مؤسسة الفقيه التطواني تطرح للنقاش مشروع وثيقة المؤتمر الوطني 11 لحزب التقدم والاشتراكية – الجزء الثاني-

في إطار مساهمتها في النقاش العمومي، مع الفاعل الحزبي، استضافت مؤسسة الفقيه التطواني، مساء الاثنين الماضي بمدينة سلا، منتدى للنقاش العمومي، مع قيادة حزب التقدم والاشتراكية، تم خلاله استعراض أبرز مضامين الوثيقة السياسية التي ستعرض على المؤتمر الوطني الحادي عشر لحزب الكتاب والذي سيلتئم أيام 11-12 و 13 نونبر القادم ببوزنيقة تحت شعار “البديل الديمقراطي التقدمي” وساهم في تنشيط هذا المنتدى إلى جانب أبو بكر التطواني رئيس المؤسسة الفاعل الحقوقي والباحث أحمد عصيد، والأستاذ الجامعي زكرياء فيرانو والزميلة الصحفية بقناة الغذ فدوى لمرابطي. وقد نشرنا الجزء الأول من هذا اللقاء في عدد الأمس، وننشر اليوم الجزء الثاني والأخير.

قال نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، “إن ما يهم المغاربة ليس هو البيت الداخلي لحزب الكتاب، لكن الذي يهمه هو كيف تناولت الوثيقة السياسية الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، إلى جانب الوضع الحقوقي” مشيرا إلى أنه عندما تتحدث الوثيقة عن ركود في المشهد السياسي، فإن ذلك يعني أن هناك عطبا في المسار الديمقراطي الوطني مفسرا ذلك بكون المغرب راكم مكتسبات كثيرة على المستوى الديمقراطي وذلك منذ زمان، وحتى منذ عهد الحسن الثاني، و راكم أيضا مكتسبا كثيرة، وفي جميع المجالات، مع بداية عهد جلالة الملك محمد السادس، سواء تعلق الأمر بتوسيع الفضاء المؤسساتي أو بالإجراءات التي همت المجتمع المدني وكذلك التي همت المجال الحقوقي من خلال إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة، ومدونة الأسرة، كلها تراكمات وصفها الأمين العام ب”الثورية” على اعتبار أنها أحدثت تحولا كبير في المجتمع.
وعبر محمد نبيل بنعبد الله عن تخوف حزبه، من مآل كل تلك التراكمات الإيجابية التي تحققت بفضل نضالات الشعب المغربي وقواه الحية، بما فيها تلك التي جاء بها دستور2011، والتي هي بمثابة جيل جديد من الإصلاحات على المستوى السياسي والحقوقي والاقتصادي والاجتماعي، مشيرا إلى أن مظهرا من مظاهر العطب الذي تحدثت عنه الوثيقة السياسية، هو أن ما جاء في هذه الوثيقة الدستورية غير مطبق لحد الآن، وهو ما يستدعي في نظر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، الحاجة إلى الجهاد الأكبر أي أن تكون هناك مؤسسات وأحزاب سياسية، وفاعلين في الحقل الاجتماعي والحقوقي والحقل الإعلامي من أجل بلورة هذه الوثيقة الدستورية على أرض الواقع.
وأشار المتحدث إلى أن العطب يوجد على هذا المستوى، وأن حزبه نبه لذلك في أكثر من مناسبة، إلى درجة أن البعض بما في ذلك من أوساط اليسار، وجه أصابع الاتهام لحزب التقدم والاشتراكية، واتهمه بأنه أخطأ المسار عندما تحالف مع من لا يجوز التحالف معهم، مضيفا أن الحزب، حينها لم يجد مع من يتحالف من أجل حماية المسار الديمقراطي والدفاع عن المؤسسات، وعن المشروع المجتمعي الذي يؤمن به حزب التقدميين المغاربة.
وأوضح محمد نبيل بنعبد الله، أن الواقع اليوم، يؤكد وجاهة وصحة مواقف حزب التقدم والاشتراكية، وأن الفراغ السياسي الذي يتحدث عنه الحزب، والناتج عن ضعف هذه الحكومة، فقد بات الجميع يقر بأن هذه الحكومة فاقدة للنفس السياسي وبالأحرى للنفس الإصلاحي، رغم بعض التدابير التي يتم اتخاذها من حين لآخر، مشيرا أن هذا العطب الذي يعتري المشهد السياسي، تتحمل فيه أيضا، الأحزاب السياسية المسؤولية للخروج من هذا العطب ومن أجل إعطاء نفس ديمقراطي جديد ومعالجة العديد من الأمور ذات الصلة بالمؤسسات وتوازن السلط، ودور الأحزاب السياسية، وما هي التحالفات الممكنة لإحداث هذه الرجة التي تحدثت عنها الوثيقة السياسية التي ستعرض على المؤتمر الوطني الحادي عشر.
