احتفالا باليوم العالمي للتعاونيات.. فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب يحتضن لقاء دراسيا حول موضوع : ” النموذج المغربي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني”

أجمع فاعلون سياسيون ومدنيون وخبراء، على ضرورة النهوض بالحركة التعاونية والتضامنية ببلادنا، من خلال تعزيز الإطار التشريعي والمؤسساتي، والتسريع باعتماد القانون الإطار للاقتصاد الاجتماعي والتضامني.

وشدد المشاركون، في اليوم الدراسي الذي نظمه فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، بشراكة مع جمعية الشبكة المغربية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني و اتحاد العمل النسائي بطنجة، وجمعية تسغناس للثقافة والتنمية بالناظور، وجمعية البيئة والإنسان ببركان، على ضرورة توفير الإمكانيات اللازمة لمواكبة وتشجيع وتوسيع مبادرات المجتمع المدني ومنظمات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، كالتعاونيات والوداديات والمؤسسات التعاضدية الاجتماعية، وتعزيز التجارب الناجحة خاصة في المجال القروي بقيادة النساء أو الشباب.

ودعا المشاركون في هذا اليوم الدراسي، الذي انعقد بمقر مجلس النواب، الأربعاء المنصرم، إلى التسريع بوضع الآليات التشريعية والتنظيمية والتحفيزية الاجتماعية والتضامنية، وذلك بهدف تحقيق النتائج والأهداف التي عبرت عنها وثيقة النموذج التنموي الجديد، بالإضافة إلى دعوتهم الرامية إلى تحسين الإطار التشريعي لجميع القطاعات الحكومية، بما يسمح بتشجيع أنشطة ومشاريع التعاونيات، وكذا تحسين الإطار التشريعي للتشغيل بالتعاونيات بما ينسجم مع خصوصية هذه المؤسسات، وإحداث برامج تحفيزية وداعمة، وتمكين مكتب تنمية التعاون من الإمكانات البشرية والتقنية والتنظيمية الكفيلة بتقوية قدرته على مواكبة وتأهيل الحركة التعاونية المغربية.

أكدت نادية التهامي، نائبة رئيس مجلس النواب، وعضوة فريق التقدم والاشتراكية، والتي أشرفت على إدارة هذا اللقاء، في كلمة لها، على أن هذا اللقاء الدراسي يعد فرصة للنقاش حول مسار الحركة التعاونية بالمغرب، وسبل تطويرها، متمنية أن تتم بلورة مجموعة من الأفكار التي ستساهم في تذليل التحديات التي تواجه بناء نموذج مغربي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني.

وأبرزت نادي التهامي، عضوة الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، على أن هذا اللقاء الدراسي سيساهم في بلورة مقترح إصلاحات ذات طبيعية تشريعية والتي يمكن لفريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب الترافع حولها، وذلك بغاية جعل الاقتصاد الاجتماعي والتضامني رافعة من رافعات التنمية الوطنية، وليس مجرد أنشطة متاحة لمن لا نشاط له، أو ما يسميه البعض ب “اقتصاد البؤساء”، وهي الفكرة التي يجب تصحيحها تقول المتحدثة.

وذكرت نادية التهامي بأن الاقتصاد الاجتماعي والتضامني  يضم أزيد من 35 ألف تعاونية تساهم في تقليص مظاهر الهشاشة والبطالة، وفي توفير فرص الشغل، وخلق الثروة، لاسيما بالمجال القروي الذي يعرف على أنه خزان للمواهب النشيطة، ويعد مثالا للمبادرة الاقتصادية الحرة التي تعتمد بشكل حقيقي على الذات، وليس على الرأسمال، مؤكدة، في هذا السياق، على ضرورة أن توليه الدولة مزيدا من العناية والاهتمام، وأن تعمل على حماية العاملين فيه وبلورة أفكار خلاقة في اتجاه تقويـة هـذا القطاع في النسيج الاقتصادي والاجتماعي.

