اليوم السادس عشر: الضربة‭ ‬العسكرية‭ ‬على‭ ‬القذافي

-النيويورك تايمز: قطر تلعب بالنار في ليبيا
-سيف الإسلام: كوسا مريض وسيخترع قصصا غريبة

أعلن سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي معمر القذافي أمس الثلاثاء في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أن وزير

الخارجية الليبي السابق موسى كوسا الذي انشق الأسبوع الماضي ولجأ إلى بريطانيا «مريض» وهذا هو السبب الوحيد لرحيله.
وقال سيف الإسلام في مقابلة مع إذاعة «بي بي سي4» انه «في ما يتعلق بموسى كوسا لقد قال لنا انه مريض وانه يجب أن يتوجه كل ثلاثة أشهر إلى مستشفى كرومويل في لندن (…) ولقد سمحنا له بالتوجه إلى جربة في تونس أولا. وليس هناك مشكلة في هذا الأمر».
وردا على سؤال حول الأسرار التي يقول موسى كوسا أنه يعرفها بخصوص نظام العقيد معمر القذافي، قال سيف الإسلام «انه مريض ومسن، وبالتأكيد فانه سيخترع قصصا غريبة».
وأضاف «أية إسرار؟ إن الأميركيين والبريطانيين يعرفون كل شيء حول لوكريي، لم يعد هناك إسرار» في إشارة إلى اعتداء لوكريي الذي نسبت مسؤوليته إلى الليبيين وأوقع 270 قتيلا في العام 1988.
وأعلنت اسكتلندا أول أمس الاثنين أن محققيها سيستمعون في «الأيام المقبلة» لموسى كوسا الذي يشتبه في ضلوعه في الانفجار على متن طائرة البانام فوق بلدة لوكريي الاسكتلندية.
ووصل موسى كوسا الأربعاء الماضي إلى لندن بعدما انشق عن النظام. وكان القضاء الاسكتلندي أعلن انه «ابلغ وزارة الخارجية البريطانية بان السلطات القضائية الاسكتلندية ترغب في الاستماع لكوسا بخصوص اعتداء لوكريي».
وأضاف سيف الإسلام «نتعرض للقصف منذ أسبوعين، تصوروا حجم الضغط النفسي. وإذا كان الشخص مريضا ومسنا، فسيستقيل. أنها الحرب». وتابع ردا على سؤال ما إذا كان العقيد القذافي سيطرد من السلطة «سوف ترون».

