20 فبراير

بحلول يومه الاثنين يكون قد مر عام بكامله على حركة 20 فبراير، وستستحضر مسيرات وخرجات نشطاء الحركة هذه الذكرى، كما سينكب كل طرف على تقييم الحصيلة من المنطلق الذي يناسبه.
الحراك الشبابي المغربي فقد، بلا شك، الكثير من أنصاره وفاعليه، خاصة على صعيد الخروج الأسبوعي إلى الشارع، كما أنه عبر أكثر من محطة خلال سنته الأولى على صعيد مكوناته السياسية والتنظيمية، لكن مع ذلك يجب الإقرار بكون النفس الاحتجاجي بقي متواصلا، بهذه الطريقة أو تلك، في عدد من مدننا لمدة عام، وشهد انخراط فئات اجتماعية مختلفة، أبرزها الشباب، وتميز باستثمار أشكال تواصلية وتعبوية جديدة في تنظيم الاحتجاجات، وأكسبه الحراك العربي زخما إعلاميا وشعبيا إضافيا.
ولئن كان الاحتجاج السياسي والاجتماعي في المغرب لم يرتبط بظهور 20 فبراير، ولئن كان الحراك المذكور أيضا لم يختلف في المطالب على ما رفعته قوى اليسار ومنظمات حقوق الإنسان والجمعيات النسائية والنقابات منذ سنوات، فمع ذلك يسجل لمسيرات 20 فبراير أنها رفعت الصوت عاليا في الشارع مطالبة بإصلاحات شمولية ، ونددت بالمعاناة الاجتماعية، كما أشارت بشعار (ارحل) لشخصيات محددة بالاسم والصفة والصورة، وبهذا نجحت في رفع السقوف، وهذا يحسب لها ولديناميتها.
لكن 20 فبراير أخطأت عندما عانقت أسلوب الإسقاط، ولم تدرك أن سياق تحركها مختلف تماما عن السياقات العربية الأخرى، ولم تنتبه إلى أن النظام في المغرب أقدم هو الآخر على حراكه، وأسس لتفاعل ايجابي ومتقدم مع المطالب ومع الشعارات، وبالتالي فهو  لم يبق جامدا.
إن الخطأ الجوهري في حراكنا الشبابي المغربي أنه بقي جامدا ومعانقا للشارع وحده، ولم يتقدم إلى الأمام بمنظومته المطلبية والشعاراتية، وبالتالي صار يدور حول نفسه، وغابت الرؤية والوضوح، خاصة بالنسبة للمستقبل.
المغاربة اليوم يتابعون ما يجري في محيطهم المغاربي والعربي، وهم  يشاهدون ما تقترفه الأنظمة الهمجية في حق شعوبها من قتل وسفك دماء، ولذلك فهم اليوم يتطلعون إلى أن تنجح الحكومة الجديدة في تحقيق مطالبهم الاجتماعية، وهنا هم في حاجة إلى حماسة 20 فبراير، والى جرأتها بغاية تقوية شروط التعبئة واليقظة داخل المجتمع من أجل الترافع الشعبي دفاعا عن هذه المطالب، ومن أجل مواجهة الفساد والمفسدين وتحقيق العدالة والتقدم.
إن تحسين النص الدستوري والترسانة القانونية كلها ليس هو المطلب الوحيد لشعبنا، ولكنه يتطلع اليوم أساسا إلى رفع الحكرة عنه في معيشه اليومي وفي شروط صنع مستقبله ومستقبل أبنائه في التشغيل والتعليم والسكن والصحة، وفي تحقيق العدالة والتخليق والحد من الفساد والريع، وهذه كلها معارك مجتمعية حقيقية ومهمات نضالية تستوجب اليوم الحفاظ على 20 فبراير واقفة ويقظة وواضحة الرؤية والهدف والسياق.

[email protected]

Top