الفيلم التركي “المهجع”.. قصة عن غربة أحمد بين التعليم الديني والعلماني

قدم أول أمس الاثنين، المخرج التركي نهير تونا، فيلمه «المهجع»، Dominitory (Yurt)، بقصر المؤتمرات بالمدينة الحمراء، في إطار المسابقة الرسمية على النجمة الذهبية، للدورة 20 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش. اختار المخرج التصوير باللونين الأبيض والأسود، فقط، في إحالة على مرحلة تاريخية معينة بتركيا، وبالضبط سنة 1996، التي كانت تعرف صراعا على أشده، بين التيار العلماني الحداثي والتوجه الإسلامي الذي يمثله تنظيم الجماعات الدينية. تدور أحداث الفيلم (118 دقيقة)، حول الطفل أحمد الذي فرض عليه والده متابعة دراسته في مؤسسة تقليدية للتعليم الديني، بالموازاة مع الدراسة في حجرات الدولة العلمانية، ما جعل هذا الطفل الصغير، تائها، ومشتتا بين المؤسستين، وهو في سن 14. عبر أحمد أيما مرة، عن رفضه متابعة الدراسة في المؤسسة الدينية، نظرا لصعوبة الاندماج مع تلاميذها، لاسيما وأنه ينتمي إلى الطبقة الاجتماعية الغنية بتركيا، إذ كان ينظر إليه، ويتعامل معه بشكل مختلف عن باقي التلاميذ، كما كان يتعرض لسرقة ملابسه الثمينة. باءت كل محاولات أحمد للخروج من المدرسة الدينية بالفشل، رغم دفاع والدته عنه أمام والده كريم غوك، الذي كان قراره حاسما في هذا الموضوع، الذي يعتبر بحسبه، مفصليا ومهما في حياة الطفل أحمد، الذي يجب أن يتعلم الاستقامة والانضباط في الحياة، والقطع مع ملذاتها، وعدم تضييع الوقت فيما لا يناسب. اندمج أحمد بصعوبة في المدرسة الدينية، التي كان والده يتبرع ويساهم ماديا لفائدة إدارتها، ضمانا لاستقرارها وحسن سيرها، علما أنه في آخر الفيلم، سيصبح قائدا للجماعة الدينية في منطقة مرمرة التي يقطن بها، كما أنه سيشرف على المدرسة الدينية «اليورت» الجديدة. وما كان كريم ليكون زعيما دينيا، لولا استقطابه من قبل الجماعة الإسلامية بتركيا، لأنه في السابق، عاش حياة منفتحة مع زوجته، لا زالت موثقة في ألبوم صور العائلة، الذي عاد إليه أحمد مرارا، وظل يحاول وضعها في جدران المنزل، حيث لم يستطع فعل ذلك، لأن والده ملتزم بتعاليم الدين الذي يحرم التصوير، وكأن أحمد كان يريد أن يذكر والده بما تم التعاقد حوله مع الأسرة في البداية، قبل هذا الانقلاب نحو التشدد. وقبل اندماج أحمد في المدرسة الدينية الذي تطلب وقتا زمنيا طويلا، كان يتعرض للمضايقات من قبل أحد «الخوجة» (موظف ديني)، كما وجد في البدايات، صعوبة في التواصل مع تلاميذ المؤسسة الحكومية العلمانية، التي يرفض تلامذتها أفراد «الأكزمندي». كثم أحمد لوقت طويل انتمائه الديني رغم الإشاعات الذي كانت منتشرة في المدرسة الحداثية للحكومة، التي تشير إلى وجود تلميذ مندس في القسم، يتلقى تعليما دينيا في «اليورت»، قبل أن يعلن صراحة في آخر الفيلم، عن انتمائه الفعلي إلى المدرسة الدينية، التي أصبح يقيم فيها وقياديا في إدارتها، بعد مغادرة أحد رجال الدين، وذلك، بفعل اجتهاده ومثابرته والتزامه بالتعاليم الإسلامية، خصوصا وأنه حصل على ميزة «حسن» أثناء التخرج. كون أحمد صداقات واسعة مع تلاميذ المؤسسة الدينية، خصوصا «هاكان» الذي كان يقضي كل وقته في «اليورت»، بما فيها أيام العطل، لأنه بدون عائلة، ووجد في المدرسة منزلا، لأنها توفر السكن الداخلي. تقاسم أحمد وهاكان الكثير من الأسرار التي تهم المدرسة المخصصة لتعليم التلاميذ الذكور دون الإناث، حيث قاما بعدة مغامرات مشتركة، من قبيل البحث عن الكنز لتوفير مبلغ مالي مهم، قصد امتهان التجارة، بيد أنهما فشلا في المهمة، وقررا العودة إلى المؤسسة، بعد حادث شجار بينهما. دينامية أحمد ونشاطه المتواصل، وشغبه الذي لا يتوقف، جعل منه عنصرا مهما في المدرسة الدينية، التي كان يرغب في أن تسند له المسؤولية داخلها، إيمانا منه بضرورة نيل رضا