جرائم بصيغة المؤنث

ارتبطت الجريمة عموما بالرجل، والدليل على ذلك، أن أغلب السجون مكتظة بهم، فيما ظلت نسبة النساء المجرمات ضئيلة جدا مقارنة مع الرجال. لكن الملاحظ، أنه في العقدين الأخيرين، بدأ الحديث عن الجريمة بصيغة المؤنث يعرف تصاعدا، وهذا مرده، إلى كون الجرائم التي كانت مقصورة على الرجال، أضحت مشتركة وبدأت تعرف تورط النساء بدورهم، حيث تزايدت جرائمهن في مجال السرقة وتهريب المخدرات والدعارة والقوادة وقتل أزواجهن بل أبنائهن أيضا. وقد بيّنت بعض الدراسات أن المرأة في المغرب والجزائر وتونس مسؤولة عن نحو 6 في المائة من الجرائم مقارنة بالجرائم التي يرتكبها الرجل. وهذا ما جعل العديد من النساء خلف القضبان.
وهكذا لم يعد السجن خاصا بالرجال، كما كان في الماضي، بل أصبحت المرأة تتقاسمه مع الرجل ، إذ بلغ مجموع الساكنة السجنية بالمغرب خلال سنة 2019 ، 86 384 سجينا ضمنها 2,34 في المائة نساء، حسب تقرير المندوبية العامة للسجون لسنة 2019، ولتقريب القارئ من الجرائم المقترفة بصيغة المؤنث، سنكشف في هذه الحلقات عن مجموعة من النساء المجرمات اللواتي اشتهرن بجرائمهن، سواء داخل المغرب أو خارجه.

< إعداد: حسن عربي

الحلقة التاسعة

إيميليا اليزابيث داير الشهيرة بالسفاحة إيميليا دير

قتلت 400 طفلا وحكم عليها بالإعدام شنقا

هي إيميليا اليزابيث داير الشهيرة بالسفاحة إيميليا دير [1837 – 1896]،ولدت لأم وأب ميسورين الحال، تزوجت بعد وفاتهما، مباشرة برجل يكبرها بثلاثين عام، عملت كممرضة لفترة حتى تعرفت على السيدة “إيلين دان” التي أوكلت إليها إدارة الملجأ وعلمتها كيفية التخلص من الأطفال، وعند القبض عليها، تم اكتشاف قتلها ل 400 طفل، و حكم عليها بالإعدام شنقًا.
نشأتها وحياتها :

هي إيميليا اليزابيث داير ولدت في عام 1838م  في إحدى القرى الإنجليزية بالقرب من مدينة بريستول، ولدت لأسرة ميسورة الحال وعاشت حياة كريمة مع والديها، وكانت أخت لأربعة أشقاء، اضطرت لمغادرة المنزل مبكرًا فقد توفت أمها وهي في عمر عشر سنوات، ولحقها أبوها وهي في عمر ثلاثة وعشرين عامًا، وبعد وفاتهما، حدثت مشاداة عنيفة بين الإخوة الخمسة على تقسيم الإرث، مما جعل إيميليا تغادر منزلها مع أول عريس يدق الباب على الرغم من أنه كان يكبرها بثلاثين عامًا، إلا أن إيميليا كانت تراه طوق النجاة من هذا المنزل وهذه الحياة الكئيبة.
إيميليا الممرضة :

 بعد فترة من زواجها، اضطرت إيميليا للخروج للعمل لكسب الرزق، ووجدت الفرصة سانحة للعمل في مجال التمريض، إلا أن هذا العمل لم يكن يدر عليها المال الكافي، وبعد فترة تعرفت إيميليا على سيدة تدعى “إيلين دان”، هذه السيدة، هي صاحبة ملجأ للأطفال غير الشرعيين، حيث تترك عندها المرأة الحامل بطريقة غير شرعية مولودها لترعاه مقابل مبلغ من المال يتم إرساله شهريًا، مما جعل إيميليا تعمل معها في إدارة الملجأ ورعاية هؤلاء الأطفال.
ملجأ الأيتام :

بعد عمل إيميليا لفترة مع هذه السيدة، وجدت أنها تتخلص من هذه الأطفال ولا ترعاهم كما هو متفق، وذلك حتى تحصل على المال، وغالبًا ما كانت تلجأ للطبيب لاستخراج شهادة الوفاة ولأنهم أبناء غير شرعيين كانوا لا ينالون الرعاية حتى بعد الوفاة، فقد كان الطبيب يستخرج الشهادة دون الكشف على الطفل وتحديد سبب الوفاة الحقيقي.
بعد فترة من الوقت، ومع استمرار حالات الوفاة المتكررة للأطفال، تم إبلاغ الشرطة عن حالة إهمال شديد بهذا الملجأ وعدم تقديم الرعاية اللازمة مما يؤدي إلى وفاة الأطفال، وبالفعل تم توجيه التهمة لإيميليا وتقديمها للمحكمة وفي عام 1878م حصلت على حكم بالسجن لمدة ستة أشهر.
إيميليا مريضة عقليًا :

خرجت إيميليا بعد فترة السجن شخصية مهزوزة على الرغم من قصر المدة إلا أنها جعلتها متوترة وعصبية على الدوام مما جعلها تدخل مستشفى الأمراض العقلية لفترة وتخرج منه بعد استقرار حالتها إلا أنها تعتزم داخلها الانتقام من الأطفال.
بدأت إيميليا في ممارسة الجريمة بشكل مدبر، كانت تجيد التخفي في كل مرة، حيث كانت تنتقل من منطقة لأخرى مع التغيير في اسمها حتى لا ينكشف أمرها ولا يستطيع أحد تتبعها، وكانت في كل مرة تقتل فيها طفلا تقوم بخنقه أو وضع شريط لاصق على فمه، حتى يموت ثم تقوم بوضعه داخل حقيبة من الجلد وتتخلص منهم في نهر التايمز .

تعرف الشرطة على الفاعل الحقيقي :

بعد فترة طويلة من البحث المتواصل من الشرطة، تم العثور على أحد الحقائب الجلدية من خلال أحد القوارب الموجودة بالنهر وعند فتحها وجد بداخلها جثة متحللة للطفل ملفوفة داخل مجموعة من الأوراق، تم إبلاغ الشرطة بعدها ومن خلال التحقيقات وجد أسم وعنوان على هذه الأوراق مكتوب بخط دقيق جدًا، قامت الشرطة بمراقبة العنوان وتم العثور على إيميليا، وعن طريق مراقبتها تم عمل كمين لها من خلال مراسلتها على العنوان من أم تريد إيداع ابنها غير الشرعي بالدار عندها، فبادلتها إيميليا الرسائل مرحبة بوجود الطفل مع الإمضاء بنفس الاسم الموجود على الورق، وكان هذا أول دليل لإدانتها مما جعل الشرطة تلقي القبض عليها.

الحكم بالإعدام شنقًا لقاتلة الأطفال :

بعد القبض على إيميليا في عام 1896م، اتضح أنها قاتلة محترفة للأطفال فقد استطاعت قتل زيادة عن عشرين طفلًا في أسبوعين، وبعد التفتيش والحصول على جميع الأوراق والوثائق الخاصة بالأطفال، وجد المحققون أنها قتلت ما لا يقل عن 400 طفل، مما جعل المحلفين أثناء تقديمها للمحاكمة مقتنعين بضرورة الحكم عليها بالإعدام ولم تستغرق محاكمة إيميليا حتى عشر دقائق لتخرج بعدها محكوم عليها بالإعدام شنقًا.

Related posts

Top