تنظيم مسيرة وطنية بالرباط ردا على إغلاق باب الحوار بعد اجتماعات ماراطونية صورية

عبر طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان عن استنكارهم لسياسة الحكومة في التعامل مع ملفهم الذي قالوا إنه يحتاج إلى الحكمة باعتباره ملفا أكاديميا بمطالب مشروعة، محملين مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع من أزمة واحتقان غير مسبوق بكليات الطب والصيدلة لوزارة التعليم العالي.
وأدان طلبة الطب والصيدلة، في ندوة صحفية، عقدوها أول أمس الاثنين بالرباط، تصرفات وزارة التعليم العالي في التعاطي مع أزمة كليات الطب والصيدلة وحل الأزمة غير المسبوقة بعد ما وصل الإضراب المفتوح 213 يوما.
وقال ممثلون عن اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان إن الحكومة لم تتعامل بالجدية اللازمة مع مطالب الطلبة منذ بداية الأزمة، وعمدت إلى سد باب الحوار من دجنبر إلى غاية 16 فبراير التي جرى فيها عقد أول اجتماع بين الطلبة والوزارة الوصية.
وأوضح ممثلو اللجنة أنه منذ 16 فبراير جرى عقد 14 اجتماعا مع وزارة التعليم والتي قالوا إنها كانت مجرد “اجتماعات صورية”، مشيرين إلى أن أطراف التفاوض من قبل الوزارة كانت تخبرهم خلال هذه الاجتماعات بأن القرارات التي جرى اتخاذها سيتم تنزيلها بغض النظر عن جدوى الحوار.
وإلى جانب هذه الاجتماعات، كشف الطلبة أنهم شاركوا في أزيد من 100 اجتماع مع هيئات مختلفة رسمية وغير رسمية وهيئات دستورية وسياسية وجمعوية، لكن بدون أجوبة حقيقية حول الملف، الذي احتكرته وزارة التعليم العالي ورفضت الاستجابة للمطالب البيداغوجية المحضة لطلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان.
وبعد التطورات التي عرفها الملف وعودة الحوار الرسمي مع الحكومة، لفت الطلبة الأطباء إلى أن التوافق حول بعض المطالب المرفوعة قابلتها وزارة التعليم العالي وجهات حكومية برفض التوقيع على محاضر الاتفاق بحجة أن الالتزام شفهي وأن المحضر لن يفيد في شيء.
هذا التهرب من التوقيع على محاضر الاتفاق في الاجتماعات الأخيرة، أسهم، حسب الطلبة، في رفع منسوب الاحتقان وأبان عن سوء نية الوزارة التي كانت تعلن، في لقاءات بالموازاة مع ذلك، عن تشبثها بقرارها، عكس ما كانت تعد به الطلبة.
كما زاد ممثلو اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة، في الندوة الصحفية التي احتضنها مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط، أن التطور الإيجابي للحوار مع الحكومة في يونيو الماضي والذي كان على بعد خطوة من حل الأزمة، قابلته الوزارة بنكث عهدها وبرمجة الامتحانات بدون إشراك الطلبة وقبل توقيع محاضر الاتفاق كما تم التوافق على ذلك في آخر اجتماع.
وعبر الطلبة عن استغرابهم من خطوات وزارة التعليم العالي التي وصفوها بـ “غير المفهومة” والتي أدت بشكل مباشر إلى قرار مقاطعة الامتحانات والاستمرار في الإضراب المفتوح ومقاطعة التكوينات.
وأوضح أعضاء اللجنة أن مقاطعة الامتحانات فاقت ما كان متوقعا، حيث زادت نسبة المقاطعة وطنيا 90 بالمئة، في الوقت الذي كانت تتوقع فيه اللجنة مشاركة 70 بالمئة فقط، مشيرين إلى أن هذا الأمر أبان عن وحدة الصف الطلابي وأيضا عما يشعر به طلبة الطب من أسف على تعامل الحكومة والاستهتار بمطالبهم “العادلة والمشروعة”.
