‎القذافي تحت الضربة العسكرية – اليوم الخامس

القذافي.. أنا هنا في خيمتي.. أنا هنا…
معارك بين الكتائب والثوار شرق وغرب ليبيا وانقسام التحالف حول قيادة العمليات

في خرجة جديدة للعقيد الليبي معمر القذافي، أعلن العقيد أنه صامد ومستعد للمعركة، في ظهور علني مساء أول أسم الثلاثاء في مقر

إقامته في باب العزيزية بطرابلس الذي تعرض الأحد الماضي لقصف صاروخي نفذه الائتلاف الدولي الذي يفرض حظرا جويا على ليبيا.
وتحدث القذافي خلال ظهوره العلني المقتضب إلى حشد تواجد في مقر إقامته قائلا «أنا لا أخاف العواصف التي تجتاح المدى ولا من الطيايير التي ترمي دمارا اسود، أنا هنا في بيتي في خيمتي، أنا صاحب الحق اليقين أنا صامد، أنا هنا».
وقال القذافي انه مستعد للمعركة سواء «كانت قصيرة أو طويلة»، مؤكدا «سننتصر». وهذا أول ظهور علني للقذافي منذ 17 مارس عندما أجرى مقابلة الخميس الماضي مع التلفزيون البرتغالي قبل تبني قرار مجلس الأمن الدولي منتصف ليل الخميس بفرض حظر جوي على ليبيا.
هذا ووقعت «مواجهات عنيفة» الاثنين والثلاثاء الماضيين في منطقة يفرن (جنوب غرب طرابلس) بين ثوار يسيطرون على المنطقة وقوات النظام الليبي، ما أدى إلى سقوط تسعة قتلى على الأقل.
وأطلقت المضادات الأرضية مساء أول أمس الثلاثاء في سماء العاصمة الليبية وقد سبقها وتلاها دوي انفجارات بعيدة. وقال شهود انه سمع دوي انفجارين بعيدين على الأقل قبل أن تتدخل المضادات الأرضية، ثم سمع دوي انفجارات قوية عدة.وسمع إطلاق المضادات الأرضية لنحو عشر دقائق وخصوصا فوق مقر إقامة الزعيم الليبي معمر القذافي على مسافة غير بعيدة من الفندق الذي ينزل فيه الصحافيون.
وعلى بعد نحو 10 كيلومترات غربا نجح الثوار في وقت سابق الثلاثاء في استعادة موقع من القوات الموالية للعقيد الليبي معمر القذافي التي كانت تقصف منذ أيام الزنتان بحسب احد الشهود.
وصرح أحد سكان المدينة أن «قوات القذافي شنت هجوما داميا في المنطقة الاثنين والثلاثاء، وأدت المعارك إلى سقوط 9 قتلى على الأقل في يفرن (130 كلم جنوب غرب طرابلس) والعديد من الجرحى». وأضاف «كنا نتوقع أن يمنع التحالف الدولي قوات القذافي من التقدم إلى المنطقة» الخاضعة لسيطرة الثوار.
وتابع المصدر انه «في غياب تدخل من قبل التحالف، أراد النظام السيطرة بسرعة على المدينة من خلال قصف المنطقة وارتكاب مجازر في يفرن»، ومنع العائلات من إجلاء ضحاياها إلى تونس التي تبعد حدودها عشرات الكيلومترات عن المنطقة.
وقال آخر من سكان المنطقة في اتصال هاتفي «لقد قطعوا التيار الكهربائي عن المدينة. غالبية العائلات غادرت منازلها. نحن في حاجة للمساعدة». وأضاف أن «قبائل جادو وزنتان ويفرن الامازيغية انضمت إلى القبائل العربية لتشكل جبهة موحدة ومواجهة هجمات القذافي. لكن هناك تباينا كبيرا في القوى».
وفي الزنتان استعاد الثوار موقعا من القوات الحكومية التي كانت تقصف المدينة من الداخل بحسب ما أفاد شاهد، وقال «طرأت تغيرات ميدانية ليل (الاثنين الثلاثاء)، وأرغمت قوات القذافي التي كانت تسيطر على موقع يبعد نحو 10 كيلومترات من الزنتان ومن حيث كانت تقصف المدينة على التخلي عنه تحت نيران الثوار». بدوره، أكد قائد عملية «فجر الاوديسا» الاميرال الاميركي سامويل لوكلير ان قوات معمر القذافي تواصل مهاجمة السكان المدنيين في اليوم الثالث من التدخل العسكري لقوات التحالف في ليبيا.
وقال لوكلير خلال مؤتمر صحافي على متن البارجة ماونت ويتني التابعة للتحالف قبالة ليبيا «أرى انه رغم نجاحاتنا حتى اليوم، فان القذافي وقواته لا يلتزمون قرار الأمم المتحدة ويواصلون مهاجمة السكان المدنيين الليبيين». واعتبر أن على قوات القذافي أن تنسحب من اجدابيا ومصراتة والزاوية، مضيفا أن طياري المقاتلة الأميركية اف 15 التي سقطت ليلا في شرق ليبيا تمت استعادتهما من جانب «قوات التحالف». وأوضح أن الطيار الثاني تولى أمره السكان الليبيون و»عاملوه باحترام».

