حسن عربي
استهل نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، الجمعة الماضي، كلمته في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الإقليمي الخامس عشر للحزب بوجدة، بالحديث عن مكانة مدينة وجدة في قلبه، وعلاقته الشخصية والوطيدة بها من خلال العلاقات التي تربطه بعدة وجوه بها، ضمنها مناضلون ومناضلات، يحضرون هذا المؤتمر.
وأضاف نبيل بنعبد الله، الذي ترأس أشغال هذا المؤتمر، تحت شعار “تخليق الحياة السياسية وتنمية الإقليم أساس الجهوية المتقدمة”، بغرفة التجارة والصناعة، رفقة الرفيق صنهاجي عزوز عضو المكتب السياسي للحزب والمسؤول عن الجهة الشرقية، أن حزب التقدم والاشتراكية كان على صواب تام في التوجه الذي اختاره وفي توجهاته العامة، في إشارة إلى تحالفه مع حزب العدالة والتنمية، قبل حوالي أربع سنوات ونصف.
ولم يفته بالمناسبة، تذكير الحضور المتميز، بالدفعة القوية التي حظيت بها مدينة وجدة، في صباح نفس اليوم، من خلال التوقيع على اتفاقية شراكة من أجل تمويل وإنجاز برنامج لتأهيل 96 مركزا قرويا بجهة الشرق، بغلاف مالي يقدر بمليار و300 مليون درهما، وذلك على هامش يوم تواصلي نظمه مجلس جهة الشرق بتعاون مع المديرية الجهوية للسكنى وسياسة المدينة، معتبرا في الوقت نفسه، أن أقاليم الجهة الشرقية تعرف تحولا إيجابيا من خلال البرامج والمشاريع المهيكلة التي تم إنجازها، أو التي ما تزال في الطريق، خاصة على مستوى البنيات التحتية، دون أن يغفل الحديث على أن هناك مشاكل اجتماعية مطروحة وانتظارات مشروعة للسكان في أحياء نائية.
ودعا بالمناسبة إلى بذل مزيد من الجهود في اتجاه هذه المناطق النائية، من أجل أن تستفيد مما أسماه نبيل بنعبد الله بوقع المجهود التنموي بهذه الجهة الشرقية.
وفي سياق متصل، قال نبيل بنعبد الله، إنه من المؤسف اجترار واقع إغلاق الحدود بين المغرب والجزائر، وأنه آن الأوان لفتحها لما فيه مصلحة الشعبين، موضحا أن المغرب والجزائر من جهة، والكوريتين الشمالية والجنوبية من جهة أخرى، يشكلان استثناء في العالم على مستوى إغلاق الحدود.
واعتبر أن إغلاق الحدود أمر غير مقبول، ووجه نداء إلى القادة الجزائريين للتعقل وفهم مصلحة البلدين، وذلك من أجل الرفع من معاناة آلاف العائلات على مستوى الحدود بين البلدين، التي تعيش على مداخيل المبادلات، داعيا في نفس الوقت إلى التفكير في خلق بدائل بالنسبة للعائلات المغربية.وعن مجهودات الحكومة لتنمية الجهة الشرقية، ذكر نبيل بنعبد الله بالبعض منها على سبيل المثال لا الحصر، مسرح محمد السادس، والطريق السيار وإعادة تأهيل حوالي 100 مركزا قرويا، والتجهيزات الأساسية ومبادرات التنمية البشرية على مستوى الجهة والإقليم، والأنشطة المهيكلة الكبرى بإقليم وجدة، برعاية ملكية أعطت للجهة دفعة قوية.
واعتبر نبيل بنعبد الله، في سياق حديثه عن مغرب اليوم، أن بلادنا عرفت منذ التسعينات وبالخصوص منذ سنة 1999 مشاريع كبرى وانفراجا وإصلاحات إيجابية، قبل أن يستدرك، أن بلادنا عرفت محاولات التراجع عن هذه المكتسبات بما أسماه بالتسلط، موضحا أن بلادنا عرفت خلال تاريخ مسارها السياسي هذا التسلط الذي ليس في نظره بشيء جديد.
ولدى حديثه عن الحراك الشعبي الذي عرفته بلادنا خلال سنة 2011، قال إنه تم التجاوب معه بشكل جريء. ومقدام من طرف جلالة الملك محمد السادس، من خلال خطاب 9 مارس والدستور الجديد.
ومن هذا المنطلق، اختار حزب التقدم والاشتراكية، يقول أمينه العام، الانخراط في هذه التجربة الحكومية، مواصلة للإصلاحات، واستجابة لهذه الدينامية الجديدة والمساهمة في تفعيل شعارات الحراك الشعبي في الواقع، والمتمثلة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية..
وعلاقة بالموضوع، اعتبر نبيل بنعبد الله أنه، تجاوبا مع هذا الحراك، تم تجاوز الخلافات الأيديولوجية والمذهبية، وتم عقد تحالف بين الأحزاب المكونة لهذه الحكومة، بناء على تعاقد مكتوب فيما بينها. وسجل، بالمناسبة، أن تحالف حزب التقدم والاشتراكية مع العدالة والتنمية، كان تحالفا مبدئيا، واتسم بالوفاء والالتزام والكلمة والمعقول من كلا الطرفين.
