حزب التقدم والاشتراكية يدعو الحكومة إلى مراجعة المسار فبلادنا محتاجة اليوم ليس فقط إلى مجرد تعديل حكومي بل إلى تغييرٍ عميق في التوجهات والمقاربات والسياسات الحكومية

التقدم والاشتراكية يدين إمعان الكيان الصهيوني في جرائمه الشنعاء وحرب إبادته ضد الشعب الفلسطيني بقطاع غزة والضفة الغربية

يُنَبِّهُ الحكومة إلى ضرورة التعاطي الحازم والبنَّاء والناجع مع قضايا الدخول التعليمي الذي يهُمُّ ملايين الأسر المغربية

يُجدد دعوته الحكومةَ لاتخاذ إجراءاتٍ قوية وفعالة لمواجهة غلاء الأسعار وحماية جيوب المواطنات والمواطنين

يجدد الإشادة بمبادرة العفو الملكي على عددٍ من الصحفيين المعتقلين أو المتابعين معربا عن تطلعه إلى أن تشكل هذه الخطوة الحكيمةُ مُقدمةً لإحداث أجواء انفراجٍ أقوى على الأصعدة الديمقراطية والحقوقية

يثَمَّنَ المبادرة الملكية المتعلقة بالعفو عن آلاف المحكومين والمتابعين في قضايا ارتبطت بزراعة القنب الهندي ويدعو الحكومةُ لإدماج المعنيين في أنشطة اقتصادية بديلة وعلى برنامج شامل ودقيق لتنمية وتأهيل المناطق المعنية على كافة المستويات

يتأسف للنتائج المتواضعة لرياضتنا في الألعاب الأولمبية الأخيرة ويدعو لضرورة واستعجالية إصلاح سياسي عميق لأنماط تدبير وحكامة الرياضات الوطنية

المذكرة التقديمية لإعداد قانون المالية مخيبة للآمال وتَنِمُّ عن رؤية تكنوقراطية صرفة وتفتقد إلى النَّفَس السياسي اللازم وإلى الحلول المبتكرة للإشكالات الحقيقية

***********************

عقد المكتبُ السياسي لحزب التقدم والاشتراكية اجتماعه استثناءً بالمقر الوطني للحزب في الدار البيضاء، يوم الأربعاء 28 غشت 2024، بالموازاة مع تنظيم زيارة جماعية للترحم على روح فقيد الوطن والشعب، الراحل علي يعته. وتداول هذا الاجتماعُ في أبرز القضايا السياسية التي تستأثر بالاهتمام أثناء الدخول السياسي الحالي.

نداء إلى تكثيف كل أشكال التعبير عن التضامن مع قضية الشعب الفلسطيني

في البداية، أدان المكتبُ السياسي إمعان الكيان الصهيوني في جرائمه الشنعاء وحرب إبادته ضد الشعب الفلسطيني، بقطاع غزة، واليوم في الضفة الغربية، وخاصة بمدنها الشمالية، وذلك بلا حسيب ولا رقيب، وفي استهتارٍ تام بكافة قواعد القانون الدولي الإنساني، بما يؤكد الطابع الإجرامي لهذا الكيان المارق ومعاداته للسلام. كما أعرب الحزبُ عن استنكاره لصمت وتواطؤ العديد من الدول الكبرى والمؤثِّرة إزاء هذه المأساة الفلسطينية الكارثية التي تُسائِلُ في العمق المنتظم الدولي والضمير الإنساني.

وإذ يجدد حزبُ التقدم والاشتراكية المطالبة الصارمة بوقف هذا العدوان الغاشم وإقرار كافة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، فإنه ينادي جميع الضمائر الحية والأصوات الحرة، وطنيا ودوليا، إلى تكثيف كل مبادرات وأشكال التعبير عن التضامن مع قضية فلسطين، من أجل الوقوف في وجه أعدائها الذين يُـراهنون على خُفُوتِ الاحتضان الشعبي العالمي لعدالة هذه القضية، ومن أجل الحفاظ على أولويتها في صدارة التحديات المطروحة على المنتظم الدولي.

الدخول التعليمي: اختلالات عميقة تقتضي إجراءات عاجلة والشروع الفعلي في الاصلاح العميق

وتوقف المكتبُ السياسي عند الدخول التعليمي، المدرسي والجامعي، وما يطرحه من تحديات وصعوبات جَمَّة على الأسر المغربية، ولا سيما منها المتوسطة والمستضعفة، أساساً بسبب الارتفاع المهول لكلفة مستلزمات الدخول المدرسي، خاصة بالنظر إلى الاختلالات والفوضى التي يعرفها سوقُ الكتاب المدرسي. كما توقف المكتبُ السياسي، تحديداً، عند الزيادات الفاحشة التي فُرضت من طرف معظم مؤسسات التعليم الخصوصي بالنسبة لرسوم التسجيل والواجبات الشهرية، بدعوى حرية الأسعار والمنافسة، علاوةً على فرض اقتناء كتب مدرسية مستوردة، بما يُرهق أكثر كاهل الأسر المعنية.