ومن جانبه، أكد رشيد روكبان عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أن الإجماع الذي حصل على الوثيقة السياسية التي ستعرض على المؤتمر الوطني الحادي عشر، لم يأت عبثا، بل هو نتيجة صيرورة وتراكم، ونتيجة نقاش رصين بين مختلف أعضاء الحزب منذ حوالي سنة، قبل عرضها على اللجنة المركزية التي صادقت عليها في لحظة إيجابية بالإجماع.
وأضاف روكبان أن حزب التقدم والاشتراكية هو حزب أساسي في المشهد السياسي الوطني، ويضطلع بأدوار مهمة امتدت لحوالي ثمانية عقود، وهو ما يؤهله الآن وباعتباره قوة اقتراحية وتأطيرية، للاستمرار في الاضطلاع بنفس الأدوار، مشيرا إلى أن طبيعة النقاش التي سبق الإعداد للمؤتمر الوطني الحادي عشر، سواء داخل اللجنة التحضيرية الوطني أو اللجان الموضوعاتية المتفرعة عنها، أو عبر مختلف الهياكل الحزبية، يبرز مدى متانة البيت الداخلي لحزب التقدم والاشتراكية الذي يذهب إلى مؤتمره الوطني بشكل موحد ومتراص الصفوف.
وفي الوقت الذي أكد فيه أحمد عصيد على أن الوثيقة السياسية للمؤتمر الحادي عشر، ترفض في شقها الاقتصادي النهج الليبرالي استناد إلى المرجعية اليسارية والاشتراكية للحزب، أكد الاستاذ الجامعي زكرياء فيرانو، على أن الوثيقة السياسية للمؤتمر الحادي عشر تستدعي نقاشا معمقا حول تصور الحزب الاقتصادي، ومقاربته للعديد من القضايا ذات الطابع الاقتصادي سواء على المدى القريب أو على المدى المتوسط، مشيرا إلى أنه عندما قرأ هذه الوثيقة عادت به الذاكرة إلى ما حدث في ثمانينيات القرن الماضي، عندما كان هناك حديث عن مكانيكا التنمية التي جاء بها “لوكاس” حيث كان يقول بأن التنمية لا يمكن أن تكون ميكانيكية، وكان حينها يطرح السؤال حول كيف يمكن جعل الاقتصاد الصيني والهندي شبيهين بالاقتصاد المصري؟ لأنه في تلك الفترة، كان الاقتصادي الهندي والاقتصاد الصيني لا يتجاوزان 0،1 في المائة كنسبة نمو في الوقت الذي كان يحقق فيه الاقتصاد المصري نسبة نمو تصل إلى ما بين 5 و 6 في المائة، وكان الكل يبشر بأن مصر ستكون من الدول المتقدمة آنذاك.
وفي نظر زكرياء فيرانو، فإن نفس القاعدة يمكن تطبيقها اليوم، مع وجود فارق، وهو أن “لوكاس” في تلك المرحلة طرح اقتراح يتمثل في مفهوم المناولة، وأن هذه الآلية دفعت بالصين والهند لتكونا على ما هي عليه اليوم.
بعد ذلك تساءل الأستاذ الجامعي عن معالم التوجه الحقيقة لحزب التقدم والاشتراكية فيما يخص السياسة الاقتصادية الحقيقية، مشيرا إلى أن الوثيقة تطرح توجهات كبرى وتصورات حول القطاعين العمومي والخصوصي، وكيف يمكن تحقيق السيادة الصناعية والسيادة الغذائية، وكيف يمكن توجيه الأبناك نحو التنمية؟ بالإضافة إلى الاستثمار في التكنولوجية وفي الاقتصاد الأخضر…ولكن مع كل ذلك يقول زكرياء فيرانو فإنه لم يجد التوجه الاقتصادي الحقيقي لحزب التقدم والاشتراكية، مشيرا إلى أنه عكس ما ذهب إليه الأستاذ عصيد كون الوثيقة ذات توجه اشتراكي، فإن جميع المقترحات الواردة في الوثيقة هي ذات طابع رأسمالي ليبرالي، ولم يكن هناك، في نظره، أي مقترح يحيل على المرجعية الماركسية وعلى المرجعية الاشتراكية.