الرب ومغفرته، إذ احتج على والده بعد حصوله على شهادة التخرج، نظرا لإقصائه كـ»خوجة» من إسناد مهمة له داخل المدرسة التي كان يتابع تعليمه بها. ورغم المضايقات التي كان يتعرض لها من قبل بعض الزملاء في قسم المدرسة الحكومية، وكذا في الخارج عبر اقتفاء مساره نحو المدرسة الدينية، واحتجاج الشارع على توجهه الديني، بقي أحمد مؤمنا باختيار والده الذي أقنعه بضرورة الصبر ومواجهة كل الصعاب، انتصارا للدين الإسلامي الذي ترفضه فئة من المجتمع العلماني التركي. وصور الفيلم (المدعم الإنتاج من تركيا، ألمانيا وفرنسا)، أوجه الاختلاف بين المؤسسة الدينية، ونظيرتها الحكومية، فإذا كانت هذه الأخيرة تعتمد في برامجها التربوية على المناهج الحديثة في تلقين الدروس، بأسلوب بسيط وسلسل يعتمد الحوار والتواصل، فإنه في الجهة المقابلة، يسود العنف والقهر والخوف والاستغلال، لقد كان رجال الدين، يكلفون التلاميذ بجمع الأزبال، والقيام بأعمال النظافة، كما أن أي رفض لأمر من أوامرهم، يواجه أصحابه بعقاب قاسي ومهين لإنسانية التلميذ. وإلى جانب التطرق في الفيلم للغربة التي عاشها أحمد بين المدرسة الدينية للجماعة، وكذا المؤسسة الحكومية للدولة، عالج المخرج نهير تونا، بتصوير محترف ومتقن، وكذا تشخيص جيد للممثل دوكا كركاس (أحمد)، ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال في المدارس الدينية، متوقفا عند تحرش خوجة المسؤول عن «اليورت» بهاكان أيام العطل، التي كان يغادر فيها جميع التلاميذ المؤسسة. ومن جهة أخرى، نقل العمل السينمائي «المهجع»، مشكل الفقر والعوز والحرمان وسط أطفال الأسر التركية المهمشة، والصراع الخفي بين أجهزة الدولة والجماعات الدينية المنتشرة في المدن التركية. ولضمان وجود المؤسسات الدينية في تركيا، كانت إدارة المدرسة دائما على أهبة الاستعداد لأي زيارة مفاجئة من قبل رجال الأمن، الذين يسهرون على ضمان استقرار علمانية الدولة التركية، من خلال مراقبة ومحاربة كل أشكال التطرف الفكري والعقائدي، الذي يهدد النظام السياسي للبلاد، عبر تلقين وتكوين التلاميذ بدروس خارجة عن المنهج التربوي المعتمد في المدارس الحكومية. وحصر الفيلم السينمائي التركي قصة أحمد، في فترة الطفولة والمراهقة، حيث لم يواكبه في مرحلة الشباب، تاركا للمشاهد تخيل مسار هذا الطفل الذي وجد نفسه بين نارين، فلا هو مقتنع بالتعليم الديني الذي فرض عليه، ولا هو درس بشكل طبيعي كباقي زملائه في المؤسسة الحكومية. وعاش أحمد مراهقة طبيعية كباقي الأشخاص الذين في سنه، فرغم المواظبة على المدرسة الدينية، كان يقبل على مشاهدة واقتناء القصص البورنوغرافية، والاستمناء، والتدخين، رغم أن التعاليم الدينية تنهي على مثل هكذا ممارسات، ما يعني أن مرحلة الشباب التي لم يصورها لنا المخرج، ستكون مفصلية في حياة أحمد، باعتبارها مرحلة النضج، وحسم القرار في جزء كبير من اختيارات الفرد المجتمعية، ما يعني أن المخرج ترك المجال مفتوحا أمام المشاهد لتخيل ما سيحدث في المستقبل لأحمد، الذي قرر في طفولته الاستمرار في تلقي التعليم الديني، فهل سيستمر في هذا الاختيار؟ وسجل جمهور المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، ملاحظة تتعلق بطول المدة الزمنية لهذا العمل، لكنه مع ذلك، حظي باستحسان كبير، نظرا لحبكة القصة وقوتها، إلى جانب ضبط صنعة التصوير، والاختيار الجمالي والفني للونين الأبيض والأسود، ناهيك عن قوة التشخيص والحوار، وبلاغة الصمت في بعض المشاهد. جدير بالذكر، أن المخرج يمتح جزءا من قصة فيلمه، من سيرته الذاتية، وتحديدا خلال فترة الطفولة، مشيرا أثناء تقديمه للعمل قبل العرض الرسمي، إلى أنه تابع دراسته لمدة خمس سنوات في «اليورت»، الذي كان يحفظ فيه التلاميذ القرآن، ويرددون الأناشيد، إلى جانب تخصيص حصص للتعبد الفردي، والسهر على الصلاة جماعة.