من جانبه، أوضح عبد الواحد الفاسي الفهري، الوزير السابق وعضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أن مفهوم وحدود الاقتصاد الاجتماعي والتضامني ليس محصورا فقط في التعاونيات والتعاضديات ومقاولات الاقتصاد الاجتماعي، بل يتعدى ذلك إلى أنماط وأشكال مختلفة متجذرة في التربة الاجتماعية والثقافية للمجتمع المغربي، وتشكل عنصرا أساسيا في الموروث الثقافي خاصة على مستوى تدبير الموارد وتقاسم المداخيل، وتدبير شؤون القبيلة، أو الدوار أو الحي، مستدلا على ذلك بتلك الأنماط التقليدية من قبيل التويزة، وتنظيم عمل الرعي وطرق تدبير الماء بالواحات وغيرها من الأنماط التي تقوم، بحسب القيادي الحزبي، على الترشيد والإنصاف، وهي كلها أنماط تندرج ضمن الاقتصاد الاجتماعي والتضامني.

وشدد عبد الأحد الفاسي الفهري، على ضرورة الحفاظ على هذه الأنماط وتثمينها، على اعتبار أنها تقدم منفعة اجتماعية غير خاضعة لمنطق اقتصاد السوق، في إطار رؤية تقدمية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني المبني على قيم تقدمية وإنسانية متجذرة في الثقافة الوطنية، وهي قيم التآزر والتعاون والتقاسم، واستغلال المشترك بنوع من الترشيد والإنصاف.

وانتقد عبد الأحد الفاسي الفهري تعاطي الحكومة مع قطاع الاقتصاد التضامني والاجتماعي، والذي غالبا ما يوضع في البرنامج الحكومي إلى جانب الحديث عن الأرامل ومحاربة الهشاشة والفقر، مشيرا إلى أن هذا النوع من الاقتصاد ليس كما يحاول البعض تصويره على أنه اقتصاد “البؤساء”، مشيرا إلى أن هذا القطاع هو اقتصاد ثالث له قيمة مضافة اجتماعية واقتصادية، كما أنه يساهم في الناتج الداخلي الخام، علما، يضيف عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أن هذه الأنماط الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بتنظيم الحياة الاجتماعية، يصعب تقييمها ووضع مؤشرات قياس خاصة بها، لأنها تندرج ضمن العوامل الغير اقتصادية في التنمية.

ومن بين الأدوار المهمة التي يضطلع بها الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، يقول عبد الأحد الفاسي الفهري، تعزيز إدماج المرأة بشكل كبير في التنمية، سواء في مجال الصناعة التقليدية أو السياحة الأيكولوجية، والاقتصاد الدائري، وغيرها من المجالات التي تساهم في إدماج المرأة الذي يعتبر مؤشرا أساسيا على مدى رقي المجتمع.

وفي نظر القيادي الحزبي، فإن الاقتصاد الاجتماعي والتضامني هو الفضاء المثالي لمعالجة متكاملة الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والأيكولوجية، مشيرا في الوقت ذاته، إلى أن الأنماط الموروثة في المجتمع المغربي والتي تقوم على قيم وأنماط التعايش المتجذرة في الثقافة المغربية والتي يتعين التشبث بها كرافعة للتنمية، مستدلا على ذلك بطرق وأساليب تنظيم الرعي وكذا السقي التقليدي في الواحات، وانخراط الساكنة في محاربة التصحر.

وحذر عبد الأحد الفاسي الفهري من سيطرة بعض الدخلاء على الاقتصاد التضامني والاجتماعي من خلال تحايل بعض الشركات والمقاولات على القانون، مشيرا إلى أن المرأة في منطقة سوس على سبيل المثال، لا تستفيد من القيمة المضافة لشجرة أركان، كما أن الساكنة لا تستفيد هي الأخرى من عائد القيمة المضافة لهذه الشجرة، وذلك بسبب الوسطاء والدخلاء على القطاع، مما أدى، يضيف المتحدث، إلى إغلاق العديد من التعاونيات مقابل تطور وتنامي شركات ووحدات إنتاج بالإضافة إلى شركات متعددة الجنسية.

وأوضح الفاسي الفهري أن هذا القطاع بات مهددا، وعلى الدولة أن تلعب دورها في حماية هذا القطاع الأساسي، وبلورة سياسة عمومية لدعمه والنهوض به، مشيرا إلى أن محاولة إدخال القطاع إلى دائرة القطاع المنظم تفرض عدم الزج بالتعاونيات في بعض الإكراهات الإدارية والمساطر والقيود التي يصعب تحملها.