في نفس السياق، قال الطلبة الأطباء إنه كان بالإمكان أن تكون هناك حلول خلال الحوار الأخير مع الحكومة، “لكن تم نسف المحاولة من خلال برمجة الامتحانات وهو ما لم نفهمه ولم نجد له جواب”.
وطالب أطباء الغد الذين يمثلون كليات الطب والصيدلة من أكادير والدارالبيضاء ووجدة وباقي كليات الطب الأخرى والذين شاركوا في الندوة إلى جانب آبائهم وأمهاتهم (طالبوا) بفتح الحوار من جديد لكن بشكل جدي، والنقاش بشكل عقلاني حول المطالب المشروعة للطلبة والتي تتمحور حول الحفاظ على جودة التكوين وضمان حقوق مختلف الأجيال على هذا المستوى.
في هذا الصدد، دعت اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان الحكومة للتدخل بشكل سريع، موجهين دعوة خاصة لرئيس الحكومة من أجل التدخل وحل الملف بشكل نهائي وإنهاء حالة الاحتقان لكي يعود الطلبة للأقسام والمستشفيات واستئناف السير العادي للحياة الجامعية.
كما نوه الطلبة الأطباء بالمبادرة البرلمانية، التي قالوا إنها تحمل بصيص أمل في إنهاء هذه الأزمة التي عمرت طويلا وعلى مشارف الشهر الثامن من الإضراب والمقاطعات، مثمنين الخطوة التي اتخذتها فرق ومجموعة المعارضة والأغلبية داخل مجلس النواب والتي أكدوا انخراطهم فيها وفي أي مبادرات تروم حل الملف بمسؤولية وجدية.
ولإنهاء الأزمة، دعا طلبة الطب رئيس الحكومة إلى التدخل وعقد لقاءات وحوارات جدية حول التكوين والمطالب التي يرفعها الطلبة، خصوصا النقاط الخلافية التي ظلت عالقة والتي تصب في جودة التكوين الطبي، مشددين في هذا الصدد على أن باب الجدية في الحوار يكمن في سحب جميع العقوبات في حق الطلبة وسحب التوقيفات التي شملت 16 طالبا بكليات الطب والصيدلة، بالإضافة إلى سحب نقطة الصفر التي قالوا إنه جرى منحها لأزيد من 20 ألف طالب بعد مقاطعتهم للامتحانات خلال الدورتين الخريفية والربعية، معتبرين ذلك سابقة في تاريخ كليات الطب والصيدلة.
ورفض المتحدثون أن يتم وسم المسار الأكاديمي لـ 20 ألف طالب بكليات الطب والصيدلة وطب الأسنان بنقطة الصفر، مجددين مطلب سحبها إلى جانب باقي العقوبات، التي قالوا إنها تثقل فقط مسار الحوار وتعرقله، مشيرين إلى أن جدية الحوار تكمن في التباحث والنقاش حول الملف المطلبي والقضايا الخلافية من قبيل قرار تقليص سنوات الدراسة من 7 سنوات إلى 6 سنوات وما يتعلق بالتدريبات وحول مطالب الطلبة الصيدليين وباقي الفئات الأخرى.
هذا، وأكد الطلبة أن استمرار الإضراب لما يزيد عن 7 أشهر ليس سهلا خصوصا وأنه تكوين مهم وأساسي متعلق بصحة المواطنات والمواطنين. مؤكدين على أنهم يتحلون بحسن النية ويبحثون عن الحل وعن مخرج للأزمة وحلحلة الملف والخروج من حالة الاحتقان والعودة إلى المدرجات والمستشفيات.
وشدد الطلبة على أنهم لم يختاروا المقاطعة والإضراب عبثا، بل بعد سنتين، حيث قال المتدخلون خلال الندوة “سنتين ونحن نتفادى تأزيم الوضع ولم نجد آذانا صاغية لمطالبنا”، مشيرين إلى أن مطالب الاجتماع مع الوزارة كانت دائما ما تتأجل إلى أن وصل الاحتقان مداه هذه السنة بمحاولة فرض نمط جديد يضرب جودة التكوين الطبي.
