يرتقب أن تكون زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى بلادنا حاملا رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جلالة الملك، المدخل والبداية لكي تستعيد علاقات الرباط والقاهرة طبيعتها المعروفة منذ قرون، ولكي ينتصر…العقل.
في المغرب، خصوصا، لم تبادر أي جهة لإشعال فتيل التوتر مع مصر، ولكنها الهجومات الإعلامية ضد المملكة وشعبها ورموزها ومؤسساتها التي قادها مذيعون وفنانون مصريون بشكل غريب وغير مفهوم هي التي قادت إلى … التوتر، وبالرغم من امتناع المغرب عن الرد في حينه بالمثل فان الاستهدافات توالت واستمرت إلى أن صار السكوت مستحيلا، ثم وقع الرد.
هنا نسجل أنه، في خضم التوتر، كان في مصر أيضا كثير من العقلاء وأصحاب بعد النظر، ينادون ويعملون من أجل أن تنتهي هذه الأزمة بين البلدين، ويحرصون على صيانة العلاقات الجيدة بينهما، وهؤلاء هم المعول عليهم في البلدين لتفادي التوترات المفتعلة والمفتقدة لأي معنى.
عندما انتفض المغرب احتجاجا على ما لحقه من إهانات، فهو كان أيضا يستهجن سعي النظام الجزائري لإدامة التوتر بين الرباط والقاهرة واستغلاله لضرب الحقوق الوطنية المغربية، ومن ثم فالانفراج في العلاقات المغربية المصرية اليوم، يعني أيضا إفشال المناورة الجزائرية للوقيعة بين الرباط والقاهرة، والحيلولة دون أن يدخل جنيرالات قصر المرادية فيما بين البلدين المرتبطين بعلاقات عريقة وتاريخية ممتدة عميقا في الزمن.
بديهي القول والتذكير هن، بأن الأمر يتعلق ببلدين كبيرين فعلا، هما مصر والمغرب، وهما معا ليسا طارئين أو بلا تاريخ أو عمق، ومن ثم لا خيار لهما سوى التعاون والعمل معا من أجل مستقبل أفضل لكامل المنطقة.
في لحظات التوتر، لم يغب الفنانون المصريون عن مهرجانات المغرب، ولم تنقص محبة المغاربة لهم، وكان ذلك بمثابة التجسيد العملي لعمق الارتباط الوجداني والعاطفي بين الشعبين، وهذا ما يحفز على التطلع لكي تشهد المرحلة القادمة، التي تدشنها زيارة الوزير سامح شكري، نقلة نوعية في علاقات البلدين، وذلك بما يحقق طموحات الشعبين ويقوي أواصر الأخوة بينهما.
نعرف أن مصر لا زالت تواصل خروجها من الزمن الماضي، وهي تعيش الانتقال في كثير من المجالات، وتواجه عديد تحديات، وفي غمرة كل هذا، تبرز هنا وهناك بعض الانفلاتات، وأحيانا بعض السطحية القاتلة، كما صار يحدث في الصحافة والإعلام ، ولكن نحن نعرف أيضا، أن مصر تمتلك التاريخ وكبر القامة، وبإمكانها الخروج من كل المنغلقات، ونعرف أن شعبها الكبير عبر عن اختياراته السياسية ولا أحد له حق الإفتاء أو التنظير له، ولهذا عبر المغرب منذ البداية عن احترامه لاختيارات الشعب المصري ولمؤسساته.
وفي المقابل، المغرب أيضا بلد كبير وله شخصيته الحضارية المتميزة، ويعيش دينامياته الديمقراطية والسياسية والتنموية بتميز وفرادة عن كامل محيطه الإقليمي، وهو أيضا له مقدساته ورموزه ومؤسساته وقضاياه، ولا يسمح لأحد بالمس بها أو استهدافها.
المستقبل إذن يوجد في تقوية العلاقات بين البلدين الكبيرين، وتمتين التعاون الثنائي والإقليمي والدولي بينهما، والانتصار للعقل.