جوبيه: العملية قد تتوقف «في اي وقت»
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه أن العملية العسكرية للتحالف في ليبيا يمكن أن تتوقف «في اي وقت» اذا التزم معمر القذافي قرارات مجلس الأمن الدولي ووافق على وقف إطلاق النار. وقال جوبيه أمام الجمعية الوطنية أن «العملية العسكرية للتحالف في ليبيا يمكن أن تتوقف في أي وقت. يكفي أن يمتثل النظام الليبي بشكل تام لقرارات مجلس الأمن ويوافق على وقف فعلي للنار ويسحب قواته من المواقع التي احتلها». وأضاف «على قوات القذافي العودة إلى الثكنات فتتوقف العملية العسكرية».
وأوضح «منذ الآن علينا التفكير في المرحلة اللاحقة وهي السلام. كانت فرنسا وراء مبادرة التدخل العسكري في ليبيا وستكون وراء مبادرة السلام أيضا. وسيتحدث رئيس الجمهورية (نيكولا ساركوزي) في الأيام المقبلة في هذا الإطار».
وتابع «بالنسبة الينا ليس من مسؤولية التحالف أن يقرر مستقبل النظام السياسي في ليبيا. الشعب الليبي مسؤول عن العملية السياسية. وهدف تدخلنا السماح له بان يعبر عن رأيه بحرية وإجراء عملية انتقالية لإرساء الديمقراطية التي حرم منها حتى الآن».
بدورها، أكدت الرئاسة المجرية للاتحاد الأوروبي أن الضربات الجوية التي يشنها تحالف دولي على ليبيا «سمحت بتفادي الاسوأ» على الصعيد الإنساني. وقال وزير الخارجية المجري يوناس مارتوني من مدينة السلوم المصرية على الحدود مع ليبيا التي زارها اليوم «تم تفادي الأسوأ بفضل ضربات التحالف الدولي. في حال لم تبدأ السبت لكان مئات آلاف الأشخاص نزحوا».
وأشاد الوزير بـ»جهود فرنسا وبريطانيا والدول الأخرى المشاركة في التحالف الدولي» الذي احدث انقسامات داخل الاتحاد الأوروبي.
وذكر بان الوضع عند الحدود المصرية-الليبية «تحت السيطرة» لكن «يمكن أن يكون هناك مشاكل غذائية لان أسعار المواد الغذائية تضاعفت». وأوضح «نحن هنا لنحصل على معلومات ولنرى ما يمكننا اقتراحه من الناحية الإنسانية وبالنسبة إلى الهجرة».
من جهة أخرى، طلبت وكالة فرانس برس الثلاثاء في رسالة إلى الزعيم الليبي معمر القذافي الإفراج عن صحافييها دايف كلارك وروبرتو شميت اللذين اوقفا السبت قرب اجدابيا (شرق ليبيا). وفي هذه الرسالة قال رئيس مجلس إدارة وكالة فرانس برس امانويل هوغ «يشرفني ان أتقدم من فخامتكم بطلب الإفراج عنهما باسم حرية التعبير والإعلام التي لطالما تحدثتم عنها».
وأضاف هوغ «ويشمل مسعاي هذا كذلك جو ريدل المصور لدى وكالة غيتي الذي كان يعمل معه صحافيا وكالة فرانس برس بشكل وثيق. ونعرب عن تضامننا الكامل والشامل معه». وتابع «اضع نفسي في تصرفكم لإقامة أي حوار من شأنه التوصل إلى حل سريع لهذه المسألة».