وبالنسبة للدخول الجامعي، توقف المكتبُ السياسي، خصوصاً، عند استمرار أزمة كليات الطب والصيدلة، المرشحة للتفاقم بعد التحاق الفوج الجديد من الطلبة بهذه الكليات، في حال استمرار عجز الحكومة عن إيجاد حلٍّ مناسبٍ لهذه المعضلة التي بقدر ما تَقُضُّ مضجعَ الأسر، بقدر ما تُـــسيئ إلى سمعة التعليم العالي ببلادنا وتُضِرُّ بآفاق إصلاح منظومة الصحة الوطنية.

أمام هذه الأوضاع التي تتجاهلها الحكومةُ، وفي أحسن الأحوال تُقاربُها بكثيرٍ من الاستسهال، فإن حزب التقدم والاشتراكية يُــنَبِّهُ الحكومة إلى ضرورة التعاطي الحازم والبنَّاء والناجع مع قضايا الدخول التعليمي، الذي يهُمُّ ملايين الأسر المغربية، والحرص التام على اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية ومراعاة القدرات المادية للأسر المغربية، ولتوفير كافة شروط إنجاح هذا الدخول. كما ينادي الحزب الحكومةَ إلى الشروع الفعلي في إجراء الإصلاحات الضرورية، لتوفير كافة الإمكانيات والشروط من أجل الاعتماد أولًا وأساسًا على تعليمٍ عمومي جيد ومتكافئ، بما يحمي مستقبل بنات وأبناء المغاربة، وبما يحفظ للتعليم طابعه كخدمة عمومية استراتيجية، وبما يحمي الأسر من جشع القطاع الخصوصي الواجب السهر الفعلي على تقنينه وتأطيره وفق مقتضيات القانون الإطار.

تصاعد غلاء الأسعار وتدهور القدرة الشرائية في مقابل إنكار الحكومة وارتياحها

وقد تداول المكتبُ السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، كذلك، في التدهور المطرد والخطير للقدرة الشرائية للأسر المغربية، وخاصة بالنسبة للطبقة الوسطى والفئات الفقيرة، وذلك من جراء الغلاء المتصاعد والفاحش لأسعار مجمل المواد الاستهلاكية والخدمات. وأعرب الحزبُ عن خيبة أمله العميقة إزاء تجاهل وإنكار الحكومة لهذا الوضع الاجتماعي المقلق، والمتفاقم بفعل ارتفاع البطالة واستمرار الجفاف ومستلزمات الدخول التعليمي، في مقابل تعبير هذه الحكومة عن الارتياح واكتفائها بخطابات وتصريحاتٍ جوفاء بلا أثرٍ ملموس.

وبهذا الشأن، يُجدد الحزبُ دعوته الحكومةَ لاتخاذ إجراءاتٍ قوية وفعالة لمواجهة غلاء الأسعار وحماية جيوب المواطنات والمواطنين الذين يئنون بصمتٍ تحت وطأة ارتفاع كلفة المعيشة، بما في ذلك التدخل الحازم والناجع لضبط الممارسات غير المشروعة في الأسواق، من احتكارٍ ومضاربات وتواطؤات.

فيضانات الجنوب الشرقي وتأخر إنجاز برنامج تأهيل مناطق زلزال الحوز تأكيدٌ على الحاجة إلى إقرار العدالة المجالية

من جانبٍ آخر، تناول المكتبُ السياسي الأمطار الرعدية والسيول الفيضانية التي عرفتها مؤخراً عددٌ من أقاليم بلادنا، معظمها في الجنوب الشرقي. وإذا كانت لهذه الوضعية المناخية آثارٌ إيجابية على الفرشات المائية للمناطق المعنية، فإن الأضرار الكبيرة التي لحقت بهذه الأخيرة تُعتبرُ تأكيداً على وجود تفاوتات مجالية عميقة، من حيث البنياتُ التحتية والمرافق والخدمات العمومية وإمكانيات ووسائل الوقاية والتدخل.

على هذا الأساس، يؤكد حزبُ التقدم والاشتراكية على أن الحكومة مُطالبَة بالتوزيع العادل والمتكافئ للاستثمارات العمومية، كما بالتحفيز الحقيقي للاستثمار الخصوصي بالأقاليم والجهات التي لم تستفد بالقدر اللازم من المجهود التنموي الوطني، وذلك تحقيقاً للإنصاف الترابي، وتفاديا لارتفاع معدلات الهجرة، بما فيها الهجرة المناخية.

في هذا السياق، تطرق المكتبُ السياسي إلى موضوع برنامج إعادة بناء وتأهيل المناطق المتضررة من زلزال الحوز. وسجل، بهذا الصدد، تصاعد استياء وتذمر المواطنات والمواطنين المعنيين، من جراء النقائص التي تشوب عمليات الإحصاء المُــــفضي إلى الاستفادة من الدعم، وبفعل تأخر الإنجاز وتعثر كثير من المشاريع المقررة، علاوة على تسجيل ضُـــعف التقيُّــــد بالخصوصيات المعمارية والثقافية للمناطق المعنية. إن هذا الوضع يستدعي من الحكومة وباقي الهيئات المكلفة بتنفيذ البرنامج المذكور تحمُّل المسؤولية تفادياًّ لاستمرار معاناة الأسر المعنية.

