التنسيق النقابي

تشكل الخطوة التنسيقية التي أقدمت عليها ثلاث مركزيات نقابية بادرة مهمة لتمتين آليات النضال الاجتماعي لشعبنا، وللتخفيف من سلبيات التشتت على صعيد العمل النقابي، وضمن هذا الأفق يجب إدراج المبادرة، وليس في خانة التقييمات قصيرة النظر.
لقد نبه الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، أثناء حفل الإعلان عن هذا التنسيق، بكون القرار «غير المسبوق»، ليس «اختيارا تاكتيكيا ولا مرحليا»، وإنما هو قرار ينم عن قناعة راسخة لدى كل الهيئات والمنظمات النقابية، ومن خلفها عموم الطبقة العملة، بـ «ضرورة الخروج من حالة التعددية والانقسام إلى مرحلة يتم فيها تنسيق المبادرات، وتوحيد جهود المناضلين النقابيين، وتوحيد المواقف للتصدي لمحاولات ضرب الحركة النقابية والطبقة العمالية».
وعندما نعيد هنا إبراز هذا التصريح، فلكي نلفت إلى أهميته أولا، وإلى أن العمل النقابي في بلادنا مطالب هو أيضا بالتأهيل الذاتي، أي بالخروج من منغلقات الحسابات الحزبية والسياسية، والإقدام بشجاعةعلى تقوية السير الجماعي نحو «الخروج من حالة التعددية والانقسام…»، وهنا بالذات سيكون في إمكان الحركة النقابية أن تستعيد مجدها وديناميتها واستقلاليتها، وأيضا زخمها النضالي وقوتها التعبوية والتأثيرية.
إن الحدث الذي شهده مقر الاتحاد المغربي للشغل يجب أن يكون منطلقا لدينامية أشمل وأكبر تروم الوصول إلى الوحدة النضالية والميدانية للطبقة العاملة المغربية، وذلك ضمن استقلالية واضحة وتوجهات تقدمية وبنيات تنظيمية ديمقراطية، وأيضا في إطار التفاعل والتكامل مع نضالات كل القوى الديمقراطية والتقدمية والحركات المدنية لخدمة المصالح العليا لبلادنا وشعبنا.
من جهة أخرى، فإن الدينامية المنبعثة اليوم من هذا التنسيق الثلاثي، يجب أن تستحضر كذلك ضرورة  توسيع قاعدة التنقيب وسط الشغيلة، وتمتين التنظيم والوعي النقابيين، حتى نكون أمام قوى ذات تمثيلية حقيقية في الميدان، وبإمكانها التأثير في مجريات التحولات الإصلاحية المجتمعية الكبرى.
أما الرهان الآخر، فيتعلق بكون هذا التنسيق لا يتم بشكل معلق في السماء، وإنما هو محكوم بالشروط الموضوعية التي يفرضها واقع المجتمع، ومن ثم فنجاح المسعى مرتبط بوضوح الرؤى والوعي باللحظة وسياقاتها السياسية والاقتصادية والإقليمية والدولية، أي أن الخطوة النقابية ليست ذات هدفية تصارعية فقط، أو أنها بلا غايات إستراتيجية.
إن أهداف مثل: السلم الاجتماعي، استقرار البلاد، التنمية الاقتصادية والإصلاح السياسي هي تعني الطبقة العاملة أولا، ومن ثم فهي، وتمثيلياتها النقابية، معنية، قبل غيرها، بالدفاع عنها وصيانتها.
في الخلاصة، إن التنسيق المعلن عنه بين المركزيات الثلاث هو خطوة مهمة لابد من إسنادها وتشجيعها، ثم إنها أيضا في حاجة لأن تندرج ضمن مشروع متكامل يوحد الأطراف المنخرطة، ويكون مستجيبا لطموحات الشغيلة، ولتطلعات شعبنا وبلادنا.
[email protected]

Top