******

فيلم «الحصيلة».. غريزة الأمومة تدفع بـ«سولين» إلى احتراف السرقة لتأمين تكاليف علاج ابنها الباهظة الثمن

 

شاهد جمهور المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، يوم الأحد الماضي، فيلم «الحصيلة» (Pedagio)، لمخرجته البرازيلية كارولينا ماركوفيتش، بقصر المؤتمرات بالمدينة الحمراء، في إطار المسابقة الرسمية على النجمة الذهبية، للدورة 20 للمهرجان. يحكي الفيلم (101 دقيقة)، قصة الأم سولين ابرسيدا (من أداء الممثلة البرازيلية ماييف جينكينكز) التي تشتغل في محطة للطريق السيار، تكافح من أجل تربية ابنها أنطونيو، وتحسين وضعهما المعيشي، في ظل تردي مستوى الحياة بالبرازيل، علما أنها تقطن في منزل بحي شعبي يفتقر إلى أبسط شروط الحياة الكريمة. مقابل كدها وسعيها، كأم تناضل لتحقيق السعادة لابنها، ستتعرض سولين إلى مجموعة من المضايقات من الأشخاص الذين يعيشون في محيطها، خصوصا في العمل، بعد معرفة أن أنطونيو يعاني من مرض «الشذوذ الجنسي»، ويقوم بتصوير فيديوهات وتقاسمها على وسائل التواصل الاجتماعي.