فتحية السعيدي: الاقتصاد التضامني والاجتماعي بديل عملي وضروري للارتقاء بمؤشر التنمية

وفي كلمة لها بالمناسبة، أكدت فتحية السعيدي، ممثلة ائتلاف “مشروع تغيير”، على أهمية الاقتصاد التضامني والاجتماعي الذي يضع الإنسان في قلب اهتماماته، وهو بديل عملي وضروري للارتقاء بمؤشر التنمية، مشيرة إلى أن الهدف من هذا اللقاء هو تحديد  ومناقشة التحديات التشريعية ورهانات السياسات العمومية التي يثيرها موضوع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في المغرب، مع التركيز على أهمية اعتماد قانون إطار خاص بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني من أجل تنظيم وتطوير هذا المجال في البلاد، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الدور الحاسم للاقتصاد الاجتماعي والتضامني في التنمية الاجتماعية والجمعوية للبلاد باعتباره ركيزة أساسية لتعزيز التوظيف والابتكار والإدماج الاجتماعي، وذلك من خلال التطرق للأثر الإيجابي الذي تخلقه مبادرات وديناميات الفاعلين المدنيين وهياكل الاقتصاد الاجتماعي والتضامني داخل الأحياء والقرى.

 وكشفت فتحية السعيدي على أن مضامين “مشروع تغيير” يندرج في إطار اتفاقية ممولة من قبل الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية (AECID) عبر جمعية التعاون من أجل السلام (ACPP)، على مدى أربع سنوات ” من فبراير 2023 إلة  مارس 2027″. وهو مشروع يتضمن تدابير يتم تنفيذها على المستويين الوطني والإقليمي من طرف مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة والأقاليم والمؤسسات التي تعمل معاً للمساهمة في تحقيق الهدف النهائي للمشروع المتمثل في تحسين الظروف المعيشية للأفراد من خلال التماسك الاقتصادي والاجتماعي والإقليمي، في ظل المساواة في الظروف والفرص للحصول على عمل لائق و من أجل إقليم صحي ومستدام.

سلوى التاجري: مشروع قانون إطار سيرى النور قريبا من أجل الاعتراف التنظيمي والقانوني بالاقتصاد التضامني والاجتماعي

وخلال الجلسة الأولى من هذا اللقاء، والتي أدارتها أسماء الدياني، نائبة رئيس الشبكة المغربية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، تطرقت سلوى التاجري مديرة إنعاش الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بوزارة السياحة  والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، إلى أبرز محاور استراتيجية الحكومة لتطوير الاقتصاد الاجتماعي والتضامني وتقوية إطاره القانوني، مشيرة في السياق، إلى أهمية هذا القطاع المتجذر في الممارسة المجتمعية منذ القدم، من خلال مبادرات وممارسات تتجلى في جميع الأنشطة المجالية على امتداد التراب الوطني كالتويزة وطرق تدبير الماء في الواحات وغيرها.

و أوضحت سلوى التاجري أن الاستراتجية التي وضعتها الحكومة للنهوض بقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في أفق 2035 تروم تحقيق نسبة 8 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي وخلق 500 ألف منصب شغل، مشيرة إلى أن هذه الرؤية الاستراتجية تمت بلورتها من طرف الفاعلين على مستوى مختلف الجهات الترابية وتقديم إطار ملائم للتنمية.

وبحسب مديرة إنعاش الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فإن الأولوية الكبيرة خلال الفترة القليلة المقبلة هي إخراج مشروع قانون الإطار إلى الوجود، وهو ما يعني، تضيف المتحدثة، الاعتراف التنظيمي والقانوني بهذا النوع من الاقتصاد والتعريف به، مع التركيز على مسألة الحكامة بالنظر إلى عدد الأطراف والشركاء المتدخلين في هذا القطاع.

