ولاة وعمال و… والية

شهدت وزارة الداخلية حركة تعيينات واسعة شملت مصالحها المركزية، بالإضافة إلى العديد من الولايات والعمالات والأقاليم، وذلك عقب الاستقبال الذي خصه جلالة الملك، أول أمس، لعدد من الولاة والعمال، الذين عينهم بمختلف جهات وأقاليم وعمالات المملكة، وبالإدارة المركزية لوزارة الداخلية.
وكان لافتا أول الأمر أن هذه التعيينات ضمت ثلاث نساء وعددا من الأطر الشابة، كما أنها شملت في المجموع 15 واليا: منهم 10 ولاة بالإدارة الترابية بمختلف جهات المملكة، و05 ولاة بالإدارة المركزية لوزارة الداخلية، و29 عاملا: من بينهم 20 عاملا بعدد من الأقاليم والعمالات وعمالات المقاطعات، و09 عمال بالإدارة المركزية لوزارة الداخلية.
البارز إذن في هذه الأرقام، إضافة إلى أنها تجسد حركة واسعة في صفوف الإدارة الترابية، هو كونها  تعلن لأول مرة في بلادنا عن تعيين امرأة في منصب والي على جهة، ويتعلق الأمر بالسيدة زينب العدوي، الرئيسة السابقة للمجلس الجهوي للحسابات بالرباط، فضلا عن تعيين عاملتين بالدار البيضاء، الأولى هي حنان تاجاني على رأس عمالة مقاطعة الحي الحسني، والثانية هي نجاة زروق على رأس عمالة مقاطعات بنمسيك.
إن تعيين الوالية الأولى في تاريخ المغرب يعتبر حدثا بالغ الأهمية، ويمثل خطوة أخرى في مسار التمكين السياسي والإداري للنساء المغربيات، وإشارة جديدة على إصرار المغرب على الاستمرار في تقوية مكتسبات البلاد على طريق المساواة والديمقراطية.
من جهة ثانية، وباستحضار مختلف التقييمات المسجلة حول هذا التعيين أو ذاك، وحول دلالات هذا التغيير أو غيره، فإن الأساس هو إدراج هذا الانتشار الإداري ضمن الرؤية الوطنية الملمة بمختلف التحديات المطروحة على البلاد، سواء على صعيد قضيتها الوطنية، أو ما يتعلق بالاستحقاقات الانتخابية المقبلة، أو بالنسبة لكل الأوراش التنموية الجارية أو المقررة في جهات مختلفة، أو أيضا ما يرتبط  بضرورة تقوية دولة القانون والمؤسسات في كل العمالات والأقاليم، وسواء في الميدان السياسي أو على صعيد المشهد الاقتصادي.
الولاة والعمال هم الذين يجسدون مصداقية التوجهات السياسية والديمقراطية العامة، والمكلفون بإعمالها على الأرض وفي علاقاتهم اليوم مع الناس ومع الفاعلين المحليين، وبالتالي هم مطالبون بالتفاعل الميداني اليومي مع مطالب المغاربة وتطلعاتهم، أي أن يكونوا فاعلين في مسلسل الإصلاح ومحاربة الفساد، وفي إنجاح مخططات التنمية وإحداث التقدم.
عندما يتحدث جلالة الملك أمام البرلمان عن واقع مدينة عملاقة مثل الدار البيضاء، فالمعنى كان هو إبراز حجم المشاكل والفضائح المنتشرة في كثير من الجماعات والمدن الأخرى كذلك، وهذا يعني اليوم مسؤولي السلطة المعينين، أي أنهم مكلفون بتعزيز الحكامة الترابية، القائمة على سياسة القرب والعمل الميداني، والإصغاء إلى المواطنين والعمل على التجاوب مع انشغالاتهم، وأيضا الانكباب على أوراش التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية.
وإلى جانب التحديات الداخلية والمحلية، فإن التعيينات تلفت الانتباه إلى اندراجها ضمن ما يحيط بالمملكة من تحولات في جوارها الإقليمي، وأيضا الكثير من التغيرات التي باتت تميز الأنساق والمطالب والأفكار والسلوكات، وكل هذا يفرض اليوم على السلطات الترابية، خصوصا في الجهات، أن تدركه وتتفاعل معه، وتحرص على أن يصون المغرب تميز نموذجه الديمقراطي والتنموي.

[email protected]

Top