ومحليا، مبرزا أن معركة المساواة والمناصفة والجهوية مداخل أساسية مترابطة ومتكاملة للبناء الديمقراطي ببلادنا،وهي تهم عموم الحركات المناضلة والعاملة على احترام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والتقارير ذات الصلة، والمقتضيات الايجابية للدستور المغربي في هذا الشأن.

Top