انشقاق وسط قيادة الثورة الليبية
أفادت تقارير بأن قيادة الثورة الليبية منقسمة بشأن إدارة حملتها العسكرية في وقت يحاول الثوار تأكيد مصداقيتهم في الغرب بعد خسارة كل المواقع التي سيطروا عليها سابقًا بدعم من الضربات الجوية لقوات التحالف الغربي. 
ويأتي هذا الخلاف في وقت ما زالت القيادة العسكرية لقوات الثوار تواجه صعوبة بسبب انعدام الانضباط العسكري بينهم، متسببًا في تعطيل حملتها ومقتل 13 ثائرًا ومسعفًا في غارة جوية استهدفتهم بطريق الخطأ بعدما أطلق احدهم نيران مدفع مضاد للجو عشوائيًا في الهواء.
وتعترف قيادة الثورة في المجالس الخاصة بأن النصر العسكري مستبعد حتى بإسناد جوي من التحالف الغربي، وهي تبحث عن مسار دبلوماسي أو تراهن على انهيار النظام من الداخل على الرغم من أنها ما زالت تحاول التشجيع على قيام انتفاضات في المدن التي تسيطر عليها قوات القذافي، كما قالت صحيفة الغارديان البريطانية. 
وهناك إدراك في عاصمة الثوار بنغازي بضرورة استمرار الحملة العسكرية كوسيلة للدفاع ومواصلة الضغط على القذافي.  كما تدرك قيادة الثورة أنها تحتاج إلى بناء قوة عسكرية ذات مصداقية، وسط قلق متزايد في الغرب إزاء تصرف آلاف من الشبان غير المنضبطين لكنهم مسلحون حين يدخلون مدن أخرى تقع بأيدي الثوار، بحسب الغارديان.
وكان المجلس الانتقالي للثوار قرر تعيين عمر الحريري بمثابة وزير دفاع واللواء عبد الفتاح يونس قائدا لقوات الثوار بأمل أن يتمكن من كسب مزيد من الضباط الذيت ما زالوا في صفوف جيش القذافي.  ويعول على هؤلاء ليكونوا العمود الفقري لقوات الثوار ولكن الدلائل ما زالت محدودة على نجاح هذه الخطوة. 
وبسبب أداء اللواء يونس الذي خسر مرتين مكاسب تحقق ضد قوات القذافي أخذ الثوار يبحثون عن بديل.  وقالت صحيفة الغارديان أن المواطنين الليبيين الاعتياديين في مدن الثوار كانوا ينظرون بعين الشك إلى اللواء يونس بسبب خدمته الطويلة في نظام القذافي والاعتقاد بأن من المتعذر ألا توجَّه إليه أصابع الاتهام في بعض جرائم النظام حين كان وزيرًا للداخلية.  ولاقى المجلس الانتقالي صعوبة بالغة في إقناعهم بقبول تعيينه.
وكان المجلس قد أعلن في وقت سابق تعيين العقيد خليفة بلقاسم حفتر قائدًا للحملة العسكرية.  والعقيد حفتر قاتل في حرب ليبيا ضد تشاد إبان الثمانينات قبل أن يقع في الأسر وينضم إلى قوة مناوئة للقذافي بإدارة وكالة الاستخبارات المركزية ، كما قالت صحيفة الغارديان.  ثم انتقل إلى الولايات المتحدة للإقامة في ولاية فرجينيا.  ولكن المجلس عاد وأعلن تولي اللواء يونس مهام عمله من جديد.  وحين سُئل أعضاء في المجلس عن هذا التأرجح نفوا وجود تغيير. 
ولكل من اللواء يونس والعقيد حفتر قاعدته ومنتقديه بسبب ماضيهما.  ونقلت صحيفة الغارديان عن أعضاء في القيادة السياسية للثوار أن حفتر عاد إلى ليبيا بغطرسة متوقعًا أن يُسلم تلقائيًا مسؤولية الحملة العسكرية ضد القذافي.
وقبل أيام بدا أن العسكريين حاولوا تجاوز المجلس الانتقالي بإعلانهم تعيين العقيد حفتر قائدًا لقوات الثوار واللواء يونس رئيس هيئة الأركان.  ولكن المجلس لم يوافق على هذه التعيينات.

