مؤتمر دولي بمرتيل حول المخاطر البيئية في ظل التحديات المناخية وإكراهات الاستثمار

احتضنت مدينة مارتيل، الأسبوع الماضي (5-6 دجنبر الجاري)، فعاليات المؤتمر الدولي السابع حول التغيرات المناخية المنعقد هذه السنة تحت شعار “المخاطر البيئية في ظل التحديات المناخية وإكراهات الاستثمار”، والذي شارك فيه أكاديميون وخبراء مغاربة وأجانب.
وناقش المؤتمرون خلال هذه الفعالية العلمية، التي نظمها المختبر الدولي لرصد الأزمات وإستشراف السياسات العمومية بتنسيق مع كلية الحقوق بمرتيل وعرفت مشاركة أكثر من ثمانين خبيرا وأكاديميا وطلبة باحثين، تأثير المناخ والبيئة على السياسات العمومية التنموية، والمخاطر البيئية وتأثيراتها على مستقبل الاستثمار والاقتصاد، وكذا أهمية مضامين التشريعات الوطنية والدولية لمواجهة التحديات والتغيرات البيئية التي لا حدود لها.

وحسب المنظمين، تشكل أيضا هذه المنصة العلمية الدولية فرصة لطرح وعرض أبحاث أكاديمية لطلبة جامعة عبد المالك السعدي بتطوان التي لها علاقة بموضوع المؤتمر، ومناقشة مقاربات علمية وأكاديمية ذات الصلة، وتحليل المعطيات الجيوستراتيجية والاقتصادية والمناخية والاجتماعية التي تستأثر باهتمام الباحثين و أصحاب القرار والمنظمات الدولية والإقليمية ومؤسسات البحث.
كما يهدف المؤتمر إلى التعمق في تحليل سلسلة التأثيرات السلبية للمخاطر البيئية والمناخية على الأمن الغذائي في ظل التحديات التي تعرفها اقتصادات العالم، وفي الوقت ذاته محاولة طرح الحلول الدولية والإقليمية ذات البعد الآني للحد من آثار تغير المناخ ومواجهة مخاطره الأمنية والبيئية والتنموية بأبعادها المعقدة.
وفي هذا السياق ، أبرز رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات أحمد درداري، أن جامعة عبد المالك السعدي بتطوان دأبت على تنظيم تظاهرات علمية تتناول القضايا الراهنة بشراكة مع المراكز البحثية والمختبرات العلمية، وذلك بهدف تسليط الضوء عليها والإحاطة بها علميا وأكاديميا ،وتحسيس المجتمع بأهميتها.
وأضاف منسق ماستر التدبير الاستراتيجي للسياسات العمومية والأمنية بكلية الحقوق بتطوان أن موضوع المؤتمر “المخاطر البيئية في ظل التحديات المناخية وإكراهات الاستثمار”، الذي يتصادف وانعقاد مؤتمر المناخ كوب 28 بدولة الإمارات العربية المتحدة، محاولة للاحاطة القانونية والعلمية والأكاديمية بالمخاطر البيئية والسياسية والتنموية ذات الصلة من منظور أكاديمي، وهو الموضوع الحساس، الذي غير منحى التفكير لدى دول وشعوب كثيرة.
من جانبه، اعتبر الأستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمرتيل يونس قبيبشي، أن الجامعة مطالبة، من موقعها، بالمساهمة في النقاش الدائر حول المخاطر البيئية والتحديات المناخية في أبعادها الوطنية والإقليمية والدولية وطرح تصورات علمية لمواجهة هذه الأخطار، وكذا وضع دراسات تحليلية موضوعية حول السياسات الوطنية والدولية للنهوض بالاقتصاد الوطني في ظل هذه الاكراهات.
واعتبر قبيبش أن هذه الفعالية العلمية هي كذلك مساهمة أكاديمية لتسليط الضوء على سلوكات الأفراد والمقاولات والفاعلين في الحياة الاقتصادية، ودعم التفكير المشترك للحفاظ على الأمن الغذائي وتطوير الاقتصاد في ظل الظروف البيئية العالمية التي تحتاج الى أكثر من مبادرات وجهود نبيلة.

