وداعا المناضل الدكتور أحمد بورة

في موكب جنائزي حضرته أسرته الصغيرة، التزاما بالقوانين التي فرضتها حالة الحجر الصحي، ووري عصر أول أمس الثلاثاء، بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء، جثمان المناضل الدكنتور أحمد بورة الذي اختطفته يد المنون فجر اليوم ذاته بعد معاناة مع المرض.
فقد شيع الفقيد أحمد بورة إلى مثواه الأخير، أفراد أسرته الصغيرة، و ثلة من زملائه ورفاقه، بحضور أفراد من السلطة العمومية.
كانت علامات التأثر بادية على كل من حضر هذه الجنازة، وبدا الحزن على محيا الجميع. فالكل كان، بالتأكيد، يحمل ذكرى جميلة للراحل الذي كان قيد حياته ملكا لمرضاه ولزملائه وللمجتمع المدني الذي كان دوما يجد له حيزا زمنيا في ركام التزاماته اليومية.
كان الراحل يبهر كل من يجالسه، بتواضعه، وأدبه ولطفه، ينصت كثيرا، وإذا تحدث أطلق ابتسامته الجميلة قبل أن يجيب باختصار.
ظل إلى آخر يوم في حياته يعمل في صمت، ولا يبخل بجهده، تجده حاضرا ليس فقط في المؤتمرات الطبية داخل الوطن وخارجه، بل أيضا في جميع الأنشطة ذات البعد الحقوقي والإنساني.
نشأ الراحل أحمد بورة حاملا لأفكار تقدمية، وانخرط لعقود في العمل السياسي مدافعا عن مبادئ حزب التقدم والاشتراكية في كل المراحل التي مر منها هذا الحزب العتيد.
ظل الراحل الدكتور أحمد بورة، إلى أواخر أيام حياته، ذاكرة مفتوحة على أحداث النصف الثاني من القرن الماضي وعلى عقدين من هذا القرن الجديد، سواء التي عاشها أو عايشها.
كان لبيان اليوم حظا كبيرا في مجالسته لإنجاز سلسلة حلقات معه. كانت شرايين الراحل، طيلة عمليات تسجيل هذه الحلقات، تنبض بالوطنية وبالأفكار التقدمية، يتابع عن قرب وعن كتب أخبار الوطن وقضايا الشعب. لا يختلف في ذلك عن أي  قائد سياسي تمتزج بين طيات شخصيته المتناقضات والمتآلفات.
فتح الراحل الدكتور أحمد بورة، في هذه الحلقات التي نشرناها خلال شهر رمضان 2018 ، صفحات سجل حياته بنوع من الحنين لتلك الأعوام التي عاشها أو عايشها والتي يمكن أن تشكل بالنسبة إلى الباحثين والقراء  معينا خصبا  لكل من يريد البحث عما تختزنه الذاكرة من رؤى ومواقف وآراء ومعطيات….
أحمد بورة شخصية بارزة في حزب التقدم والاشتراكية العريق. وللأمانة الصحفية، يمكنني القول أن الراحل كان يبدأ كل حلقة أسجلها معه بالحديث عن هذا الحزب ونضالات نسائه ورجاله منذ أربعينات القرن الماضي، ويشيد بكل رفيقاته ورفاقه الذين تميزوا دوما بالصدق والإصرار، رغم المنع والقمع، يناضلون تحت يافطات متنوعة فرض تغييرها صمود الحزب من أجل الأفضل للبلاد.
الراحل أحمد بورة كان بصدق ابن الطبقة الشعبية التي ظل ملتصقا بها، وبهمومها ونضالاتها وأحلامها، بادلا لها من ذات نفسه كل ما يستطيع أن يبذله المواطن الصالح لوطنه، وجاعلا من صدر هذه الطبقة التي تكدح لكسب قوتها اليومي، متكئا لينا يلقي رأسه عليها فيجد فيها برد الراحة والسكون.

السلام والرحمة لروحه الطاهرة
وجميل الصبر وحسن العزاء لأبنائه وذويه وأصدقائه

 مصطفى السالكي

Related posts

Top