جرائم بصيغة المؤنث

ارتبطت الجريمة عموما بالرجل، والدليل على ذلك، أن أغلب السجون مكتظة بهم، فيما ظلت نسبة النساء المجرمات ضئيلة جدا مقارنة مع الرجال. لكن الملاحظ، أنه في العقدين الأخيرين، بدأ الحديث عن الجريمة بصيغة المؤنث يعرف تصاعدا، وهذا مرده، إلى كون الجرائم التي كانت مقصورة على الرجال، أضحت مشتركة وبدأت تعرف تورط النساء بدورهم، حيث تزايدت جرائمهن في مجال السرقة وتهريب المخدرات والدعارة والقوادة وقتل أزواجهن بل أبنائهن أيضا. وقد بيّنت بعض الدراسات أن المرأة في المغرب والجزائر وتونس مسؤولة عن نحو 6 في المائة من الجرائم مقارنة بالجرائم التي يرتكبها الرجل. وهذا ما جعل العديد من النساء خلف القضبان.
وهكذا لم يعد السجن خاصا بالرجال، كما كان في الماضي، بل أصبحت المرأة تتقاسمه مع الرجل ، إذ   بلغ مجموع  الساكنة السجنية  بالمغرب  خلال سنة   2019  ، 86 384  سجينا ضمنها 2,34  في المائة نساء، حسب تقرير المندوبية العامة للسجون لسنة 2019، ولتقريب القارئ من الجرائم المقترفة بصيغة المؤنث، سنكشف في هذه الحلقات عن مجموعة من النساء المجرمات اللواتي اشتهرن بجرائمهن، سواء داخل المغرب أو خارجه.