قطر تلعب بالنار
في وقت تربط قطر علاقات ودية بإيران حتى مع عملها كقاعدة للجيش الأميركي، لطالما ظل للدوحة واحدة من السياسات الخارجية الأكثر إبداعاً في تلك المنطقة غير المستقرة.
لكن الآن، مع إرسالها قوتها الجوية الصغيرة كي تشارك في العمليات العسكرية فوق ليبيا وتقديم مساعدات محورية أخرى للمتمردين الليبيين في نضالهم من أجل الديمقراطية والحرية، تلعب تلك الدولة الخليجية شديدة الثراء دوراً أكثر طموحاً وربما أكثر خطورة، على حسب ما ذكرت اليوم صحيفة «النيويورك تايمز» الأميركية.
لكن بالنسبة إلى ملكية مطلقة كانت جزءًا من تحالف يؤيّد تحرك المملكة العربية السعودية في البحرين لسحق الاحتجاجات الديمقراطية هناك، يبدو ذلك أيضاً أمرًا غير منطقي إلى حد ما. ولفتت الصحيفة كذلك إلى أن قطر أصبحت منذ أسبوع أول دولة عربية تمنح الاعتراف السياسي للمتمردين الليبيين، وتقوم طائراتها المقاتلة الست طراز ميراج جنباً إلى جنب مع شركاء التحالف الغربي الغطاء السياسي للولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين في منطقة مفعمة بالشك إزاء التدخل الخارجي.
وقال مسؤولون قطريون إنهم يبحثون عن طرق تعني بتسويق النفط الليبي من أية موانئ، ربما يستحوذون عليها في المستقبل، لمنح المتمردين الدعم المالي اللازم، كما إنهم يبحثون عن طرق لتدعيمهم ومدّهم بالإمدادات الغذائية والطبية.
في الوقت عينه، تقوم قطر، التي تعتبر مقراً لفضائية الجزيرة الإخبارية التي تحظى بدعم الحكومة القطرية، بمساعدة المعارضة الليبية على إنشاء محطة تلفزيونية باستخدام القمر الفرنسي، لمناهضة والردّ على ما تروّجه وسائل الإعلام التابعة للحكومة الليبية.
وأشار خبراء معنيون بمتابعة الشأن القطري إلى أن السياسات الحالية تنسجم مع هدفين تضعهما الدوحة منذ مدة طويلة: أولهما الظهور باعتبارها لاعباً عالمياً رغم صغر مساحتها الجغرافية، وثانيهما اللعب ضد جيرانها الأقوى، وخصوصاً السعودية وإيران، لحماية سيادتها وثروتها الخاصة بالغاز الطبيعي، طبقاً لما قالته الصحيفة.
من جهته، قال توبي جونز، مؤرخ الشرق الأوسط الحديث في جامعة روتغرز الأميركية «يطالب القطريون بحقهم في أن يكونوا صوتاً بارزاًَ في تحديد القومية العربية بالنسبة إلى العرب بغضّ النظر عن موقعهم. وكانت تسعى إدارة البلاد إلى الخروج من ظل جيرانها الإقليميين الأكثر قوة مثل السعوديين والإيرانيين».
وسبق للقادة العسكريين والسياسيين الغربيين أن أثنوا على الحكومة القطرية، قائلين إن تدخلها في ليبيا يعدّ نقطة تحول للمنطقة. وأوردت الصحيفة الأميركية هنا عن غيرارد لونغيه، وزير الدفاع الفرنسي، قوله: «تلعب قطر دوراً مهماً في تلك الفترة. وهذه هي أول مرة يكون فيها مثل هذا المستوى من التفاهم بين أوروبا والعالم العربي».
وعلى مدار العقد المنقضي أو نحو ذلك، نجحت قطر بمهارة في التقليل من شأن المجموعات المتنافسة من حلفائها في المنطقة – مصر والسعودية في مواجهة إيران وسوريا – لتحقق بذلك حالة من الحيادية سمحت لها بلعب دور الوسيط في صفقات سياسية بكل من لبنان والسودان واليمن. وفي الوقت عينه، منحت الجزيرة صوتاً للمعارضين، وأثارت غضب الحكام المستبدين في المنطقة، وَوُجِّه إليها اللوم والثناء على حد سواء بسبب الدور الذي لعبته كقوة دافعة وراء «الربيع العربي» الحالي.
كما تبرعت قطر بمئات الملايين من الدولارات لضحايا إعصار كاترينا، والفيضانات التي اجتاحت باكستان، والحروب الأهلية في دارفور. كما فازت بشرف تنظيم بطولة كأس العالم عام 2022 اعترافاً بمكانتها كواحة للاستقرار ووسيط عالمي. ويلحظ المؤرخون على مدار تاريخها أن قطر وقعت تحت تأثير مجموعة متنوعة من القوى العظمى، بما في ذلك البرتغاليين والعثمانيين والبريطانيين، وأن القطريين قد سعوا إلى البحث عن سبل يتحركون من خلالها دبلوماسياً لحماية أنفسهم من التعديات.
في هذا الصدد، قال فرد ويهري، اختصاصي شؤون الخليج في مؤسسة راند، إن قطر كانت تهدف إلى محاولة التواصل مع القوى الكبرى خارج المنطقة للعب ضدهم، وهو ما يمنحها القدرة بالفعل على أن تمتلك سياسة خارجية وأن تستقطع مساحة للسيادة.
ورأت الصحيفة أيضاً أن وفرة الغاز الطبيعي تمنح قطر القوة والاستراتيجيات السياسية، رغم أنها تُعَرِّضُها أيضاً إلى المخاطر. وفي الوقت الذي ترتكز فيه ثروة البلاد الخاصة بالغاز الطبيعي بشكل كبير على حقل تشترك فيه مع إيران، قال خبراء إقليميون إن ما يثير قلق قطر الأمني بشكل رئيس هو أن إيران قد تحاول يوماً ما أن تبسط سيطرتها الكاملة على الحقل.
ولفتت الصحيفة كذلك إلى أن تحركات قطر الطموحة في النزاع الليبي قد تُمَثِّل أخطر مشاريعها الخارجية حتى الآن، خصوصاً إذا انتهى التمرد الليبي إلى طريق مسدود أو إذا نجح القذافي في التشبث بالسلطة. وهو ما شدد عليه ويهري، في وقت ذهب فيه خبراء آخرون إلى التحذير من أن العقيد الليبي معمّر القذافي قد يحاول الانتقام من قطر بشنّ هجوم إرهابي، في وقت لا تمتلك فيه البلاد إلا قوة أمنية صغيرة ووجود أمني محدود في مطارها الدولي.
أما المسؤولون القطريون فيرون أن تدخل بلادهم في الصراع الذي تشهده ليبيا حالياً لا يعتبر فاصلاً، وإنما استمرار منطقي لسياسة خارجية نشطة تهدف إلى الضغط من أجل التحديث الإقليمي. وأوضح حسن الأنصاري، مدير مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية في جامعة قطر أن «هذا ليس تغييراً. فنحن نود أن نعيش في منطقة مزدهرة وحرة وديمقراطية وسلمية للغاية، حتى نتمكن من التركيز على ما بأيدينا، لتطوير مواردنا الطبيعية ومواردنا البشرية». وبينما تنادي قطر بالديمقراطية خارج حدودها، أكدت النيويورك تايمز أن الديمقراطية هناك مؤقتة في أفضل الأحوال.