وأوضح نبيل بنعبد الله، أن قرار التحالف مع العدالة والتنمية اتخذته أعلى هيئة قيادية في الحزب بشكل مستقل، في إشارة إلى اللجنة المركزية للحزب، مؤكدا أن هناك اليوم، اقتناع جماعي وراسخ بصواب اختيارات حزب التقدم والاشتراكية في هذه المرحلة.
وفي موضوع القضية الوطنية، ندد نبيل بنعبد الله بقوة بتصريحات بان كي مون، واصفا إياها بالاستفزازية والمجانية، وكونه لم يكن حياديا خصوصا بالنسبة لرجل مثله في منصبه.
وأكد أيضا أنه كان على بان كي مون أن يستحضر كونه يتحدث عن شعب عريق له تاريخ، ويعتبر الصحراء قضيته الأولى والمصيرية، داعيا بالمناسبة الحضور إلى المشاركة بكثافة في مسيرة الرباط، للتعبير عن الرفض الشعبي للانحياز الغريب لبان كي مون.
وفي سياق متصل، اعتبر نبيل بنعبد الله، أن ربح القضية الوطنية، يفرض تمتين الجبهة الداخلية والوحدة الوطنية، لمواجهة كل المخاطر، مع تعزيز الديمقراطية والحرية وتعميق الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدا في نفس الإطار، الصواب المطلق لقرار جلالة الملك بتوجيه الحكومة لاتخاذ الموقف اللازم فيما يتعلق بالعلاقات مع الاتحاد الأوروبي.
وعلاقة بموضوع تخليق الحياة السياسية وتصالح المواطن مع العمل السياسي، أكد نبيل بنعبد الله أن ثقة الشعب في الحياة السياسية، رهينة بجعل العمل السياسي عملا نظيفا تنبثق عنه مؤسسات دستورية ذات مصداقية، مع تفادي عدد من الممارسات التي تضرب في العمق مصداقية العمل السياسي، وتجعل الأمور تبدو ضبابية في أعين المواطنين، من قبيل التحالفات الغريبة. ودعا في نفس الصدد، من أراد مواجهة حزب العدالة والتنمية، أن عليه الاشتغال في الميدان، من خلال عمل القرب مع المواطنين، وليس بالأساليب التسلطية وغير الديمقراطية.
واعتبر نبيل بنعبد الله، أنه يجب الانتباه، إلى أن المحافظة ليس بالضرورة دينية أو ثقافية، بل قد تكون، أيضا، سياسية، وأن حزب التقدم والاشتراكية لم يفرط يوما في هويته التقدمية أو في اختياراته وتوجهاته الأساسية، وأنه مازال “هو هو” على حد تعبيره، يدافع عن الحريات الفردية والجماعية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والبيئية وغيرها من حقوق المواطنين. ووصف حزب التقدم والاشتراكية بكونه قوة صاعدة تمثل، بحق، الوجه الحداثي، التقدمي “ديال المعقول” يؤكد نبيل بنعبد الله.
مضيفا أن حزب التقدم والاشتراكية من الطبيعي أن يسعى لاحتلال مراكز القرار ليحول أفكاره وقيمه وبرامجه إلى واقع في الميدان، في شكل إجراءات وقرارات وإنجازات ملموسة، مشددا على أن الشعب المغربي سيكون أمام خيارين يوم سابع أكتوبر المقبل بمناسبة إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة، يتمثلان إما في مواصلة التجربة الديمقراطية والإصلاحات، أو في فتح الباب أمام تراجعات.
وختم نبيل بنعبد الله كلمته بالتأكيد على أن حزب التقدم والاشتراكية سيظل دوما كما عهده المواطنون، حزب المعقول والوفي لتعهداته والتزاماته والمناصر لقضايا الوطن والشعب والمدافع عن قضايا الفقراء والطبقة العاملة والكادحين.
وكان الرفيق عبد الرحيم بنعلي، عضو الفرع الإقليمي لحزب التقدم والاشتراكية بوجدة، قد ألقى كلمة، اعتبر فيها، أن اختيار المؤتمر الإقليمي للحزب بوجدة شعار “تخليق الحياة السياسية وتنمية الإقليم أساس الجهوية المتقدمة”، هو تعبير عن إيمانه بالعلاقة الجدلية بين العمل السياسي النظيف والتنمية.
وأضاف بنعلي، أن تخليق الحياة السياسية، رهان مجتمعي ملح في الفترة الراهنة، على اعتباره جزءا من تخليق الحياة العامة، ومدخلا للتنمية الحقيقية، وللإصلاح في عمومه، مشيرا في الوقت نفسه، أن الدولة بكافة مؤسساتها هي المعنية الأولى بوضع الإطار القانوني المسير لتخليق الحياة السياسية وتجسيده على أرض الواقع تنزيلا وتنظيما.
تجدر الإشارة أن الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الخامس عشر للحزب بوجدة، تميزت بحضور مئات من المواطنين، ضمنهم مناضلو ومناضلات الحزب ومسؤولو الحزب ومنظماته الموازية (الشبيبة الاشتراكية، الطلائع،..) بالجهة الشرقية (الناضور، دريوش، كرسيف، تاوريرت، جرادة، بركان،)، وحضور وازن لممثلي الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية وفعاليات المجتمع المدني.