كتابات نسائية

من الملاحظ أن مواد هذا العدد ذات ارتباط وثيق بالكتابات النسائية وبالنقد المنصب على هذه الكتابات في حد ذاتها، وهذا ليس مصادفة، بل يأتي في سياق الاحتفال باليوم العالمي للمرأة.
****
بالرغم من الطفرة التي حققته الكتابات النسائية على مستوى القضايا التي تتناولها والأبعاد الجمالية وغير ذلك من خصوصيات الإبداع الأدبي، لا يزال السؤال يتكرر بخصوص جواز إطلاق تسمية الأدب النسائي.
ومن المؤكد أن العديد من الأطروحات والدراسات جرى تأليفها حول هذا الموضوع بالذات؛ لأجل تحديد تسمية الأدب النسائي، باعتباره مصطلحا يفرض نفسه في الكثير من اللقاءات التي تعقد حول الكتابات التي تبدعها المرأة.
ولا تزال الآراء لم تتوحد حول مدى أحقية إطلاق هذه التسمية أو عدمها.
يجري ذلك بالرغم من التحول الذي طرأ على الوعي لدى النساء الكاتبات، ويتجلى هذا بالخصوص في أن المتلقي لم يعد من السهل عليه أن يميز بين ما يكتبه كل من المرأة والرجل، عند عدم الإشارة إلى اسميهما.
لا بل رأينا كيف أن مجموعة من الكاتبات يسردن بضمير المتكلم الذكر، وقد سبق لي أن طرحت السؤال على كاتبة مغربية بخصوص هذا الإشكال بالذات، بعد أن لاحظت أنها في جل قصصها ورواياتها تتحدث بلسان رجل؛ فكان جوابها أن الكتابة بلسان الرجل، ليس المقصود منه أنها غير راضية على ذاتها باعتبارها أنثى، ولكن القصد من ذلك أنها تريد أن تتحدى؛ فالممارسة الإبداعية هي مجال للتحدي، وليس هناك حدود وفواصل بين الأجناس الإبداعية.
هناك حركية ملحوظة على مستوى الإبداع الأدبي: القصة القصيرة، الشعر، الرواية إلى حد ما… لدى الكاتبة المغربية، في حين أن هناك أجناسا أخرى من الكتابة، لا تزال محدودة جدا لديها، من قبيل: النقد، الفكر..
كم عدد ناقدات الأدب والفن في المغرب؟
إنهن لا يكدن يذكرن.
وكم عدد المفكرات؟
إنهن شبه منعدمات.
ولهذا حين تساهم إحداهن بنسبة قليلة في هذا الحقل، يجعلها ذلك تبرز بشكل لافت، بصرف النظر عن قيمة ما تنتجه، باستثناء نخبة من الأسماء التي استطاعت أن تقف ندا للند مع الجنس الآخر، ليس ذلك فحسب، بل تتبوأ مرتبة عالمية.
لا مجال لذكر نماذج من هذه الأسماء، علما بأنها معروفة وبارزة، في حقلي النقد والفكر على حد سواء.
ولذلك حين ترحل إحداها عن دنيانا، يشكل ذلك خسارة فادحة ويترك فراغا ملحوظا.
وعلى ذكر الرحيل؛ فمن الملاحظ أن مجموعة لا يستهان بها من الكاتبات المغربيات لا يستمررن في الإنتاج بنفس القوة والحماس، ومنهن من تنقطع عن الكتابة والنشر بالمرة، كأن هذه الممارسة ذات ارتباط بالمراهقة، وبالتالي بمجرد أن تتزوج إحداهن، تتفرغ لبيتها ولتربية الأبناء، في حين أن تلك الفترة هي الجديرة بمراكمة الإنتاج، اعتبارا لأنها مرتبطة بمرحلة النضج.
***
عند إلقاء نظرة على بيبليوغرافية الإصدارات التي ألفتها الكاتبات المغربيات خلال سنة واحدة، يتبين الفرق الشاسع بين هذه الحصيلة وتلك التي كان يتم تسجيلها في فترات وفي عقود سابقة؛ مما يؤكد على تطور وتيرة النشر، لكن بالرغم من كل ذلك فإن هناك بعض الحقول الأدبية والفكرية، لم يتم التطرق إليها من طرف هؤلاء النسوة بالقدر الذي يعكس حقيقة حصيلة الإصدارات.

عبد العالي بركات

[email protected]

الوسوم ,

Related posts

Top