****

شكيب لعلج: تعبئة القطاع الخاص من أجل العمل المناخي تتجسد من خلال مبادرات ملموسة

 

أكد رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، شكيب لعلج، أن القطاع الخاص في المغرب، واع تماما بحجم التحديات التي تفرضها التغيرات المناخية على المقاولات، ومنخرط من هذا المنطلق بقوة وفعالية وبشكل ملموس في العمل المناخي.

وقال لعلج خلال جلسة نظمتها مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة بمناسبة مؤتمر المناخ (كوب 28) “في المغرب تتجسد تعبئة القطاع الخاص من اجل العمل المناخي من خلال مبادرات ملموسة وليس فقط من خلال وعود وكلام”.

وتابع في هذا الصدد أن تجمع أرباب العمل بالمغرب، الذي أدرك مبكرا التحديات المرتبطة بتغير المناخ بالنسبة للشركات وحدد الفرص المحتملة التي تولدها القيود المرتبطة بهذه التغيرات، أحدث ثلاث لجن تولت الانكباب على موضوع التغيرات المناخية منذ أكثر من 20 سنة، بغرض تسريع دينامية العمل المناخي ووضع رهن إشارة الشركات والمقاولات المغربية أدوات مفيدة وفعالة للنجاح في تحولها الأخضر.
وذكر أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب أطلق منذ 2006 علامته الخاصة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات، والتي تعترف بالالتزام الاجتماعي والبيئي للشركات المغربية وتعزز تعبئتها لصالح التنمية المستدامة والشاملة.
كما أشار لعلج إلى صياغة دليل إزالة الكربون للاتحاد العام لمقاولات المغرب الذي يهدف إلى دعم الشركات المغربية في جميع مراحل عملية إزالة الكربون من خلال تزويدها بالمعلومات والتدابير والمساعدة الدقيقة.
وأشار إلى أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب ومؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، انخرطا منذ عدة سنوات في برامج ومشاريع مشتركة تهدف إلى الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، لا سيما من خلال بناء القدرات والتكوين، مذكرا بأن هذه الشراكة أثمرت إطلاق ميثاق جودة الهواء في عام 2016 على هامش (كوب 22 ) بمراكش والذي من خلاله يتم رفع مستوى التحسيس وتعبئة الجهات الفاعلة العمومية والخاصة من أجل مكافحة تغير المناخ.

ولدى تطرقه للإمكانات الهائلة غير المستغلة التي تتمتع بها أفريقيا في مجال الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، قال لعلج إن أفريقيا قادرة على إنتاج وتصدير الطاقة النظيفة بتكلفة تنافسية للغاية وبشكل يغطي كافة احتياجات كوكب الأرض من الطاقة، فضلا عن إمكانياتها الهائلة في الهيدروجين الأخضر.
وشدد على أنه من اجل الاستجابة السريعة والفعالة للنقص الحاد في المياه في جميع أنحاء القارة، يتعين تطوير شراكات مزدهرة بين القطاعين العام والخاص لتحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي بهدف إعادة استخدامها، مشيرا إلى أنه في المغرب تتطلب خدمات المياه العمومية استثمارات تناهز 943 مليون دولار حتى عام 2030 لتلبية احتياجات السكان.
ومن أجل استغلال هذه الفرص بشكل صحيح، أكد لعلج أن الشركات بحاجة الى مختلف اشكال الدعم بما في ذلك سهولة الوصول إلى التمويل وملاءمة التشريعات ووضع سياسات ناجعة وضمان التدريب الكافي وتنمية رأس المال البشري.
وعرف هذا الحدث بالخصوص مشاركة متدخلين رفيعي المستوى من ضمنهم ليلى بنعلي وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ورزان المبارك، رائدة الأمم المتحدة لتغير المناخ لمؤتمر الأطراف (كوب 28 )، رئيسة الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.
وشكل اللقاء مناسبة لاستعراض الحلول الناجعة والنوعية للتصدي للتغيرات المناخية، وفق مقاربة تشاركية ينخرط فيها القطاع الخاص والسلطات المحلية والمجتمع المدني لبناء مجتمع أكثر نجاعة من أجل إفريقيا ومن أجل العالم.

Top