أزيد من 330 طلعة جوية مند بداية العمليات
أعلن البنتاغون أول أمس الثلاثاء أن طائرات التحالف الدولي الذي يقوم بعمليات عسكرية في ليبيا ضد قوات العقيد معمر القذافي نفذ منذ بدء عملياته السبت ما مجموعه 336 طلعة جوية بينها 108 ضربات جوية.
وكانت حصة الولايات المتحدة من هذه الطلعات 212 طلعة أي حوالي ثلثي العمليات الجوية، وذلك بحسب المعطيات المسجلة حتى مساء أول أمس الثلاثاء.
وأوضح البنتاغون أن القوات الأميركية تشارك في العمليات العسكرية في ليبيا خصوصا بمقاتلات اف-15 واف-16 وطائرات هارييرز المتخصصة في التشويش على أنظمة اتصال العدو، إضافة إلى طائرات للتزود بالوقود في الجو.
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قال الثلاثاء خلال زيارة إلى السلفادور أن هناك «خفضا كبيرا» في طلعات الطائرات الأميركية فوق ليبيا.
والدول الأخرى المشاركة في العمليات الجوية في ليبيا حتى اليوم هي فرنسا وبريطانيا وايطاليا وكندا واسبانيا وبلجيكا والدنمارك.
وبحسب هيئة الأركان الفرنسية فان سلاح الجو الفرنسي نفذ 55 طلعة بين السبت والاثنين تضاف إليها سبع طلعات الثلاثاء ما يرفع المجموع إلى 62 طلعة أي 18% من مجموع الطلعات الحليفة.
وبموازاة الطائرات، أطلقت مدمرتان وثلاث غواصات، جميعها أميركية، إضافة إلى غواصة بريطانية، ما مجموعه 162 صاروخا عابرا من طراز توماهوك بين مساء السبت ومساء الثلاثاء على ليبيا، بينها 112 صاروخا السبت في مستهل التدخل العسكري في هذا البلد.
وعلى ما يبدو فان تراجع وتيرة إطلاق صواريخ توماهوك يعني أن أنظمة الدفاع المضادة للطيران ومراكز القيادة والتحكم التابعة لقوات القذافي، والتي شكلت الهدف الرئيس لهذه الصواريخ، قد تم اعطابها بشكل كبير.

أميركا تريد دعما عربيا  قويا لـ»فجر أوديسا»
أكد مسؤول أميركي رفيع أن الولايات المتحدة تأمل في دعم أوسع للدول العربية لعملية «فجر أوديسا»، التي تهدف إلى فرض منطقة حظر جوي على ليبيا، في الوقت الذي تُعد فيه قطر هي الدولة العربية التي تشارك بقوات في العملية العسكرية التي بدأت مساء السبت الماضي.
وقال المسؤول الأميركي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية وضعه الدبلوماسي، إن العديد من الدول العربية ما زالت تعيد صياغة خططها لدعم العملية العسكرية، مشيراً إلى أن إدارة الرئيس باراك أوباما، كان لديها «قناعة بأننا سنلقى دعماً واسعاً، وبكافة الأشكال»، على مدار اليومين أو الثلاثة أيام المقبلة.
تأتي تصريحات المسؤول الأميركي وسط انتقادات تتعرض لها عملية «فجر أوديسا»، التي بدأت بقصف جوي وهجمات صاروخية، بما في ذلك انتقاد من الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، الذي قال إن المطلوب كان فرض منطقة حظر جوي، وليس توجيه ضربات قد تعرض المدنيين للخطر.