وأضاف زكرياء فيرانو أن حزب التقدم والاشتراكية لما كان في الحكومة، كان من الأحزاب التي أشرت على تحرير المحروقات، وهو ما يؤكد على التوجه الليبرالي للحزب.
ويرى المتحدث أن الوثيقة السياسي للحزب تطرح إشكالا على المستوى المنهجي، حيث أثارت الحديث عن الأوضاع الداخلية قبل الحديث عن الأوضاع الدولية التي هي الأهم في نظره، وكان يتعين البدء بها، لأن المغرب، بحسبه، في نهاية المطاف لا يؤثر في الأوضاع الخارجية بقدر ما يتأثر بها .
كما لا حظ زكرياء فيرانو أن الوثيقة لم تفرق ما بين السياسات الاقتصادية الهيكلية والسياسات الاقتصادية البنيوية، مشيرا في هذا السياق إلى أن ما يقوم به بنك المغرب من تحريك لسعر الفائدة يؤثر على الاقتصاد، لكن الورقة لم تشر إلى ذلك إطلاقا، كما أنها لم تتضمن بحسبه، بابا خاصا بالصحة والتعليم باعتبارهما ركائز أساسية لأي تنمية بشرية واقتصادية، بالإضافة إلى عدم الحديث عن الادخار العمومي الذي يمثل أكثر من 50 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وعلى الرغم من كون الوثيقة تضمنت مجموعة من الاقتراحات التي وصفها، المتحدث ب”القوية” فالملاحظ أنه ليس هناك أرقام، ولم يتم الحديث مثلا عن نسبة النمو بشكل دقيق ومرقم لما سيكون عليه النمو خلال الأربع سنوات المقبلة، وكيف يمكن الوصول إلى ذلك؟
وفي نظر زكرياء فيرانو فإن الحديث عن الاقتصاد الأخضر الذي ورد في الوثيقة، بالنسبة للمغرب هو ترف علمي، لأن هناك مشاكل كبرى وأهم من الاقتصاد الأخضر يضيف المتحدث، الذي قال “إن هناك مشاكل الفقر والهشاشة ومشكل الفوارق المجالية والاجتماعية” مشيرا إلى أن الدول المتقدمة لا تتحدث عن الاقتصاد الأخضر بالطريقة التي يتحدث عنها في المغرب، وهو ما وصفه ب”المفارقة الكبرى”، لأن حجم الاقتصاد الوطني لا يؤهلنا للحديث عن مشاكل الاقتصاد الأخضر.
وفي تعقيبه على ما ورد في مداخلة زكرياء فيرانو، أكد عبد السلام الصديقي عضو الديوان السياسي للحزب، أن مسألة البدء بالحديث عن الأوضاع الداخلية عوض الأوضاع الخارجية هي مسألة اختيار فقط، وأنه ليست هناك وصفة مثلى في هذا الباب، كما أنه جرت العادة بالنسبة لحزب التقدم والاشتراكية، أن يقارب الأمر بهذه الصيغة، وبهذه المنهجية، وهو في نهاية المطاف، يقدم منتوجا متكاملا وغير مجزء.
وبخصوص غياب الأرقام في الوثيقة، قال عبد السلام الصديقي “نحن لسنا بصدد تقديم برنامج اقتصادي، بقدر ما نحن بصدد تقديم تصور، وأن ذلك لا يقتضي تقديم الأرقام التي هي مبينة في برنامج الحزب والتي يمكن الاطلاع عليها، وهو يقدمها عشية كل استحقاقات انتخابية”.
إلى ذلك استغرب عبد الصديقي، لما ذهب إليه المحاور من كون الحزب لم يكشف عن توجه اقتصادي حقيقي في الوثيقة، بما أنه حزب اشتراكي، وقال إن الوثيقة السياسية التي ستعرض على المؤتمر الوطني الحادي عشر، لا يمكن أن تقدم برنامجا اشتراكيا، وإلا سيكون ذلك من العبث، على اعتبار أن مضمون الوثيقة هو تصور مرحلي، وليس أفقا استراتيجيا، مشيرا إلى أن ما يهم حزب التقدم والاشتراكية، هو كيف يمكن أن نحقق التقدم المجتمعي ببلادنا، وكيف يمكن إنضاج الشروط لتحقيق ما يسميه الحزب الثورة الديمقراطية ذات الأفق الاشتراكي، وهو ما يعني بحسب القيادي الحزبي، فتح الآفاق أمام الشعب المغربي وعدم التقوقع على الذات.