تجديد إشادة الحزب بالعفو الملكي على عدد من الصحفيين

من جهة أخرى، جدد حزبُ التقدم والاشتراكية الإشادة بمبادرة العفو الملكي الكريم على عددٍ من الصحفيين، المعتقلين أو المتابعين. وأعرب عن تطلعه إلى أن تشكل هذه الخطوة الحكيمةُ مُقدمةً لإحداث أجواء انفراجٍ أقوى على الأصعدة الديمقراطية والحقوقية، بما يعطي بلادَنا مناعةً وقوة أكبر للتغلب على مختلف الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية، وبما يُمَكِّنها من الاستمرار في تحسين مكانتها على الصعيد الدولي، وبما يمنحها إمكانياتٍ أكبر لتمتين الجبهة الداخلية من أجل الكسب النهائي لرهان توطيد وحدتنا الترابية.

تثمين الحزب لخطوة العفو عن آلاف المتابعين والمدانين من مزارعي القنب الهندي سابقا

كما ثَمَّنَ المكتبُ السياسي المبادرة الملكية المتعلقة بالعفو عن آلاف المحكومين والمتابعين في قضايا ارتبطت بزراعة القنب الهندي في فترة ما قبل تقنينها وهيكلتها مؤسساتيا لأهداف صناعية وطبية وصيدلية.

ويؤكد حزبُ التقدم والاشتراكية على أنَّ هذه الخطوة المِــــقدامة من شأنها أن تكون لها آثارٌ إيجابية مؤكدة، على أساس أن تعمل الحكومةُ على إدراجها ضمن منظورٍ تنموي قوي، يقوم على إدماج المعنيين في أنشطة اقتصادية بديلة، وعلى برنامج شامل ودقيق لتنمية وتأهيل المناطق المعنية على كافة المستويات، وعلى تأطيرٍ صارمٍ للمساحات المخصصة لهذه الزراعة، وللكميات المنتَجة بشكلٍ مشروع، وللمياه المستعملة في ذلك بالنظر إلى وضعية الجفاف التي تعيشها بلادنا.

حصيلة متواضعة في الألعاب الأولمبية تستدعي مراجعة السياسة الرياضية

إلى ذلك، تطرق المكتبُ السياسي لموضوع النتائج المتواضعة جدا المحصَّل عليها أثناء مشاركة بلادنا في الألعاب الأولمبية الأخيرة، على الرغم من الإمكانيات الكبيرة الموضوعة رهن إشارة أغلب الجامعات الرياضية، بما يطرح، بقوة، ضرورة واستعجالية الإصلاح السياسي العميق لأنماط تدبير وحكامة الرياضات الوطنية، بما فيها الاحترافية والمدرسية والجامعية.

مذكرة تقديمية لإعداد قانون المالية مخيبة للآمال

كما تطرق المكتبُ السياسي، بشكلٍ أولي، إلى مضامين المذكرة التأطيرية لرئيس الحكومة، المتعلقة بإعداد مشروع قانون المالية للسنة المالية 2025. وأكد، بهذا الشأن، على أن المذكرة المذكورة تَنِمُّ عن رؤية تكنوقراطية صرفة، وتفتقد إلى النَّفَس السياسي اللازم، وإلى الحلول المبتكرة للإشكالات الحقيقية كتمويل الواجهات الضخمة المفتوحة على المستوى الاجتماعي وعلى مستوى البنيات التحتية. كما أنها وثيقة تتضمن “أولويات” يتمُّ تكرارها كل سنة دون أن تكون مقرونة بقرارات وإجراءات تُجسِّدُها واقعيا. ويعتبر الحزبُ أن هذه المذكرة تنطوي على نفس الوعود التي دأبت الحكومة على توزيعها بسخاءٍ على المغاربة وعلى عالَم المقاولة الوطنية، في مقابل أفعال ونتائج مُعاكِـــسة تماماً لهذه الوعود والالتزامات.

أوضاع عامة تحتاج إلى أكثر من تعديل حكومي

على أساس كل ذلك، وأمام ما يتضح اليوم أكثر فأكثر من عجزٍ حكومي على مواجهة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وما يتخللها من هفواتٍ ونقائص وثغرات، وأمام ما تشكله الورقة التأطيرية لإعداد قانون المالية المقبل من تأكيدٍ على استمرار الحكومة في نفس النهج، إضافة إلى عدم اكتراث الحكومة بقضايا الديمقراطية والحريات والمساواة وحقوق الإنسان لأجل إحداث مناخ سياسي إيجابي؛ فإن حزب التقدم والاشتراكية يدعو الحكومة إلى مراجعة المسار. فبلادنا، اليوم، محتاجة ليس فقط الى مجرد تعديل حكومي، بل إلى تغييرٍ عميق في التوجهات والمقاربات والسياسات الحكومية، لاستعادة الثقة وتحقيق التقدم والرفاه للجميع، وإلى حكومة قادرة سياسيا على تحرير الطاقات، كما تدعو إلى ذلك توجهاتُ النموذج التنموي الجديد.

 

Top