دعوات لمقاطعة الدجاج احتجاجا على غلاء أسعاره

محمد أعبود لبيان اليوم: العشوائية سبب ارتفاع أثمنة المواد الاستهلاكية

تستمر موجة الغلاء في إثارة غضب المغاربة، حيث دعا العشرات المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى مقاطعة عدد من المنتجات التي عرفت زيادات قياسية في الأسابيع القليلة الماضية، وعلى رأسها اللحوم البيضاء، بعدما وصل سعر الكيلوغرام الواحد من الدجاج بين 26 و32 درهما.
وأطلق عدد من المواطنين حملات لمقاطعة الدجاج الذي وصل إلى أسعار غير مسبوقة، في ظل زيادات أخرى شهدتها اللحوم الحمراء التي وصل سعرها إلى ما يزيد عن 140 درهما للكيلوغرام الواحد.
وعبر عدد من المواطنات والمواطنين عن غضبهم إزاء الارتفاع المهول في أسعار الدجاج الذي يشكل بديلا لكثير من الأسر عن اللحوم الحمراء التي تعرف هي الأخرى ارتفاعا قياسيا خلال الأشهر القليلة المقبلة.
ودخلت أسعار الدجاج بالأسواق خلال الأيام القليلة الماضية في دوامة من الزيادات، لتقفز من متوسط 15 درهما إلى ما يزيد عن 26 درهما وإلى حدود 32 درهما في بعض الأسواق، الأمر الذي دفع الكثير من الهيئات إلى التنبيه لمخاطر هذا الارتفاع على جيوب المواطنات والمواطنين، وكذا خلق أزمة مجتمعية والمس بالقدرة الشرائية للأسر المغربية.
في هذا السياق، وفي تصريح لـ بيان اليوم قال محمد أعبود رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم إن موجة الغلاء التي شملت أسعار الدجاج خلال الأسابيع الماضية والتي تستمر إلى اليوم سببها العشوائية التي يتم بها تدبير قطاع الدواجن من قبل وزارة الفلاحة والمسؤولين بالقطاع.
وأوضح أعبود أن العشوائية تكمن في سوء التدبير وعدم الوفاء بالالتزامات التي كانت موردة في المخطط الأخضر وفي مخطط الجيل الأخضر، وكذا الاتفاقيات الإطار الموقعة بين وزارة الفلاحة وبعض المنظمات المهنية، لافتا إلى أن الأهداف المسطرة في مختلف الاتفاقيات لم تتحقق إلى اليوم منذ 2009، سنة الشروع في إمضاء اتفاقيات لتقليص تكاليف إنتاج الدجاج من 11 درهما إلى 8 دراهم.
وسجل أعبود أن تكاليف إنتاج الكتكوت في سنوات 2008 وقبلها كان لا يتجاوز 3 دراهم، قبل أن يقفز لاحقا إلى 11 درهما، ليتم في 2009 توقيع اتفاقية في إطار مخطط المغرب الأخضر من أجل خفض التكاليف إلى 8 دراهم، مع رفع الإنتاج ودعم المهنيين، مشيرا إلى أن لا شيء من هذه الأهداف تحقق سواء على مستوى الكتاكيت أو البيض أو حتى على مستوى ضبط السوق والأسعار والارتقاء بوضعية المهنيين الغار ومربي الدجاج وكذا حماية المستهلك واحترام قدرته الشرائية.
وزاد رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم في التوضيح بكون العشوائية لا تساعد في حل الإشكالات، بالرغم من الدعم الذي يقدم للقطاع، والذي أكد أنه لا ينعكس على قدرة المستهلك الشرائية ولا على المهنيين الصغار الذي يعانون تحت وطأة غلاء الأعلاف، مشددا على أن مختلف أشكال الدعم تستفيد منها الشركات التي تدعمها وزارة الفلاحة بدون أن يكون لذلك أثر لا على السوق ولا على القدرة الشرائية.
ووصف أعبود هذه التدابير بكونها عشوائية لكونها لا تعالج الخلل في السوق الذي أصبح يعرف تقلبات كثيرة بين الزيادة والانخفاض، حيث قال إن سوق الدجاج بالمغرب على خلاف الأسواق العالمية الأخرى قد يعرف ارتفاعات مهولة في فترة ثم انهيار في فترة أخرى نتيجة العشوائية.
وأبرز أعبود أن الأسواق المجاورة للمغرب وخصوصا السوق الأوروبية تعرف مراقبة صارمة وضبط للأسعار التي لا يمكن أن تتقلب بسرعة كما في السوق المغربية، إذ أن السعر يحدد بالنسبة للمهنيين بشكل ثابت في متوسط 1.23 أورو وضمنها هامش الربح، مع إمكانية تقلب صغيرة جدا لا تؤثر على الأسعار العامة في السوق، متسائلا عن حكامة السوق الوطنية وما يقوم به المسؤولون في هذا الصدد.
كما لفت أعبود إلى أن من ضمن المشاكل في السوق المغربية الاختلالات التي تعرفها سلاسل الإنتاج وكذا التلاعب الذي يتم بها من قبل بعض الهيئات المهنية والشركات وبتواطؤ مع جهات حكومية، إذ يتم التحكم في كميات الإنتاج ما يجعل السوق متأرجحا بين العرض والطلب.
في هذا الصدد، أوضح المتحدث أن المغرب يقوم في السنوات الأخيرة باستيراد ما يقارب 4 ملايين من أمهات الدواجن سنويا، التي تنتج بدورها ما يقارب 16 مليون كتكوت أسبوعيا، وذلك بعدما كان المغرب بين 2010 و2011 يستورد 2.7 مليون من أمهات الدواجن التي كانت تنتج 11 مليون كتكون أسبوعيا، مضيفا أن تحقيق 16 مليون أسبوعيا من الكتاكيت في المغرب يغطي الحاجيات الأساسية للمستهلك المغربي الذي يحتاج إلى 8 مليون أسبوعيا، فيما الباقي يحسب بين التصدير وبين المشاكل المهنية التي تعتري القطاع من وفاة الدواجن أو ضياعها أو غير ذلك.
واعتبر أعبود أن هذا الرقم كافي في أفق رفعه مع ارتفاع الاستهلاك، مؤكدا أن ما يضر السوق هو اختلال هذا التوازن والتلاعب بالإنتاج، حيث كشفت مجموعة من الوثائق لجوء بعض المهنيين الكبار وأصحاب الشركات إلى خفض الإنتاج في مارس الماضي، الأمر إلى أدى إلى تقلبات في السوق.
وسجل أعبود أن بعض السلوكات المرفوضة التي يقوم بها المهنيون بتواطؤ مع الجهات المسؤولة لا تؤثر فقط على المربين الصغار للكتاكيت والدواجن وإنما على حتى المستهلك والسوق الوطنية ويساهم في عدم استقرارها.
ويرى الخبير في القطاع أن الحل يكمن في الحكامة وفي إرادة حقيقية للإصلاح كفيلة بتجاوز حالة العشوائية التي أدت إلى تغول الشركات وتحكمها في السوق الذي أصبح متقلبا، مشيرا إلى أن هذه الوضعية تمس بالمقاولات الصغرى والمربيين في القطاع وبالمستهلكين على السواء.

 محمد توفيق أمزيان

Top