في هذا الإطار، أوضح الطلبة أن هناك مجموعة من المغالطات التي تروج حول رفضهم لقرار حذف السنة السابعة وربط الأمر برغبة الأطباء في الهجرة، مؤكدين أنها لا تعدو أن تكون إشاعات مغرضة للتشويش على مطالب الطلبة التي تصب في تجاه تكوين طبي ذو جودة.
وكشف الطلبة أن الحديث عن تقليص سنة، لم يكن مطروحا اليوم، بل في برنامج إصلاحي وضعته الوزارة الوصية منذ سنتين حول تقليص سنة من المجمل مع إضافة تكوين لسنتين في طب الأسرة، قبل أن يتم سحب هذا المشروع دجنبر الماضي، وتعويضه بمشروع جديد ينص فقط على حذف سنة من أصل 7 سنوات من الدراسة وحذف مشروع طب الأسرة الذي كان مقررا بصفة نهائية.
وتشبث الطلبة بموقفهم من حذف السنة السابعة الذي اعتبروه خطأ كبيرا، بالنظر لأهميتها في التكوين، كما يؤكد على ذلك مختلف الطلبة والمهنيين والأطباء الحاليين الذين تخرجوا من كليات الطب والصيدلة العمومية، باعتبارها سنة مساعدة في الاحتكاك أكثر بالميدان.
وتابع الطلبة توضيحهم بهذا الخصوص بكون حذف سنة لم يشمل مسار التكوين الحالي 5 أساسي + 2 تكويني تطبيقي، بل شمل التكوين الأساسي، إذ حسب النظام الجديد ستصبح الصيغة هي 4 + 2. مستغربين مما جاء به الدفتر البيداغوجي الذي وبالرغم من كونه قلص سنة من الدراسة إلا أنه رفع عدد الساعات من المعمول من 4500 ساعة في الظام الحالي إلى 5000 ساعة في النظام الذي تحاول الوزارة تنزيله.
وسجل الطلبة أن هذا التوجه يضرب عمق التكوين الطبي وجودته ويكشف بحسبهم تناقض الوزارة وزيف ادعائاتها بخصوص مسار الإصلاح، مشددين في هذا الإطار على رفضهم للإصلاح الذي يمس مسارهم الأكاديمي ومسار الأجيال القادمة.
وقال الطلبة بهذا الخصوص “لا يمكن أن نكون ضحايا لتأخر الإصلاح”، في إشارة لهم لرفض الهندسة البيداغوجية التي تعتزم الوزارة تنزيلها من خلال تقليص سنوات الدراسة. متابعين في نفس الإطار أنه “لا يمكن لأي إصلاح أن يكون ويتم بدون موارد بشرية وبدون جيل اليوم الذي سيصبح غدا فاعلا في الساحة”.
إلى ذلك، جدد الطلبة تعبيرهم عن رفض واقع القطاع الصحي بالمغرب، حيث قالوا خلال الندوة “يحز في صدورنا أننا نعيش أحلك فترات القطاع الصحي سواء الطلبة أو المهنيين، وأزمات متواصلة بدون إيجابات حقيقية”.
كما جدد الطلبة الأطباء تأكيدهم على الانخراط في في أي مبادرات جادة تقود نحو إنهاء الأزمة، مشددين على أن المدخل الأساسي لأي حوار يكمن في رفع العقوبات التي لا أساس لها والتي تثقل بحسبهم الملف وتعرقل مسار الحل، كما طالب الطلبة الأطباء بسحب التوقيفات ونقط الصفر والتراجع عن حل مكاتب الطلبة.
وخلص الطلبة إلى أن مستقبل البلاد على المحك خصوصا وأن الأمر يتعلق بتكوين أساسي يهم المواطنات والمواطنين، وفي سياق أوراش عديدة يعتزم المغرب تنفيذها، مجددين التأكيد على ضرورة سحب جميع العقوبات والانخراط في حوار جدي وفعال وإظهار حسن نية من أجل تعزيز الثقة وحل الأزمة وطي الملف بشكل نهائي.

< محمد توفيق أمزيان
< تصوير: رضوان موسى

Top