وأضاف عبد السلام الصديقي، أن الحزب يقتبس تحليلاته من المادية التاريخية ومن الفكر الماركسي، والتي تعني بالضرورة الاصطفاف إلى جانب كل ما يمكن أن يساهم في تقدم المجتمع، لأنه كلما كان هناك تقدم كلما تم إنتاج تناقضات جديدة، مشيرا إلى أن هناك مرتكزات أساسية ينطلق منها تصور حزب التقدم والاشتراكية وهي الإيمان بدور الدولة في الاستثمار، ولكن في نفس الوقت لا ينكر دور المبادرة الخاصة.
وأوضح الصديقي أن حزب التقدم والاشتراكية، لم يكن دائما من مناصري الانفتاح بشكل مطلق، لكنه في نفس الوقت لم يكن من دعاة الحمائية بشكل مطلق أيضا فهو يقول بضرورة التوازن بين السوق الداخلي وبين السوق الخارجي، مشيرا إلى أن وجود سوق داخلي قوي هو الذي يحفز على الانفتاح، مؤكدا بأن الشغل الشاغل في عالم اليوم، هو عودة مفهوم السيادة والتي لا تعني بالضرورة الاكتفاء الذاتي، بل القدرة على التحكم، ووجود شركاء لهم مصداقية وموثوق فيهم.
إلى ذلك أفاد عبد السلام الصديقي أن القطاع العام يجب أن يلعب دور المحرك، لكن ليس القطاع العام البيروقراطي، بل قطاع عام يحتكم للتسيير الشفاف، مشيرا إلى أن هناك حاجة ماسة للتخطيط الاستراتيجي، والتخطيط الايكولوجي لتحديد الآفاق، وتقليص هامش الأخطاء التي وقع فيها الاقتصاد المغربي.
وفي نظر عضو الديوان السياسي لحزب الكتاب، فإن حزب التقدم والاشتراكية لما اشتغل إلى جانب حكومات ببرنامج ذو توجه رأسمالي وليس اشتراكي، قد كان واعيا بذلك، لأن الاشتراكية تتطلب شروط معينة ذاتية وموضوعية، ولا يمكن أن تقوم بجرة قلم، فالاشتراكية بحسب عبد الصديقي، ليست مجرد كلام بل هي بناء وهي مسار يتم تشييده لبنة لبنة، وهي في نهاية المطاف تخرج من رحم الرأسمالية، فالحزب يشتغل من أجل إنضاج شروط البناء الاشتراكي ويؤمن كحزب ماركسي بحتمية الاشتراكية.
من جانبه، أكد نبيل بنعبد الله أن الاقتصاد هو السياسية، ولذلك يسمى بالاقتصاد السياسي، وذلك قبل أن يكون أرقام، التي في نهاية المطاف متغيرة، مشيرا إلى أن حزب التقدم والاشتراكية وهو يحضر وثيقة المؤتمر، يعي جيدا أنه ليس بصدد إعداد برنامج، بل هي وثيقة سياسية تتضمن أهم مقتضيات برنامج الحزب الذي يتوفر على تصور مكتمل، منسجم مع الظروف الموضوعية لبلادنا، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يطرح اليوم في مغرب 2022 برنامجا اشتراكيا، لأن الشروط الموضوعية والذاتية غير متوفرة في المجتمع المغربي لتقديم هكذا برنامج.
وأضاف محمد نبيل بنعبد الله أن الحزب يأخذ بما يمكن أن يرفع من الاقتصاد الوطني، ومن القدرة على إنتاج الثروة وبعد ذلك العمل من أجل توزيع هذه الخيرات بشكل عادل، مشيرا إلى أن الحزب يطرح اليوم، السؤال حول كيف يمكن تحقيق هذا التصور؟ مؤكدا على أن الظروف الموضوعية لبلادنا، اليوم، تدل على أن القطاع الخصوصي الذي عرف نوعا من التطور، غير قادر على تحمل أعباء المسار التنموي المغربي، وهو ما يحتم ضرورة الحفاظ على دور الدولة في توجيه الاقتصاد ودعمه.
