الكاتب المغربي فؤاد العروي.. ساخرا

ينوع الكاتب المغربي فؤاد العروي في كتاباته؛ فإلى جانب كونه روائيا وقصاصا أصيلا وباحثا أكاديميا، نجده حريصا على تخصيص حيز من وقته لكتابة نصوص ذات طابع نقدي، نقد المجتمع ومشاكل الهجرة والعادات والعلائق الإنسانية بوجه عام.
هذا الكاتب المقيم بالمهجر، وتحديدا بهولاندا، الذي اختار اللغة الفرنسية وسيلة للتعبير عن آرائه وما يختلج في وجدانه والذي حظيت إنتاجاته الأدبية بالتتويج في محافل دولية، على سبيل الذكر: «القضية الغريبة لسروال الداسوكين» الفائزة بجائزة الغونكور للقصة القصيرة.. ظل محافظا على روحه الخفيفة حتى وهو يكتب نصوصا ذات طابع جدي، كما أنه لم يضح بالبعد الجمالي والإبداعي لهذه النصوص، رغم منحاها التقريري.

الحلقة 17

لندع الروسيين يدبرون العالم

عوض الاحتجاج والانتفاضة ضد تدخلات الروسيين في مسيرة العالم، لماذا لا يتم قبول ذلك وتشجيعهم عليه؟ لماذا نترك المنتخبين غير المتعلمين والشبه أميين، أو بعبارة أخرى: الأغبياء، يقررون في مصير سياسة بلد ما؟
الصحافة الدولية لا تكف عن الحديث عن قراصنة المعلوميات الروسيين الذين يخدمون بوتين الذي يتدخل في أي انتخابات تجرى في العالم بأسره.
يظهر أنهم انتخبوا ترامب، ويقال إنهم سيشتغلون على الانتخابات الرئاسية الفرنسية المزمع تنظيمها بعد بضعة أشهر، وأنهم سيعملون كذلك على تمديد ولاية الأم ميركل.. أو لا.
والجميع يغضب لذلك مثل البلهاء.
لماذا تغضبان: صديقتي القارئة، صديقي القارئ؟
هل يمكن لي أن أتقدم هنا باقتراح متواضع؟
عوض الاحتجاج والانتفاضة ضد تدخلات الروسيين في مسيرة العالم، لماذا لا يتم قبول ذلك وتشجيعهم عليه؟ هذا يمكنه أن يختصر الكثير من الأشياء.
عوض تنظيم انتخابات محلية وتشريعية ورئاسية، وهو ما يكلف الكثير ويجلب كل أشكال المتاعب، لماذا لا يتم تفويض كل ذلك للروسيين؟
سينشئ بوتين “وزارة الحكامة العالمية” التي تقوم في الانتخابات اللعينة، بدور تعيين المسؤولين السياسيين على كل المستويات، في العالم بأسره، نعم، نعم، حتى في بوركينا فاسو.
تعتقدون أنني أمزح. إطلاقا، أنا جاد للغاية.
لماذا نترك منتخبين غير متعلمين، شبه أميين، أغبياء، يقررون في المسار السياسي لبلد ما؟
على الأقل، الروسيون يطورون برنامجا معلوماتيا يضع “الرجل المناسب في المكان المناسب”، لسبب بسيط: الحواسيب أكثر ذكاء ومهارة منا، نحن الذاهبون إلى حتفنا.
عندما كنت صغيرا (كم يبدو هذا بعيدا..)، كان يتم التصويت في مدينة الجديدة، على رجل بسيط يدعى أرسلان الجديدي، عديم الكفاءة، يمكن لي أن أشهد على ذلك باعتبار احتكاكي معه.
هل تعتقدون أن الروسيين سيعجزون عن إيجاد مواطن جديدي أكثر جدارة لتمثيلنا في مجلس النواب بالرباط؟
التدابير التي يتم القيام بها في موسكو تبلور الطبقة السياسية في كل بلد.
لنأخذ مثالا بسيطا.
في المغرب، رجل متألق، حيوي، في غاية الذكاء، يسمى د.. له صيت معروف. وماذا يعمل المغرب لأجل هذا الرجل؟ لا شيء.. كان موظفا ساميا في الدولة وهو الآن خامل، يلقي دروسا هنا وهناك..
إذا فوضنا للروسيين تدبير بلادنا، فإن هذا المسمى د.. سيكون وزيرا رفيع المستوى أو واليا ممتازا، أو على الأقل، مكلفا بمشروع سري لقنبلة ذرية مغربية.
في ما يخص رأس الإمبراطورية، فإنها في كل الأحوال ليست خاضعة للانتخابات، وهذا في مصلحتها. بالنسبة للآخرين، فإن الحواسيب الروسية لن يكون عملها أسوأ مما نحن عليه، مع وزراء متعددي الزوجات، مجالس بلدية مصابة بجنون العظمة، تريد محاكاة برج إيفل في فاس، سياسيون يعيشون في غير زمانهم، ينادون بعودة ناميبيا إلى الحدود التاريخية للمغرب، إلى آخره.
بفضل قراصنة المعلوميات، تتشكل الحكومة العالمية، ويكون على رأسها بوتين.
أم أنكم تفضلون رأس بوعزة؟

ترجمة: عبد العالي بركات

Related posts

Top