بريطانيا لا تستبعد العمل البري
لم يستبعد وزير هارفي وزير الدولة لشؤون القوات المسلحة البريطانية، نك هارفي نشر بلاده قوات برية في ليبيا على نطاق ضيق لتحقيق الأهداف المعلنة من النشاط العسكري «المحدود» لقوات التحالف ضد العقيد معمر القذافي، في وقت أصرت مصادر في الحكومة على أن القوات البريطانية «لن تتورط في عمليات تمتد لسنوات طوال كما فعلت في العراق وأفغانستان».
وقالت صحيفة الديلي تلغراف البريطانية أن الحكومة البريطانية لا تعرف إلى متى ستظل القوات المسلحة منخرطة في ليبيا، كما أقر بذلك نك هارفي، ويأتي هذا الاعتراف فيما يحتد الجدل حول النتائج المحتملة لهذه المهمة وتكلفتها ومن يتولى قيادتها.
وتمضي التلغراف فتقول إن هذا الإقرار بعد ثلاثة أيام من التدخل في ليبيا يأتي فيما يواجه الوزراء ضغوطا متزايدة لتحديد مدى الدور البريطاني هناك وتوضيح استراتيجية إنهاء هذا الدور.
وتستطرد الصحيفة فتقول إن الوزير يقر في مقابلة معه بأن التدخل الغربي قد يؤدي إلى «ثبات الوضع» بين القذافي والمتمردين فيستولي كل على جزء من البلد، إلا أن الوزير يرى أن ذلك ـ وإن لم يكن مرغوبا فيه ـ سيؤدي لتحقيق الأغراض الإنسانية للتدخل حيث لا يقتل أحد الآخر.
كما يرفض الوزير ـ كما تقول التلغراف ـ استبعاد احتمال «نشر قوات برية بريطانية في ليبيا على نطاق ضيق».
أما صحيفة الغارديان فأشارت إلى استياء المؤسسة العسكرية البريطانية من الأسلوب الذي تعاملت به حكومتها مع النزاع الليبي.
وتقول الصحيفة إن مسؤولين عسكريين كبارا قد أعربوا بصريح العبارة عن شعورهم بالمهانة من أن رئيس الوزراء دافيد كاميرون بدا وكأنه يحط من قدر رئيس الأركان في الجيش، بعد رفض الأخير تصريحات لوزراء بأن القذافي قد يكون هدفا مشروعا للهجوم عليه.
وتنقل الغارديان عن مسؤولين عسكريين تفسيرهم أنه بتحديد القذافي كهدف تعرض بريطانيا نفسها لاتهامات بأنها «إذا قتلته تكون فعلت ذلك مع سبق الإصرار والترصد، وإذا لم تقتله تكون فشلت في مهمتها».
الصحيفة تتحدث أيضا عن الاتفاق الذي توصلت إليه الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بأن تتولى منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) القيادة العسكرية للحظر الجوي على ليبيا، بعد إصرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما على إعفاء بلاده من مسؤولية قيادة الحملة الجوية.

نقص الغذاء ينذر بأزمة إنسانية في ليبيا
قالت هيئات إغاثة إن الليبيين يعانون بشكل متزايد من صعوبة الحصول على الرعاية الصحية والأدوية الأساسية، ومن ارتفاع هائل في أسعار المواد الغذائية، مع اشتداد حدة الصراع بين القوات الموالية للعقيد  معمر القذافي والثوار شرق البلاد.
ويؤكد عمال الإغاثة أن الوصول إلى معظم مناطق ليبيا ما زال صعبا، كما أن معلوماتهم ضئيلة عن الوضع الإنساني، لاسيما منذ بدأت الغارات الجوية لقوات التحالف الغربي السبت الماضي.
وفرت معظم الفرق الطبية الأجنبية من ليبيا، تاركة عددا قليلا من الأطباء والممرضات يشرفون على وحدات العناية المركزة التي تستقبل أعدادا كبيرة من المصابين.
وقال المتحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أدريان إدواردز في مؤتمر صحفي إن «هناك أنباء عن نقص في الإمدادات الطبية والسلع الأساسية في الجزء الشرقي من البلاد، مع ارتفاع هائل في الأسعار».
وأضاف أن ليبيين ومهاجرين وصلوا إلى الحدود المصرية قالوا للمفوضية إن آلاف الليبيين في الشرق لجؤوا إلى بيوت ومدارس.
وقالت فضيلة الشايب من منظمة الصحة العالمية للصحفيين إن «الصراع تسبب في نقص حاد في الكثير من الأدوية الأساسية، بما في ذلك عقاقير التخدير، مما يفرض مشاكل في ضوء المعدل العالي من المرضى الذين يدخلون المستشفيات، ويعانون من إصابات برضوض حادة تتطلب تدخلا جراحيا عاجلا».
وأضافت أن هناك نقصا كبيرا في الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة كالسكري وأمراض القلب والاضطرابات العقلية.

مساعدات طبية
وقال ماركال أيزارد المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر -وهي إحدى هيئات الإغاثة القليلة التي تعمل في شرق ليبيا- إن اللجنة تحاول توصيل المساعدات الطبية إلى كل من الثوار والقوات الحكومية بالقرب من بنغازي.
وأضاف «زرنا كذلك اثنين من الجنود الحكوميين تحتجزهم المعارضة في مستشفى في بنغازي».
وقالت متحدثة باسم برنامج الغذاء التابع للأمم المتحدة إن منظمته أرسلت 1500 طن من الأغذية، وتشمل بالأساس الدقيق والبسكويت عالي الطاقة إلى بنغازي، وهي تكفي لتغذية 114 ألف شخص لمدة 30 يوما.
وأضافت أن البرنامج يعتزم إرسال 30 طنا من العدس والزيت النباتي من مصر في الأيام القادمة.
وطبقا لأحدث إحصاء من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فإن قرابة 345 ألف شخص فروا من ليبيا منذ بدء العنف، معظمهم من العمالة الأجنبية من تونس ومصر، ولكن كان بينهم 40 ألف ليبي.

 

Top