العنف مرفوض أولا وقبل كل شيء

فرض الاعتداء الإجرامي الشنيع الذي تعرض له الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية في آسا على أغلب المحللين والمتابعين للشأن السياسي الوطني الانتباه إلى تنامي سلوكات العنف والتوتر داخل المنظومة السياسية والحزبية وفي العلاقات بين مكوناتها، وحذروا من مواصلة تشجيع هذه السلوكات المستجدة، أو السعي إلى التطبيع معها، لأن ذلك قد يفضي إلى مآلات خطيرة قد لا تدركها اليوم بعض العقول القاصرة التي ابتليت بها ساحتنا الحزبية.
إن تحويل جلسات البرلمان التي يتابعها المغاربة عبر التلفزيون، إلى ساحة لتبادل أقذع الشتائم وأحطها بين الفرقاء، والإمعان في اختلاق سجالات هامشية لا يكون هدفها سوى وقف كل مشروع للإصلاح، وإغراق البلاد كلها في مناقشات عقيمة وبلا أي أهمية للناس، كل هذا هو الذي يحول السياسة والسياسيين في نظر المواطنين إلى شيء بلا أي جدية  أو قيم أو أخلاق، ومن ثم تتأسس القناعة أن» أولاد عبد الواحد كلهم واحد»، وأن الجميع يستحق التعنيف والمحاصرة والتهديد، بل والضرب كذلك.
لقد صار اليوم واضحا أن كل الذين جروا السياسة إلى مستنقعات الانحطاط والتفاهة هم مسؤولون معنويا وأدبيا عن هذا الذي يحدث حوالينا.
من جهة أخرى، يستغرب المرء فعلا عندما يسمع أو يقرأ لمن يسارع بكثير من الخفة والسطحية إلى القول بأن الاعتداء في آسا حدث تعبيرا عن غضب ما من السياسات الحكومية الموجهة للأقاليم الجنوبية وسكانها، وكأنما يصر بذلك على تمكين المعتدين من مبررات للترافع، أو لتفسير الفعل الجرمي الواضح، أو كما لو أن هؤلاء ينسون  من المسؤول عن مختلف السياسات والسلوكات في هذه الأقاليم الغالية، ومن يتولى تدبير الجماعات المحلية هناك، ومن يرفل في نعم الريع منذ سنين طويلة ويحميه بيافطات حزبية هي أيضا معروفة لدى الجميع، وينسى هؤلاء كذلك كل ما قيل وكتب عن نموذج جديد للتنمية في هذه المناطق، ويمسكون فقط بعمى البصر والبصيرة ليرموا بالاتهام البليد.
الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يسجل لفائدته ولصالح حزبه هذا الإصرار الواضح على الحضور وسط الناس في مختلف مناطق البلاد والمساهمة في التأطير السياسي والوطني، والتنقل الى أبعد نقط الجغرافيا المغربية، وفي كل هذه اللقاءات يلتزم بخطاب سياسي واحد وواضح، كما أنه يصر على الدفاع عن الاصلاح ومحاربة الفساد والمفسدين ولا يحميهم أو يزكيهم، بالإضافة الى أنه لا يتردد في الدفاع القوي عن وحدة البلاد واستقرارها، وعن القانون ودولة المؤسسات، وهذه الممارسة الحزبية الجادة  والمصرة على استقلاليتها هي التي ربما تزعج، ولكنها هي التي يجب أن تسود حياتنا السياسية الوطنية لمصلحة البلاد ومستقبلها الديمقراطي.
البلاد اليوم في حاجة ماسة كي تنتبه طبقتها السياسية إلى القضايا الجوهرية، وكي تركز على تطلعات المغاربة إلى الاستقرار والوحدة والتنمية والتقدم والديمقراطية، وفي هذا المسار  ومن أجل إنجاحه لابد أن يرفض الجميع العنف أولا وقبل كل شيء.
[email protected]

Top