اجتماع مجموعة الاتصال حول ليبيا الأسبوع المقبل
أعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أمام البرلمان أول أمس الاثنين أن مجموعة الاتصال حول ليبيا ستجتمع «الاسبوع المقبل في الدوحة». وأعلن هيغ أمام النواب «سيعقد الاجتماع الأول لمجموعة الاتصال حول ليبيا (…) في الأسبوع المقبل في الدوحة» بقطر «وستشارك فيه».
وقال إن الاجتماع «سيسمح بمواصلة العمل الذي بدأ في مؤتمر لندن» الثلاثاء الفائت الذي أنشئت فيه مجموعة الاتصال من اجل «الحفاظ على التلاحم الدولي وجمع عدد كبير من الدول الراغبة في ضمان مستقبل أفضل لليبيا».
وتعذر على الخارجية تحديد الموعد الدقيق للاجتماع. وأنشئت مجموعة الاتصال حول ليبيا لضمان «القيادة السياسية» للعملية العسكرية والمدنية الدولية في ليبيا التي يشكل الحلف الأطلسي «ذراعها المسلحة». وشارك حوالي 40 دولة ومنظمة في اجتماع لندن، لكن لم يدع الجميع إلى المشاركة في «مجموعة الاتصال» بحسب مصادر دبلوماسية فرنسية. وقدرت باريس في الأسبوع الفائت مشاركة حوالي 20 دولة في المجموعة.
وردا على سؤال حول انشقاق وزير الخارجية الليبي مؤخرا ولجوئه إلى بريطانيا قال هي إن لندن ستبحث وضعه هذا الأسبوع مع شركائها الأوروبيين. وأوضح «أن أقدمت شخصيات خاضعة لعقوبات أوروبية أو من الأمم المتحدة على مقاطعة النظام نهائيا فسنبحث مع شركائنا فائدة رفع القيود المفروضة عليهم حاليا، مع الحرص على إيضاح إن ذلك لا يمكن تفسيره بأي شكل على انه حصانة».
وأضاف إن «محادثات من هذا القبيل» ستبدأ «على المستوى الأوروبي هذا الأسبوع بخصوص حالة موسى كوسا». وفرضت سلسلة عقوبات دولية على عناصر نظام القذافي حيث جمدت أموالهم ومنعوا من السفر، كرد على القمع العنيف للثورة. وقال الوزير مبررا إن العقوبات المفروضة على ليبيا «اتخذت للدفع من اجل تغيير مسلكي وبالتالي من الطبيعي تعديلها بحسب التطورات الجديدة».
وأضاف «كل من سيفد إلى بريطانيا للتحادث معنا سيعامل باحترام وبموجب تشريعاتنا» موضحا إن «إي طلب يتعلق بمشكلة هجرة سيدرس، حالة بحالة، كأي طلب آخر». ومن المقرر إن يبحث محققون اسكتلنديون الاثنين بالاشتراك مع الخارجية البريطانية في ملف موسى كوسا، في ما يتعلق بتفجير لوكريي عام 1988 المنسوب إلى الليبيين وادى إلى مقتل 270 شخصا.

Top