                                                                                المخرجة كارولينا ماركوفيتش والممثلة ماييف جينكينكز تقدمان فيلم الحصيلة

لم تتقبل سولين فكرة أن يكون ابنها «متحولا جنسيا»، خصوصا وأن المجتمع البرازيلي الشعبي المحافظ، يرفض هذه الاختيارات، وهو ما سيدفعها إلى خوض رحلة طويلة وشاقة من أجل إقناع ابنها، بضرورة أن يكون «رجلا»، ويحافظ على طبيعته الأصل، بدل الانسياق وراء مظاهر المتحولين جنسيا، من قبيل تصوير فيديوهات بإيحاءات جنسية، واستخدام أضواء بألوان مثيرة في غرفته، إلى جانب استعمال مواد التجميل النسائية. اهتدت سولين المتذمرة نفسيا، باقتراح من زميلتها في العمل تيلما، إلى البحث عن علاج «للمرض» الذي يعاني منه أنطونيو، من خلال اللجوء إلى قس ديني، يقوم بحصص علاج جماعية، لكن نظير مقابل مادي باهظ، دفعها إلى الدخول في أعمال غير قانونية، عبر الانضمام إلى عصابة خاصة بسرقة الساعات اليدوية والأشياء الثمينة. ساهمت سولين، التي كانت ملامحها طيلة عرض الفيلم تعبر عن عدم الرضى والقبول، من موقعها كعاملة في محطة الأداء بالطريق السيار، من ترصد الضحايا أصحاب السيارات الفاخرة، والتنسيق مع عناصر العصابة من أجل اعتراض طريقهم وسلبهم إكسسوارات التجميل غالية الثمن، ذلك أنها حققت أرباحا جيدة من هذه المهمة، التي دفعت إليها دفعا، قصد تأمين مصاريف علاج ابنها الذي لم يرغب في إتمام دراسته، ورفض تعلم حرفة سياقة الرافعات، وأصر على احتراف الغناء والرقص. رغم محاولة القس، بدفع أنطونيو إلى التراجع عن قرار تحوله الجنسي، إلا أنه ظل متشبثا باختياره، علما أنه سيلتقي بفضاء العلاج بريكي الذي سيدخل في علاقة معه، خصوصا بعد سجن والدته التي قضت مدة طويلة في السجن، بعد اعتقالها من قبل الشرطة بتهمة السرقة. تفاجأت سولين بعد خروجها من السجن بوجود ريكي في البيت الجديد لابنها، حيث لم تعلق على المستجد، وصاحبت ابنها إلى الملهى الذي يشتغل فيه، مغنيا وراقصا، ملتحقة بوساطة من أنطونيو، بطاقم المطعم، بعدما طردت من عملها السابق بإدارة الطريق السيار. صور الفيلم البرازيلي، الذي كان تشخيص الممثلة ماييف جينكينكز قويا فيه، على مستوى الحوار ولغة الجسد وسيمائية الوجه، معاناة الأسر المحافظة مع ظاهرة «التحول الجنسي»، ذلك أن العائلات لا تتقبل هذه الاختيارات، نظرا لما تمثله من اختلاف غير مرغوب فيه داخل المحيط الاجتماعي، فالرفض، وعدم القبول، والنبذ هي العناوين الأبرز لهذه التجارب المخالفة للطبيعة والغرائز الإنسانية. إلى جانب ذلك، نقل الفيلم معاناة الطبقة الفقيرة بالبرازيل، التي تشتغل وتعيش في ظروف قاسية، في ظل غياب الحماية الاجتماعية للدولة، وقساوة المحيط المعيشي الذي لا يرحم، نظرا للمضايقات التي اعترضت سولين بفعل اختيار ابنها الذي لا تتحمل وزره، لكنها رغم ذلك ظلت مصرة على ضرورة مساعدته، لتجاوز الوضع الذي يوجد عليه، حتى ولو تطلب الأمر، ممارسة أشياء مخالفة للقانون تؤدي بصاحبها إلى السجن، وذاك شأن غريزي فطري كجميع الأمهات، لا تحسد عليه.

*****

نعومي كاواسي: أفلامي واقعية وليست غارقة في الخيال كما يروج لذلك

 

قالت المخرجة اليابانية نعومي كاواسي، إنها لم تبحث يوما عن أن تكون مخرجة، مشيرة إلى أن بداياتها في تصوير الأفلام الوثائقية لأفراد عائلتها، في سن 23، كانت مجرد بحث عن الذات وسر الوجود في هذا العالم. وأكدت كاواسي، في فقرة «حوار مع»، بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، الذي أدارته ليلي هينستان، أن الكاميرا هي امتداد لرؤية المخرج، موضحة أن ممارستها للعمل السينمائي، نابع عن حب واقتناع بضرورة العيش بشكل عميق، وفي هذا الصدد، تدعو إلى الجدية والانضب+اط والانخراط في تحديات الإبداع. وبشأن حضور أفراد عائلتها في أفلامها، سواء الوثائقية أو الروائية، تؤكد المخرجة اليابانية الذائعة الصيت، أنها دائما تنطلق في أعمالها من تجاربها الخاصة، ومحيطها القريب جدا، ذلك، أنه لا مانع لديها، في حضور خالتها التي بمنزلة جدتها في أشرطتها السينمائية. وقالت المتحدثة ذاتها، في «الماستر كلاس»، الذي نظم أول أمس الاثنين، بقصر المؤتمرات بالمدينة الحمراء: «إن ما يتم ترويجه بكون أعمالي غارقة في الخيال غير صحيح»، مبرزة أن الواقع حاضر وبقوة في أعمالها، لكن ما على الجمهور والنقاد إلا التركيز على محتوى أفلامها، لاسيما وأن لديها أسلوبها الخاص في التعبير السينمائي. وأوضحت أنها عندما تشرع في التصوير، فإنها تقوم بذلك، استنادا إلى التتابع الزمني، الذي تتحكم فيه أثناء عملية المونتاج.

