علالي عبد السلام لبيان اليوم: الفلاحون بحاجة ماسة إلى سياسات تنموية متوازنة
حظيت مجموعة كبيرة من الفلاحين الصغار من مزارعي نبتة القنب الهندي بالعفو وإلغاء مذكرات البحث الصادرة في حقهم، لتشكل المبادرة الملكية خطوة أخرى على درب إرساء المنظومة الجديدة لتدبير هذه الزراعات التي أصبحت مشروعة بحكم القانون، وتمكين هذه الفئة من الفلاحين الصغار من ممارسة نشاطهم بعيدا عن مختلف التهديدات التي كانت تلاحقهم سواء من طرف ممثلي السلطة أو السماسرة ممتهني النصب الذين كانوا يوهمونهم بإلغاء مذكرات البحث الصادرة في حقهم، أو مافيا المخدرات وحتى بعض الفاعلين السياسيين الذين كانوا يستغلون ظروف هذه الفئة خلال المحطات الانتخابية للتصويت لصالحهم.
وعبر بعض الفاعلين عن تثمين هذه المبادرة التي تعد خطوة أساسية لتنزيل مضامين القانون الخاص بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي وتمكين الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي من القيام بالمهام المنوطة بها في أجواء مصالحة الدولة مع فئة من أبنائها وفق مقاربة فريدة تمكن البلاد من تحقيق فرص للتنمية في مناطق من الشمال والريف عبر توطين الاستثمارات الخاصة بأنشطة التحويل والتصنيع وإعطاء الإمكانية للمزارعين الصغار الذين كانوا على الهامش وعرضة لمختلف أنواع الاستغلال والإرهاب، من تحسين ظروف عيشهم وأيضا تحسين ظروف الاستقرار والأمن لعموم الساكنة في هذه الأقاليم “.
وقال الفاعل الحقوقي علالي عبد السلام، في اتصال هاتفي أجرته معه جريدة بيان اليوم، بخصوص العفو الملكي على الفلاحين الصغار من زارعي نبتة الكيف، ” إن مبادرة العفو الملكي عن المزارعين الصغار لزراعة القنب الهندي والذين كانوا يستغلون قطعة الأرض التي ورثوها عن آبائهم وورثوا معها هذا الموروث الفلاحي، تمثل إنصافا لفئة واسعة من المجتمع التي عانت من السياسات التنموية غير المتوازنة، خاصة وأن هذه الزراعة تتركز في مناطق ذات تضاريس صعبة تفتقر إلى برامج تنموية اقتصادية واجتماعية”.
وأضاف علالي عبد السلام، في اتصال هاتفي أجرته معه جريدة بيان اليوم، ” أن هذا العفو يعد أيضا إنصافا لضحايا الصراعات السياسية والمنافسات الانتخابية، إذ أن العديد من الأشخاص تعرضوا للسجن بناء على وشايات وشكايات كيدية من بعض السياسيين أو بسبب رفضهم تقديم الرشاوى لأشخاص يقدمون أنفسهم كوسطاء”، مشيرا إلى أنه ” من غير المعقول أن يعاقب بعض سكان المنطقة في حين أن الأغلبية يمارسون هذه الزراعة دون مساءلة، مما كان يثير تساؤلات حول دوافع الاعتقال، وفي غالب الأحيان كان يفسر على أنه لا يمكن إلا أن يدخل ذلك في إطار تصفية الحسابات، وفق التخمينات والأحاديث التي كانت تروج في أوساط الساكنة”
واعتبر الفاعل الحقوقي، أن العفو يعد كذلك إنصافا لعدد كبير من المعتقلين في حالة سراح أي الذين حكم عليهم بالسجن في حالة غياب وصدرت في حقهم مذكرات البحث، الذين واجهوا صعوبات كبيرة في الحصول على خدمات إدارية واجتماعية، مثل تسجيل أبنائهم في سجلات الحالة المدنية، حيث حرم هذا الوضع العديد من الأطفال من حقهم في التعليم والخدمات الاجتماعية مثل التطبيب، إذ خوفا من الاعتقال كان الفلاحون الصغار الذين صدرت في حقهم مذكرات بحث كانوا يفضلون التواري عن الأنظار.
وفي رأي علالي عبد السلام، الذي عبر عن الأمل في أن يشمل العفو معتقلي حراك الريف وباقي معتقلي الحركات الاجتماعية، أن هذا العفو يجب أن توازيه إجراءات حقيقية في مجال التنمية ومعالجة قضية زراعة القنب الهندي بشكل شامل يراعي الظروف الاقتصادية والاجتماعية للسكان, والعمل بشكل حثيث من أجل توفير بديل تنموي يأخذ في الاعتبار البعد البيئي، خاصةً وأن زراعة “الكيف” بعد إدخال أنواع تتطلب كميات كبيرة من الماء أدت إلى عواقب وخيمة على الموارد المائية، مثل نضوب العيون والآبار التي كانت المصدر الأساسي لمياه الشرب، وهذا أصبح غير مقبول في ظل توالي فترات الجفاف.
فنن العفاني