11 شتنبر

حلت أمس ذكرى مرور عشر سنوات عن الهجمات الإرهابية للحادي عشر من شتنبر بنيويورك، والتي هزت الولايات المتحدة الأمريكية، وأصابتها بصدمة مروعة، جراء فشل منظومتها الأمنية والاستخباراتية في توقع ما حدث، ومن ثم تفاديه، وان الأحداث والتحولات التي شهدها العالم طيلة العقد المنصرم، قد بينت أن المجتمع الدولي لم ينجح لحد الآن في الانتصار على خطر الإرهاب.
لقد عمدت الولايات المتحدة والعديد من بلدان العالم الأخرى إلى سن تشريعات وقوانين متشددة لمكافحة الإرهاب، ما فجر نقاشات ساخنة في الأوساط السياسية والحقوقية حول الحرية وحقوق الإنسان في علاقتهما بحماية الأمن والاستقرار، لكن بالرغم من الإصرار الأمريكي على إغفال المطالب والنداءات الحقوقية، فان ذلك لم يحد في النهاية من الإرهاب، حيث أن عمليات إرهابية استهدفت بلدانا أخرى، كما أن واشنطن لم تنجح لحد الآن في الملف العراقي، ولم يستقر الوضع بشكل كامل في أفغانستان، ومن ثم فقد باتت العديد من مناطق التوتر عبر العالم بمثابة خلفيات مهمة لانبثاق حركات واعتداءات إرهابية.
الأمر هنا يعني أن السياسات التي اتبعت منذ الحادي عشر من شتنبر، وخاصة ما يهم منها التشدد الأمني قد فشلت، ما يقود إلى ضرورة التفكير في استراتيجيات مختلفة تربط، جدليا، بين حماية الأمن واحترام حقوق الإنسان في كل المبادرات الموجهة ضد الإرهاب، وبدل ذلك فان اللجوء إلى تفعيل سياسات وبرامج تنموية، وإنجاح مسلسلات الإصلاح والدمقرطة، من شأنه تجفيف المنابع المغذية لكل أشكال التطرف.
ومن جهة ثانية، فان انتفاضات الشعوب العربية بدورها تأتي اليوم لتؤكد أن هذه الشعوب  لا تتكلم فقط لغة المتطرفين، إنما هي تحتضن قوى أخرى تنشد التقدم والديمقراطية والحداثة وحقوق الإنسان، كما أنها، ومن الناحية الرمزية خصوصا، لم تبرز مغطاة  بلحي المتطرفين، وإنما جاءت محمولة على أكتاف الشباب.
إن الخطر الإرهابي، مع ذلك، مستمر، و(القاعدة ) تحولت إلى تنظيمات محلية تتوزع العديد من مناطق العالم، ما يوجب المزيد من التعاون الدولي من خلال التنسيق الأمني والاستراتيجي، وأيضا من خلال تحفيز برامج ومخططات التنمية، وكذا من خلال تشجيع المسلسلات الديمقراطية والتحديثية في عدد من بلدان المنطقة، علاوة على أهمية تحقيق السلام في فلسطين، باعتبارها القضية المركزية الأولى للشعوب العربية والإسلامية وفي منطقة الشرق الأوسط، وأيضا تحقيق الأمن والاستقرار والديمقراطية والتنمية في العراق وأفغانستان، وانبثاق ما يجري في مصر وتونس وليبيا واليمن عن حياة آمنة ومستقرة وديمقراطية.
التحدي إذن لا زال قائما، والمشاكل والأزمات التي يشهدها العالم في السنوات الأخيرة لا تشجع كثيرا على التفاؤل، ولكن يبقى من الضروري تمتين التعاون على صعيد المجتمع الدولي لإيجاد الأجوبة والحلول عن المخاطر الإرهابية التي لا زالت تهدد الإنسانية.

[email protected]

Top