< إعداد: حسن عربي

الحلقة السادسة

المصارعة المكسيكية وانا برازا.. سفاحة العجائز

تقتل ضحاياها للانتقام لنفسها من أمها

هي قاتلة متسلسلة اختصت بقتل السيدات العجائز في المكسيك. ولدت “وانا برازا” وسط عائلة مفككة، فالأم كانت مدمنة كحوليات ودائمة السكر. 
احترفت “برازا” المصارعة المكسيكية وكان لقبها داخل الحلبة هو “سيدة الصمت”، وعملت لاحقا في إحدى المنظمات الحكومية التي ترعى العجائز، ومنذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، بدأت رحلتها كقاتلة متسلسلة للعجائز، مستغلة عملها الحكومي في اكتساب ثقة ضحاياها.
كانت سلسلة الجرائم التي تستهدف العجائز مستمرة لسنوات حتى عام 2006، حين ألقت الشرطة القبض على “برازا”، كانت مهمة اكتشاف هوية القاتل صعبة على الشرطة، نظرا لأن شهود العيان أخبروا الشرطة بمشاهدتهم لرجل يغادر منزل القتلى، وبحسب صحيفة الغارديان البريطانية، فقد كان جسد “برازا” الضخم وعضلاتها التي كونتها بممارسة المصارعة المحترفة هي السبب وراء هذا الخلط.
بعد القبض على “بارازا” تبين أنها المسؤولة عن مقتل ما يزيد على 24 سيدة، وهناك بعض المؤشرات التي تربطها بمقتل ما يزيد على عشرين سيدة أخرى، بينما اعترفت هي بارتكابها 4 جرائم قتل فقط، حكم عليها بعقوبة بلغت 759 عاما، ولا تزال تقضي عقوبتها بالسجن.
دائما ما يكون للماضي دور البطولة في حياة المجرم خاصة إذا ما تعرض للأذى، فما بالك إذا تعرض من أقرب الناس إليه، فعندما يأتي الأذى من الأم، ننتظر مستقبلا إجراميا كارثيا، فبطلة قصة اليوم هي “جوانا بارازا” مواليد عام 1957 بإحدى القرى الريفية بمكسيكو سيتي، كانت تعيش مع أمها وأخواتها الثلاثة، ولكن أمها كانت مدمنة للكحول وعاشوا في عناء مادي، لكون أي دخل مادي كانت تحصل عليه العائلة البسيطة، تأخذه الأم لتلبي رغبتها في تناول الكحوليات.
وإذا ضاق بها الحال ولم تجد ما تدفعه مقابل شراء الكحول، كانت تقدم ابنتها “جوانا” فريسة سهلة ليد الأثرياء يمارسون معها الجنس مقابل كأس بيرة، حتى أنه في أحد المرات سلمت الأم ابنتها “جوانا”، وهي في الثامنة عشر من عمرها لرجل ثرى يغتصبها عدة مرات في ليلة واحدة مقابل 3 كؤوس من البيرة ونتج عن الاغتصاب حملها الأول، وفيما بعد تكرر الموقف، فأنجبت “جوانا” أربعة أطفال غير شرعيين.
بعد فترة، عملت “جوانا” كبائعة ذرة في محيط حلبة مصارعة حرة، فكانت تقع عيناها على المشاركين في اللعبة ليتعلق قلبها بها، وبدأت تتدرب على المصارعة إلى أن حققت حلمها وأصبحت مصارعة متميزة، استخدمت قناعا خاصا بها ترتديه في المباريات ولقبت بسيدة الصمت لهدوئها وقلة حديثها مع المحيطين بها، وبدأت بعد ذلك تستغل قواها الجسدية في التعامل مع ضحاياها، فكانت ضحاياها لا تخرج من دائرة السيدات، كبار السن، فكانت تطرق أبواب كبار السن من السيدات وتحاول التقرب إليهن لتقديم الخدمات والمساعدات ، وبعدها تستخدم قواها البدنية للتخلص منهن، وغالبا ما تكون وسيلتها هو لف أيديهن حول عنقهن ليلقطن أنفاسهن الأخيرة، وفى بعض الأوقات تستخدم قطع قماشية أو أداة للخنق ولكن بعيدا عن الأسلحة الحادة والأعيرة النارية مثل باقي السفاحين.و الغريب في الأمر، بالنسبة لامرأة، أن تعتمد على قواها الجسدية في التخلص من ضحاياها، لتبدأ في سرقة محتويات المنزل وخاصة الأشياء الثمينة، خفيفة الوزن، وتخرج بهدوء بعدما تمحو آثار جريمتها وكل ما يدينها، لتترك لغزا محيرا لرجال الأمن.
فلم يتوقع أحد أن تكون هذه الجرائم المتكررة لكبار السن من السيدات والتي أفزعت المدينة وأثارت الخوف في قلوب السيدات كبار السن، بأن يكون وراء كل هذا امرأة، حتى أنه أثناء التحقيق في إحدى القضايا، تم الاستماع إلى أقوال الشهود من الجيران، فوصلت إليهم معلومة أن هناك سيدة خرجت من منزل الضحية في وقت متقارب من وقوع الحادث، ولكن كل ما ذهب إليه عقل رجال الشرطة، أنه رجل يتخفى في زى سيدة خاصة أن المواصفات جاءت بأنها ذات بنية جسدية ضخمة.
ولكن مع تعدد الجرائم وتحرى الدقة في البحث عن السفاح، عثروا على بصمات في منزل الضحية الأخيرة التى قتلت شنقا بسماعة الطبيب فى منزلها، وبالبحث عن البصمات توصلوا إلى أنها تخص “جوانا” المصارعة السابقة، وألقت قوات الشرطة القبض عليها، ولم يظهر عليها الشعور بالندم على كل ما اقترفته خاصة وأنها روت أثناء التحقيق معها كل ما اقترفته أمها في حقها وهي صغيرة، وبررت جرائمها بأنها تحاول أن تخلص العالم من السيدات كبار السن حتى لا يتسببن في أذى للمقربين لهن مثلما فعلت أمها.
فكانت تجسد صورة أمها في ضحاياها من السيدات، وتقوم بالتالي بتعذيبهن وقتلهن، كأنها تنتقم لنفسها من أمها، فكانت تتلذذ بجرمها وفي نهاية المطاف وقفت أمام القضاء عام 2006 لتنال عقوبتها بالسجن وهي 759 عاما.

Related posts

Top