وذكرت سلوى التاجري، خلال هذا اللقاء الذي يندرج في إطار ذكرى الاحتفال باليوم العالمي للتعاونيات، أن مشروع قانون الإطار الخاص بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني، يوجد الآن، في صيغته النهائية، لدى الأمانة العامة للحكومة، وسيتم وضعه في المسار التشريعي من أجل المصادق خلال الأشهر القليلة المقبلة، وتحديدا خلال في غضون شهر أكتوبر المقبل.

عائشة الرفاعي: ضرورة تفعيل آليات التعاون بين التعاونيات من أجل تحقيق التنمية المحلية

من جانبها، تطرقت عائشة الرفاعي المديرة العامة لمكتب تنمية التعاون، إلى مسار تطور الحركة التعاونية بالمغرب، وسبل تطويرها، مشيرة إلى أن مظاهر التعاون في المغرب هي قديمة ومتجذرة في الثقافة المغربية.

وفي نظر المديرة العامة لمكتب تنمية التعاون، تعتبر التعاونيات رافعة أساسية لتحقيق النمو الشمولي والمستدام، مؤكدة على ضرورة تفعيل آليات التعاون بين التعاونيات بالنظر لأهمية ذلك في تحقيق التنمية المحلية.

وذكرت عائشة الرفاعي، أن التحديات التي يواجهها القطاع، تكمن في ضعف الهيكلة والتشبيك بين الجمعيات، وصعوبة الولوج إلى مصادر التمويل، وتواضع مستوى التدبير والتسويق والحكامة داخل التعاونيات، مؤكدة على أن آليات الإصلاح المطلوبة من أجل النهوض بالحركة التعاونية بالمغرب، يجب أن تشمل على المستوى المؤسساتي تمكين مكتب تنمية التعاون من الوسائل اللازمة لتنفيذ استراتيجيته الرامية للرقي بالحركة التعاونية المغربية، القائمة على تكثيف الالتقائية بين كافة المتدخلين من قطاع عام وخاص والانخراط الفعلي للجهات في تطوير التعاونيات.

وعلى المستوى التشريعي، دعت عائشة الرفاعي، إلى مراجعة النص القانوني المنظم للتعاونيات (معالجة النواقص المسجلة بعد تنزيل القانون حيز التنفيذ)، وإصدار القانون الإطار المتعلق بقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني،  وإحداث علامة أو شارة متعلقة بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني، عموما أو التعاوني خصوصا،  مع العمل على إحداث فدرالية للتعاونيات، فيما دعت على مستوى الإصلاحات ذات الطابع المالي، إلى توضيح الإعفاءات الضريبية  للتعاونيات وإحداث صندوق خاص بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ووضع آليات تمويل خاصة بالتعاونيات، وتطوير و تشجيع البحث العلمي في ميدان الاقتصاد الاجتماعي و بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني، بالإضافة إلى إدراج النموذج التعاوني ضمن مقررات التعليم كما هو معمول به في بعض الدول.

يحيى الغماري: “مشروع تغيير”يروم تحسين الظروف المعيشية للساكنة من خلال التماسك الاقتصادي والاجتماعي والمجالي

إلى ذلك، عرف يحيى الغماري ممثل “مشروع تغيير”، بهذا المشروع الذي يروم بحسبه، تحسين الظروف المعيشية للساكنة من خلال التماسك الاقتصادي والاجتماعي والمجالي في ظل فرص متساوية للحصول على عمل لائق  ومجتمع متوازن ومستدام، بالإضافة إلى تعزيز التعاون المشترك بين جميع الفاعلين المرتبطين بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني من خلال النوع الاجتماعي والبيئي على المستوى المحلي والوطني.

كما يروم مشروع تغيير، وفق يحيى الغماري، تعزيز النظام البيئي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني في المغرب من خلال دعم ومواكبة المقاولات وغيرها من المبادرات القائمة أو التي تم إنشاؤها حديثًا، بالإضافة إلى تعزيز التحول الاجتماعي في المغرب من خلال التواصل من أجل التنمية وتوعية الساكنة.

