سعر الدواء

جدد وزير الصحة، البروفيسور الحسين الوردي، التأكيد، خلال ندوة صحافية مؤخرا، على أن قرار خفض أسعار الأدوية هو قرار سياسي وطني أقدمت عليه الحكومة باتفاق مع شركائها من فاعلي القطاع، وكان انطلق في البداية ب320 دواء، ثم تواصل في مرحلة ثانية ليصل الرقم حاليا إلى 1578 دواء، وأضاف بأنه، طبقا للمرسوم الجديد، فان جميع الأدوية الجديدة التي ستلج السوق المغربي مستقبلا، سيتم تحديد سعرها على أساس السعر الأقل المتداول في البلدان المقارن معها، وذلك مع مراعاة مصالح مهنيي القطاع، وأيضا الاستمرار في نهج مقاربة تشاركية، والقيام بحملات تحسيسية واسعة وسط المهنيين وتعبئتهم لإنجاح هذا القرار التاريخي.
ليس سعر الدواء هو المشكل الوحيد الذي يعاني منه قطاع الصحة في بلادنا، ولكنه يعتبر مشكلا أساسيا، ويؤثر في باقي حلقات المنظومة، وهو يحول، فعلا، دون ولوج فئات واسعة من شعبنا إلى الخدمات العلاجية، ومن ثم، فان الخطوة الحكومية الحالية تعتبر مهمة، ويستحق معها الوزير الوردي التصفيق والدعم والتأييد.
إن خفض سعر الدواء من شأنه كذلك أن يمكن الوزارة نفسها من تخفيض كلفة الأدوية التي تقتنيها للمستشفيات العمومية، فضلا عن ربح مبالغ مهمة على مستوى تعويضات التأمين الإجباري عن المرض، وفي حال تحقق تقدم ملموس بخصوص تجاوز المشاكل المرتبطة بتخزين الأدوية في بلادنا، وأيضا توزيعها والترخيص ببيعها، ثم تزويد المستشفيات العمومية بكامل الأدوية التي تحتاجها، فان السياسية الدوائية الوطنية ستشهد فعلا تحسنا واضحا، وهو ما سينعكس على مستوى ولوج المواطنات والمواطنين للعلاج والتداوي.
اليوم، وبالنظر إلى حجم المعاناة في هذا المجال، وخصوصا وسط الفئات الفقيرة من شعبنا، فان المسؤولية والغيرة على حقوق شعبنا تقتضيان مساندة الحكومة ووزيرها في الصحة في معركة خفض سعر الدواء، فهذا سيتيح لشعبنا أن يستفيد، وهنا لا مجال للمزايدات أو الحسابات، أو لأي اختباء وراء اصطفاف حزبي أو انتهازي.
وحتى لو أن خفض سعر الدواء  لن يحل كل مشاكل الصحة ببلادنا، وكون الأمر يتطلب القضاء على اختلالات أخرى تعاني منها المنظومة الصحية الوطنية، فان القرار يجب دعمه والتنويه به، لأنه سينقص بشكل مباشر وملموس من الثمن الذي يدفعه المرضى اليوم.
وإذا كان تحسين الخدمات الصحية يتطلب أيضا الرفع من القدرة الشرائية لفئات عديدة من شعبنا، والنهوض بواقعها المعيشي والتعليمي، وتقوية شروط السكن والبيئة، فان كل هذا لا يعني تجاهل أهمية القرار أو تأجيل انجازه إلى حين الانتهاء من كل المطالب المرتبطة بقطاعات أخرى.
اليوم، يجب التنويه بدينامية وزير الصحة وشجاعته وصموده، ويجب أيضا دعمه من أجل أن تنجح الحكومة في تعميم التغطية الصحية الشاملة حتى يتأتى توفير نظام التحمل الاجتماعي لكافة الفئات الاجتماعية، وبالتالي حتى يتيسر تمكين شعبنا من الحق في العلاج والولوج إلى الدواء بالشروط والأسعار والمناسبين، وبجودة عالية لفائدة الجميع.

Top