دفاعا عن بلادنا

المنع والتضييق اللذان تعرض لهما الفريق الصحفي المبعوث من لدن القناة الثانية )دوزيم( لتغطية الانتخابات الرئاسية في الجزائر هو سلوك متخلف أولا ويرفضه كل ذي حس ديمقراطي عبر العالم،

ولهذا لم تتردد المنظمات المهنية والحقوقية في انتقاد السلطات الجزائرية جراء ذلك، كما أنه يكشف عن سلوك مترسخ لدى النظام الجزائري الذي يريد انتخابات كما درجت على اقترافها جمهوريات الموز ذات زمن..
الصور الأولى التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية طيلة يوم أمس، تعطينا نظرة عامة عن معنى ما عاشته الجزائر أمس، وملامح المرحلة القادمة، وهي صور تخلف أسى في النفوس وحزنا على كامل هذا المآل الذي لا يستحقه أهلنا في الجزائر.
الآن، هل يحق لهذا النظام الغارق في الشرود والعتاقة أن يقدم للمغرب الدروس في الديمقراطية وحقوق الإنسان؟
وهل يجوز لنظام عسكري لم يقبل أن يمنح شعبه حق تقرير مصيره السياسي أن يطلب هذا الحق لناس آخرين؟
إن كل ذي حد أدنى من الموضوعية والنظر السليم للأشياء والوقائع، يستطيع اليوم أن يعاين المكتسبات الحقوقية والديمقراطية التي راكمها المغرب قياسا إلى جاره الشرقي، ويسجل أن الفرق بين البلدين هو بحجم قرون ضوئية.
وهنا لا بد من الوقوف فقط عند مستوى التفاعل مع الآليات الأممية لحقوق الإنسان، وانفتاح المملكة على العالم بهذا الخصوص، وهذا يتضح سواء من خلال عمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومبادراته، أومن خلال علاقة المملكة بكامل ميكانيزمات النظام الأممي والآليات غير الاتفاقية والإجراءات الخاصة، ثم في إطار آلية الاستعراض الدوري الشامل، وأيضا عبر تمتين الإطار الوطني وملاءمته مع الالتزامات والمعاهدات الدولية التي انضمت إليها الرباط…
وباستحضار كل هذا وغيره، يكون من المستغرب فعلا أن نسمع من هذا الطرف الدولي أو ذاك تخريجات حقوقية تأتي دائما ضمن كل حديث عن قضية وحدتنا الترابية، حتى كاد يكون واضحا أن حقوق الإنسان في منطق خصوم الوحدة الترابية المغربية لا تعني سوى مطالبة الرباط بقبول الانفصال، أي أن هذه التخريجات في الواقع ليست سوى موقفا سياسيا يتم تقديمه مغلفا بمعجم حقوقي يتيح تسويقه لدى وسائل الإعلام والمانحين.
قضية الصحراء هي أولا نزاع سياسي، ومن أجل إيجاد حل له، لا يوجد اليوم سوى المقترح المغربي الذي أشادت به قوى وعواصم دولية كثيرة واعتبرته واقعيا وجديا وذا مصداقية، والطرف الآخر لم يعرض أي فكرة جدية لحد الآن.
الطرف الآخر لم يقبل حتى إحصاء مفوضية اللاجئين لسكان مخيمات تيندوف، ولم يسمح بدخول منظمات حقوقية دولية مستقلة أو مراقبين مستقلين، كما أننا لم نسمع يوما لدى الطرف الآخر أي تعددية سياسية أو تداول على السلطة والتمثيلية، ولا تصلنا سوى أخبار القمع والتنكيل بكل من يقترب من رأي مخالف لرأي القيادة الخالدة..
ألا تستحق كل هذه الأوضاع استنفارا حقوقيا وأمميا حول ما يجري في تيندوف التابعة لدولة الجزائر؟
ما معنى أن تقابل كل الخطوات الحقوقية والديمقراطية التي يحققها الشعب المغربي بمزيد إنكار لها وبهجوم عليها انطلاقا من مزاعم لا يخفي أصحابها قناعاتهم السياسية الانفصالية؟
هذه الوضعية لم يعد المغاربة اليوم يقبلون بها، ولا يرون أي فائدة في مزيد تمطيط للعبة المزايدة هذه، ولهذا عبر جلالة الملك، خلال الاتصال الهاتفي بالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عن هذا الانشغال الشعبي المغربي، ولم يتردد في إبداء حزم واضح  دفاعا عن المصلحة الوطنية أولا وقبل كل شيء.
الحزم إذن هو شعار استنفارنا الجماعي دفاعا عن الوحدة الترابية للبلاد، ولكنه حزم مقترن بمواصلة التفاعل والتعاون مع المجتمع الدولي، وبوضوح النظر وعقلانيته.
[email protected]

 

Top