وأوضح يحيى الغماري، أنه منذ إطلاق “مشروع تغيير” تم إبرام العديد من اتفاقيات الشراكة مع المتدخلين المحليين، والمجالس المنتخبة، والجامعات والمعاهد ومع وكالات التنمية المحلية، بالإضافة إلى القطاعات الحكومية وجمعيات المجتمع المدني، كما تمت بلورة استراتيجية للتواصل من أجل التنمية وإنجاز دراسة أساسية لمعرفة واقع الاقتصاد الاجتماعي والاقتصادي، وإحداث فضاءات ومراكز للاقتصاد الاجتماعي والتضامني بالأقاليم المعنية بالمشروع وهي طنجة وبركان والناظور.

منير الغزوي: المرجعية الجديدة للتنمية تدعو إلى إشـراك القطـاع الثالـث بشـكل واسـع وقـوي وجعله شـريكا كاملا للدولـة والقطـاع الخـاص

وحول موضوع تحديات بناء نموذج للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وقف منير الغزوي، رئيس الشبكة المغربية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، على الإطار المرجعي للتحول الذي عرفه الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، مشيرا إلى أن المرجعية الجديدة للتنمية تدعو إلى إشـراك القطـاع الثالـث بشـكل واسـع وقـوي، كما يتعين، بحسبه، أن تصبـح هـذه الوحـدات شـريكا كاملا للدولـة والقطـاع الخـاص فـي مشـروع التنميـة، وذلـك للاستفادة مـن خبراتهـا ومعارفهـا الميدانيـة وقربهـا مـن السـاكنة المسـتهدفة، على أن تمتثل هذه الوحدات لمعاييـر مسـؤولية صارمـة وبدعـم قدراتهـا التقنيـة والماليـة ودعم قدرتهـا الترافعيـة أو فـي إطار مقاربـة تعاقديـة قائمـة علـى “التفويـض والتوكيـل”.

كما أكد منير الغزوي، في السياق ذاته، على ضرورة تأسـيس النـواة الصلبـة لهـذا القطـاع الثالـث حـول مجتمـع مدنـي مـن الجيـل الجديـد مهيـئ بشـكل أفضـل ومسـاهم بصفـة متزايـدة فـي العمـل التنمـوي، كما يتعين، في نظره، إرسـاء عالقـة جديـدة مبنيـة علـى الثقـة والالتزام المتبادل بيـن الدولة والقطـاع الثالـث وتحقيـق متطلبات جديـدة بخصوص الاحترافية والكفــاءة والشفافية واحترام الالتزامات ومهام تحقيــق المصلحة العامة، وتطويـر الاقتصاد الاجتماعـي وترسـيخه كدعامة للتنميـة ومصدر لخلـق فرص شـغل لائقة داخل المجالات الترابية. 

وتطرق رئيس رئيس الشبكة المغربية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، إلى الوضعية الآنية لهذا الاقتصاد بالمغرب والتي تتميز بغياب قانون إطار للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ووجود إشكالية القوانين الخاصة بمؤسساته، مع هشاشة تموقع هذا الاقتصاد بالمقارنة مع القطاع العام والقطاع الخاص (الميثاق الجديد للاستثمار، تقارير الحكومة)، وغياب مناهج وبدائل الاقتصاد الاجتماعي في السياسات العمومية الأساسية و الدائمة تركيز البرامج على التعاونيات و غياب الحلول الاخرى التي يوفرها هذا الاقتصاد، وضعف صناديق التمويل  بالمقارنة مع الدول الرائدة في هذا المجال، بالإضافة إلى ضعف القدرة البشرية المحلية وعدم تمكينها من جعل هذا الاقتصاد رافعة للتنمية المندمجة، ثم تشتت الاهتمام بهذا القطاع، وغياب برامج تحفيزية للتشغيل بمؤسساته.

وبخصوص فرص تنمية الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، كما يراها منير الغزوي، فهي تفرض بالضرورة، على المستوى التشريعي، التسريع باعتماد قانون إطار للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والتسريع بمراجعة وتجويد القوانين الخاصة بمؤسساته وجعلها متلائمة والإطار القانوني العام لهذا النوع من الاقتصاد، ومراجعة القوانين المنظمة لبعض المهن والحرف والخدمات والترخيصات بشكل يسمح بإنعاش خدمات وإنتاجية مؤسسات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني.

