السلفيون على عتبات… السياسة

تباينت الآراء والتقييمات بخصوص إقدام عدد من السلفيين، الذين سبق أن كانوا معتقلين بموجب قانون الإرهاب، على الالتحاق بحزب(النهضة والفضيلة)، وبالتالي الانخراط في العمل السياسي، وذلك بين من يرى أن المقاربة الأمنية هي التي حكمت الخطوة المذكورة، ومن يعارض الفكرة في مبدئيتها، وثالث يعارض فقط الآلية والوسيلة، أي الوعاء الحزبي الذي احتضن الملتحقين الجدد…
وبالرغم من أن بعض المواقف والكتابات التي برزت في الفترة الأخيرة، اختارت ركوب الخطوة لممارسة فعل معارض( فشي شكل)لطرف حزبي كان قد أقدم، هو الآخر، على الاندماج قبل سنوات، وتحاججه بكون خطوة اليوم هي تماما مثل خطوة الأمس ولا فرق، فمع ذلك يستحق موضوع اندماج سلفيي اليوم في العمل السياسي تأملا جديا، ونقاشا حقيقيا ليس بالضرورة بنفس أدوات أمس.
إن المستجد الكبير والبارز اليوم يتركز في السياق، أي أننا نعيش ضمن سياق مختلف، إقليميا بالخصوص، وهذا يطرح كثير تحديات للمستقبل.
في جوارنا نتابع اليوم ما تمارسه تنظيمات سلفية في مصر وتونس، بالإضافة إلى ممارسات لا تختلف كثيرا، تجري بدورها في اليمن، وبشكل أقل في لبنان، وفي بلدان أخرى، وهذه السياقات لابد أنها تفرض علينا قراءة خطوة سلفيينا من داخل تداعياتها، ومن ثم التساؤل عما إذا كان سلفيونا يختلفون عن نظرائهم في مصر وتونس مثلا، أم أنهم يتوحدون معهم ضمن منظومة فكرية واحدة، وترتيبا على ذلك التساؤل أيضا عن مدى قدرة حزب(النهضة والفضيلة)على تأطير الوافدين الجدد، أم أنه سيستسلم بعد مدة لامتدادهم، ويترك لهم الجمل بما حمل، ونصير أمام(حزب سلفي)…على المكشوف.
إن مقاربة الخطوة المشار إليها يجب أن تتم بعيدا عن أية حسابات حزبوية ضيقة، ويجب أن يتركز النقاش حول المبادئ المؤطرة، وحول المنظور العام والعلاقات داخل المجتمع أولا وقبل كل شيء.
إن المغرب يختلف عن مصر وتونس وسواهما من حيث المجال الاجتماعي، ومن حيث التراكم التاريخي والثقافي، والعقلية العامة لشعبه المتنوع والمتسامح والمنفتح، وهذا معطى جوهري لابد من اعتباره خطا أحمر لكل الفاعلين في الميدان السياسي.
وان المغرب عاش مساره الإصلاحي والديمقراطي بشكل مختلف كذلك عن باقي الحراكات الأخرى في المنطقة، ولهذا لابد من تحصين هذا المكتسب الأساسي، والحرص على تطويره بما يقدم دينامية الدمقرطة والتحديث والتنمية في البلاد.
وان المغرب يتميز بتعدديته السياسية والحزبية والمجتمعية والثقافية، وهي التي مكنته دائما من تجاوز كل المعضلات، كما أن للبلاد ثوابت سياسية ومؤسساتية ودينية وثقافية لابد من احترامها من لدن الكل، والاحتكام عند الاختلاف إلى الدستور، والى دولة القانون والمؤسسات.
هي إذن ثوابت ومحددات لابد أن يستحضرها من ينخرط في العمل السياسي المدني بالمغرب، ويحتكم إليها بعيدا عن كل ازدواجية للخطاب، أو خلط بين الدين والسياسة، والأهم استحضار… السياق.
[email protected]

Top