الفنانة فاطنة شعنان تعرض بالدار البيضاء

> عبد الله الشيخ *
عرضت مؤخرا الفنانة المبدعة فاطنة شعنان أعمالها التشكيلية برواق  مؤسسة مسجد الحسن الثاني ضمن فعاليات الملتقى الإبداعي الثاني “نظرات نسائية” بمبادرة من جمعية  “إبداع وتواصل”. مناسبة سانحة  لتمثل مدارك  هذه المبدعة العصامية  التي خاضت مغامرة التصوير  الصباغي بوعي  مزدوج، حيث تفاعلت مع  جماليات المحيط  الطبيعي بحس رومانسي أخاذ، وبملكة تحليلية تتدارك الجوهري في البناءات المعمارية والمشاهد المجالية عبر لغة شبه  تشخيصية  تتحاور من خلالها وعبرها الأشكال والألوان.
حول عوالم البداية، تقول الفنانة فاطنة شعنان: “لم أتابع أي دراسة أكاديمية، فقد  حصلت على شهادة الباكالوريا، وشهادة في  البرمجة والتحليل المعلوماتي، لكنني وجدت ضالتي بالصدفة. في أحد الأيام مررت بزقاق  بالدار البيضاء، فوجدت بالصدفة محلا لبيع اللوحات، فدفعني قدري الجميل للدخول والسؤال عن إمكانية متابعة دروس في الرسم  التشكيلي فكان الرد إيجابيا. إنها مناسبة أغتنمها لأشكر أستاذي محمد عكرية الذي كان له  الفضل في تكويني الفني الاحترافي”.
عن  الوحدات المشهدية التي  تسكن عوالم لوحاتها الإبداعية،  تقول: “بحكم حبي وارتباطي بالوطن، كانت أولى المواضيع  التي تناولتها بالتعبير الجمالي تفصح عن  الموروث الحضاري الذي  يزخر به المغرب ابتداء  من الأمازيغي، ومرورا بالإفريقي والعربي الإسلامي، لأنه بالنسبة لي  هذا جزء من التاريخ  لا يمكن أن نرفضه أو ننفصل عنه”. مضيفة: “في لوحاتي التشكيلية، أحاول أن أزاوج بين الأصالة والمعاصرة على مستوى الشكل والمضمون والأدوات الفنية. كما احرص أن يكون الإبداع الذي أقدمه غير  منفصل عن  الواقع الذي نعيشه، لأن الفنان يؤثر ويتأثر بما يحيط به”.
بدون تغريب أو استيلاب بصريين، حاولت الفنانة رصد عدة  أجواء  مشهدية شبه واقعية، جاعلة من الألوان والأشكال توليفة أكثر غنى وإيحاء. يبقى حسها الجمالي هو حارس المصادفات الجميلة التي تجعلها متشبعة بما يباطنها ويخالجها من إشراقات وجدانية وحدسية معا. الفنانة المبدعة فاطنة شعنان واعية تماما بأن  الإبداع الحقيقي هو  العاكس لمحيطه  العام من خلال خصوصية  الألوان والمعالم الإيحائية، داعية إيانا لتبصر أعماق الروح والإدراك العقلي.
فنانة  تنهل من سليقتها الإبداعية  حتى الثمالة ، مصرة على  اختراق الحدود الأسلوبية والاتجاهات الإبداعية  المعاصرة. هكذا هي الفنانة فاطنة شعنان (تعيش وتعمل بالدار البيضاء). لوحاتها الصباغية ذات شفافية آسرة تتماهى مع سحر المواضيع المشهدية التي  تؤرخ لبعض فصول قصة الإنسان مع مجاله ذي البعدين  المادي  واللامادي. فنانة لا ترتكن  إلى نزعات أكاديمية غير بحثها الدءوب وولعها  بمقاربة عوالم التعبير التشكيلي أولا وقبل أي شيء آخر.
تتوزع أعمالها التشكيلية الموحية  على عدة  أبعاد بصرية في شكل مصالحة بين  الإنسان ومجاله الطبيعي، مما يضفي طابعا شعريا على  مختلف العناصر المؤسسة لفعلها  التصويري: “أعمالي التشكيلية تحتفي بالإنسان  والطبيعة،  وغالبا ما أشتغل على  كل ما هو تقليدي وأصيل”. لقد أحببت الرسم،  وعشقت الألوان منذ نعومة أظافري، ربما لأن والدي كان فلاحا، ونشأتي تمت وسط الطبيعة ،  مما ساهم في هذا الميول  الفني. حقا إنني أصبح في حالة نفسية ووجدانية عندما ما أجلس أمام لوحتي، فالتشكيل بالنسبة لي سفر الروح والعقل معا إلى عالم آخر قد يستغرق ساعات طوال دون الإحساس بمرور الوقت”، تؤكد الفنانة.
(ناقد فني)

Related posts

Top