أما على مستوى السياسات والبرامج العمومية، يشدد منير الغزوي على ضرورة الاهتمام أكثر بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني في السياسات والبرامج العمومية للمملكة من خلال تمكينه من مساحة مهمة للفعل والتفاعل مع انتظارات وتطلعات المواطنين، لجل هذا النوع من الاقتصاد متمظهرا في جميع القطاعات خاصة الخدماتية  والإنتاجية، مع إعطاء اهتمام خاص لمسألة وضعية العمال في مقاولات الاقتصاد الاجتماعي و التضامني خاصة مستخدمي الجمعيات والتعاونيات.

كما دعا الغزوي إلى ضرورة انخراط البحث العلمي في مجال تطوير الاقتصادي الاجتماعي والتضامني، وذلك من خلال تشجيع البحوث العلمية في مختلف المجالات، وتشجيع البحث العلمي المخبري والفني لتطوير وتثمين المنتجات المجالية، وتحفيز الطلبةوالباحثين في مجال سوسيولوجية الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وجعل معاهد التكوين في مواكبة مؤسسات الاقتصاد الاجتماعي وربط الاقتصاد الاجتماعي بالمجال الترابي تقوية وتجويد المواكبة والتكوين والرقمنة.

وبخصوص مساهمة الشبكة في تطوير الاقتصاد الاجتماعي في مشروع مأسسة الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ذكر منير الغزوي أن الشبكة قامت بخلق مرصد للاقتصاد الاجتماعي، وخلق قاعدة معطيات جهوية ورقمنتها، كما ساهمت الشبكة في مهننة خدمات المواكبة والتكوين مع خلق مكتبة رقمية للاقتصاد الاجتماعي، وخلق فضاء جهوي لالتقائية المتدخلين والفاعلين، بالإضافة إلى دعم المبادرات المحلية وتشجيعها.

أسماء دياني: التعاونيات تجد صعوبة في الولوج إلى السوق الطي تسيطر عليه شركات خاصة تقوم بإحداث تعاونيات من أجل الاستفادة من التمييز الإيجابي

بدورها أكدت أسماء دياني الخبيرة في مجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، في مداخلة لها حول “أي إصلاحات لتجويد الاقتصاد الاجتماعي والتضامني على ضوء التجارب الدولية”، (أكدت) على أهمية قطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني الذي يساهم في خلق قيمة مضافة، وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، مشيرة إلى أن الحديث على هذا النوع من الاقتصاد، يعني الحديث عن حقل إنتاجي مشتت بين مختلف القطاعات الحكومية والمؤسساتية، مع غياب الالتقائية ومحدودية الإطار القانوني.

وفي نظر أسماء دياني، فإن من بين أبرز الإشكالات التي يعاني منها الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، صعوبة ولوج التعاونيات إلى السوق، مقابل وجود شركات خاصة تقوم بإحداث تعاونيات من أجل الاستفادة من التمييز الإيجابي في تحايل على القانون.

ودعت أسماء دياني إلى وضع برنامج خاص لمصاحبة ومواكبة مجالات الاقتصاد التضامني والاجتماعي من خلال آليات واضحة للمواكبة من بداية المسلسل حتى نهايته، بالإضافة إلى وضع إستراتيجية ترافعية في القطاع مؤسسة وممنهجة يتدخل فيها الجميع بطريقة متكاملة.

يشار إلى أن عدد التعاونيات بالمغرب تجاوز الخمسين ألف تعاونية. 15% منها نسائية، ينشط بها أزيد من ثمان مئة ألف متعاونة ومتعاون، وعدد الجمعيات تجاوز 260 ألف جمعية تشتغل وتنشط في جميع القطاعات و لها مساهمات كبيرة في تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي ولها دور كبير في تثمين المنتجات والخدمات المجالية وتسويق المجالات الترابية وإبراز خصوصياتها، لكن في النهاية يبقى أن هذا التطور الكمي الملحوظ بات يفرض استحضار مجموعة من التحديات والإصلاحات الواجب اعتمادها على المستوى التشريعي والمؤسساتي والمجالي. 

محمد حجيوي

تصوير: رضوان موسى

Top