الدخول المدرسي تحت يافطة كورونا

صدر مؤخرا عن وزير التربية والتعليم العالي والتكوين المهني مقر السنة الدراسية 2020/2021 وتضمن كسابقيه تنظيم الدخول المدرسي. إلا أنه في هذه السنة سيكون التعليم حضوريا مع الإبقاء على آلية التدريس عن بعد ضمن الإمكانيات المتاحة والبديلة إذا تعذر التحاق التلميذات والتلاميذ بأقسامهم. وهذا التحفظ في تعديل مقرر وزارة التربية والتعليم يبدو لي شيئا منطقيا ويمكن تكييفه وفق ما ستؤول إليه الحالة الوبائية بالمغرب. لكن، بالرغم من كل هذا، استبشر التلاميذ ومعهم المدرسون وكل العاملين في الحقل التربوي خيرا بهذا القرار الذي يزف خبر الدخول المدرسي الفعلي يوم السابع من شهر شتنبر وتمنوا لو أن المعجزة تحققت بالتوصل إلى لقاح يغنينا عن البحث في سيناريوهات لا نقبلها إلا على مضض..
لكن السؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل مغربي يتابع عن بعد القرارات التي ستخرج بها وزارة التربية والتعليم ، وبعيدا عن المغالطات السفسطائية، هل في إطار المزاوجة التي حددتها الوزارة المعنية بالإعلان عن الدخول المدرسي يوم السابع من شتنبر، وقرار الحكومة بتمديد حالة الطوارئ إلى غاية 10 شتنبر، قامت وزارة التربية الوطنية بإعداد سيناريوهات أكثر واقعية وأكثر جدية وأكثر نجاعة لتعويض التعليم الحضوري، سيما إذا استفحل فيروس “كوفيد 19 “، وعرف منحى تصاعديا في عدد الإصابات والوفيات .
وماذا لو دام التوقف الاضطراري عن الدراسة إلى ما لانهاية واضطرت المؤسسات إلى إقفال أبوابها إلى حين استقرار الوضع الوبائي. هل سيتم تعويض الدروس الحضورية، بجميع موادها المسطرة في برامج كل سنة من سنوات التدريس، بدروس عن بعد لكن بجعلها إجبارية لا اختيارية ومراقبة كذلك من طرف الوزارة الوصية على القطاع؟.
أم أن القرارات في مجال التربية والتعليم هي قرارات رجعية ويتم الرجوع فيها أو تعديلها أو حذفها بحكم الهوى دونما اعتبار لمصلحة التلميذ وأسرته أو تأمين زمن التدريس.
إن صدور المقرر الوزاري لوزارة التربية والتعليم برسم سنة 2020/2021 يظل، رغم السياق التاريخي أو الهاجس الوبائي الذي خرج فيه إلى الوجود، نقطة أمل كبيرة، آمل أن تتبدد من حولها كل المخاوف وتصبح في مهب الريح إذا اجتمعت فعلا إرادة الجميع لهزمها والسيطرة عليها وذلك بغية تأمين التعليم لبناتنا وأبنائنا والمضي قدما نحو مشروع بناء النموذج المغربي كما تمناه عاهل البلاد الملك محمد السادس.
وكلما تذكرت صورة تلك الطفلة الفلسطينية إبان الحرب على الضفة الغربية، وهي تنتشل كتابا مدرسيا من الأرض بعدما تهدم بيتها الذي تعيش فيه، وتبكي بحرقة ومرارة على المدرسة، إلا واستحضرت بكل مشاعري حنين آلاف التلميذات والتلاميذ الذي يتلوعون شوقا للعودة مجددا إلى أقسامهم للنهل من فيض العلم وارتشاف عذوبة تلك السويعات التي فاتتهم من عمرهم الدراسي.
لذا نحن واعون بالمسؤولية التي على عاتق وزارة التربية الوطنية وهي مسؤولية جسيمة بالفعل وواثقون كذلك أنها لن تدخر جهدا في إعطاء مجال التربية والتعليم العناية التي يستحقها بتسخير كل المقومات والركائز والتدابير المعقلنة ليصبح تعليمنا ينافس في طاقاته وإبداعاته البلدان المتقدمة ونكون بذلك أمة تقدس وتعظم الكتاب والقلم.

*أستاذ باحث في شؤون التربية والتعليم

 بقلم : عبد الصادق أغرابي*

Related posts

Top