وفي السياق ذاته، أكد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، على أن توجيه الاقتصاد واستعمال آليات الاستثمار العمومي أبانت عن محدوديتها، لأن الاستثمار العمومي ليس هو غلاف مالي يرتفع كل سنة، في ظل غياب التناغم والتلاقح بين السياسات العمومية وغياب تصور شمولي لهذا الاستثمار العمومي وغياب التخطيط بمفهومه المرن وليس بمفهوم التقليدي، مشيرا إلى أن ذلك يستلزم التوجه نحو أساليب تمويلية جديدة والقيام بإصلاح جبائي حقيقي، وهو موجود لكن تغيب الإرادة السياسية لتفعيله، بالإضافة إلى ضرورة تضريب الأرباح الزائدة التي حققتها شركات المحروقات.
واستغرب بنعبد الله، لموقف زكرياء فيرانو من الاقتصاد الأخضر، مشيرا إلى أن المغرب الذي هو في طور البناء يتعين أن يعتمد على الاقتصاد الأخضر وأن ينتبه إلى ذلك من الآن، لأن الدول الصناعية الكبرى كالصين وأمريكا إذا أرادت تحويل اقتصادها إلى اقتصاد أخضر، فإن ذلك سيتطلب منها ضخ الملايير من الدولارات، عكس المغرب الذي هو في طور البناء ويمكنه فعل ذلك، وأن يجعل من هذا النوع من الاقتصاد قطاعا رائدا في التنمية.
وشدد زعيم التقدميين المغاربة، على ضرورة الانتباه إلى أن الوثيقة تطرقت إلى مسألة أساسية وهي مسألة الحكامة في الاقتصاد الوطني، لأنه لا يمكن في نظره، بناء اقتصاد حقيقي، والمغرب لازال يجتر قطاع غير مهيكل، ودون إصلاح كل الأمور المرتبطة بالريع والاحتكار الموجود في العديد من القطاعات، وكذا تضارب المصالح مشيرا في هذا الصدد إلى سوق المحروقات التي هي شاهد على ذلك.
وبدورها، انتقدت شرفات أفيلال القول بأن الاقتصاد الأخضر هو مجرد ترف علمي، مشيرة إلى أنه لا يستقيم مثل هذا الكلام في وقت يكثر فيه الحديث عن ضرورة وضع الإنسان في صلب التنمية، وأن الاعتماد على الاقتصاد الأخضر هو عكس الاقتصاد العادي الذي يهدف إلى تحقيق الربح بأقل ثمن دون الأخذ بعين الاعتبار خطر التلوث واستنزاف الموارد، ودون الأخذ بعين الاعتبار انعكاس ذلك على مؤشرات التنمية البشرية.
وأوضحت أفيلال، أن الاعتماد على نمط الإنتاج الكلاسيكي العادي هو السبب في العديد من الأزمات كاتساع دائرة الفقر والتهميش، وضعف العرض الصحي، وتنامي بعض الظواهر الطبيعية كالفيضانات التي يكون الفلاحون الصغار والفقراء، ضحيتها لها وأن هذا النوع من الاقتصاد يتعارض مع أهداف التنمية البشرية، التي تضع الإنسان في صلب العملية التنموية.
واعتبرت شرفات أفيلال، أن زراعة بعض الفواكه الاستوائية في المغرب والتي تحتاج إلى كميات هائلة من المياه في الوقت الذي تعاني فيه بلانا ندرة الموارد المائية، مشيرة إلى أن ذلك يساهم في تدمير ما تبقى من موارد مائية سواء كانت سطحية أو جوفية.
من جانبه، أكد عزوز الصنهاجي على أن الرأسمالية استعارت من المقاربات الاشتراكية الكثير من الأشياء، خلال السنوات الماضية، وظهر ذلك بشكل جلي بعد تداعيات جائحة “كوفيد-19” كما أكد على أن الانتقال الطاقي واعتماد الاقتصاد التدويري وإعادة استعمال المياه العادمة، هي ليست مسألة ثانوية، أو هامشية بل هي رافعات حقيقية في التنمية البشرية ولها وقع اقتصادي ومالي واجتماعي مهم.
وذكر الصنهاجي أن تصور حزب التقدم والاشتراكية لدور الدولة انتصر، خاصة بعد كوفيد، حيث أن الكل، قبل بذلك، كان يقول بتقليص دور الدولة، لكن واقع الجائحة فند كل تلك الطروحات، واستثمرت الدولة في مقاربات مستوحاة من المقاربات الاشتراكية، مشيرا إلى أن المرحلة التي تمر منها بلادنا تتطلب ضرورة تمتين الاقتصاد الوطني بمجهود طلائعي للقطاع العمومي وبمجهود قطاع خصوصي قوي ومسؤول اجتماعيا وماليا.

< محمد حجيوي

تصوير: رضوان موسى

Related posts

Top