وتولي نعومي كواسي، أهمية خاصة في أعمالها السينمائية، إلى جذور هويتها، لاسيما بلدة نارا، التي تشهد هجرة واسعة من قبل الشباب نحو عاصمة اليابان طوكيو، ومن أجل ضمان استقرار هؤلاء الشباب في مدينتهم، توظف نعومي كواسي الكاميرا لتغيير التصورات والمعتقدات السائدة بشأن نارا، التي يستقر بها المسنون المحافظون الذين يرفضون أي تغيير في مجتمعهم. ورغم اشتغال كواسي على الأفلام الروائية الطويلة، إلا أنها لم تتخل عن الوثائقي، الذي يرتبط بالدرجة الأولى، بحياة أفراد أسرتها، خصوصا جدتها، التي وثقت لها شريطا مصورا، وهي في عمر 80، حيث تظهر التجاعيد على جسمها العاري وهي في وضعية استحمام، موضحة أن تقاسمها لهذا الفيلم مع جمهورها بعد وفاة جدتها، هو اعتراف منها بالجميل الذي أسدته لها، لأنها سهرت على تربيتها طيلة 30 سنة. ووجهت المبدعة السينمائية اليابانية انتقادا لاذعا، للمجتمع الرأسمالي الذي يهتم بالدرجة الأولى، بالمال، والسيارات الفارهة، وكل مظاهر الاستهلاك، داعية إلى الاهتمام من جهة أخرى، بالسينما والفن، الذي يساهم في تنمية ذوق المجتمع. وعبرت عن رفضها الاشتغال مع ممثلين غير محترفين، وبعيدين عن المجال السينمائي، نظرا لافتقادهم للخبرة والتجربة والتقنية، ذلك، أن التواصل بين المخرج والممثل، يعد بحسبها، أمرا ضروريا في الاشتغال على أي عمل. وقدمت نعومي كواسي، نموذج اشتغالها مع الممثلين، التي تصر على ضرورة أن يعيشوا ويستأنسوا مسبقا بالأجواء التي ستكون «استديوها» للتمثيل، من قبيل زيارة الفضاءات وربط الحميمية بها، حتى لا يكون التشخيص مصطنعا في الفيلم (دروب الأحياء، المدارس، المحلات..). وذكرت كواسي، أن الممثلين بالفعل، يتضايقون من توجيهات المخرج، لكنها تبقى على حد تعبيرها، مهمة لنجاح الفيلم، «لأن المخرج لديه أشياء خفية ليس بالضرورة أن يفصح عنها لكل طاقم العمل». وتحدثت عن تجربة اشتغالها مع منظمة اليونيسكو، عبر توفير تكوين لفائدة النساء المخرجات المبتدئات، بمدينتها الصغيرة نارا اليابانية، معبرة عن سعادتها وهي تشتغل إلى جانبهن، مؤكدة دعمها المستمر لهن ومصاحبتهن في مشاريعهن السينمائية، حتى تكون لهن آفاقا واسعة. ووقفت المخرجة اليابانية التي أثنت على مستوى تنظيم المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، عند تجربة تنظيمها للمهرجان السينمائي «نارا»، منذ سنة 2010، واصفة التجربة بـ»المهمة»، لأنها مساحة للترفيه، وتبادل الخبرات، والانفتاح على الثقافات الأخرى، علما أن المحافظة هي السمة الأساسية لأهل هذه المدينة. واعتبرت نعومي كواسي، أن السينما هي طريقة في الحياة، وطاقة وإبداع، فالتقنية ليست مهمة بحسبها، بقدر ما تهم الفكرة، والحبكة، وحكاية القصة: «أي أن نعرف ما نريد التعبير عنه»، مسجلة أن التصوير أهم عملية في إنتاج الفيلم، لأنها بداية نقل السيناريو من المكتوب إلى البصري. ومن بين أهم الأعمال السينمائية لنعومي كواسي، نجد فيلمها الروائي الأول «Moe no Suzaku»، و»Mogari no mori»، و»Hikari»، و»Hotaru»، و»Tarachime».

مبعوث بيان اليوم الى مراكش: يوسف الخيدر- تصوير: أحمد عقيل مكاو

Top