افتتحت فعاليات الدورة الـ24 من مهرجان أيام قرطاج المسرحية، السبت المنصرم، وتتميز الدورة بحضور فلسطين في الافتتاح الذي خلا من كل مظاهر الاحتفال، واقتصر على تقديم عرض أول في الشارع على واجهة المسرح البلدي وسط جمهور حاشد، مرورا بحفل بسيط داخل قاعة، تم فيه تقديم لجان التحكيم والعروض والمكرمين.
ولأن فلسطين لم ولن تغيب عن هذه التظاهرة المسرحية، فقد أكد الفنان المسرحي معز مرابط المدير الفني للمهرجان في كلمته التي ألقاها، أن شعار دورة هذا العام “بالمسرح نحيا.. بالفن نقاوم” يختزل مضامين الدورة الحالية لأيام قرطاج المسرحية.
وكانت الفنانة المسرحية حنان حاج علي المكرمة إلى جانب زوجها الفنان اللبناني الكبير روجيه عساف، قد ألقت إحدى قصائد شاعر غزة الطفل الشاب حيدر الغزالي، بينما ألقى الفنان التونسي رؤوف بن عمر قصيدة “أيها المارون بين الكلمات العابرة” للشاعر الفلسطيني محمود درويش، في التفاتة جميلة وإنسانية لفلسطين الحبيبة.
كما كرم المهرجان في حفل الافتتاح كلا من الفنان التونسي عبدالرؤوف الباسطي، والفنانة ناجية الورغي، والفنان حسين محنوش صاحب الشعبية الكبيرة في تونس، كما كرمت عربيا الإعلامية المصرية هالة سرحان، وكرم عالميا كلا من الفنانين الإيرانيين أمين زند كاني، وإلهام حميدي، إلى جانب الفنان يايا كوليبالي من مالي.
ومر المهرجان على ذكر المسرحيين التونسيين الذين غادروا عالمنا خلال هذا العام، في وقفة تقديرية لعطائهم، وهم المنصف شرف الدين، محمد كدوس، عبدالغني بن طارة، ريم الحمروني، لسعد المحواشي.
أما العرض المسرحي الرئيسي الذي قدم على مسرح مدينة الثقافة فكان للمخرج الأميركي روبرت ويلسون بعنوان “كتاب الأدغال” وهو عرض مسرحي فرنسي تدور أحداثه في الغابة وتجسد حياة مجموعة من الحيوانات، من خلال اثني عشر مشهدا غنائيا راقصا على إيقاع موسيقى “كوكو روزي”. يقول روبرت ويلسون مخرج العرض “فكر بعينيك، واستمع بكل جسدك”. وكذلك يفعل ماوكلي الطفل الذي ربته الذئاب.
تميز العرض بسينوغرافيا تعتمد بالدرجة الأولى على استخدام الإضاءة واللعب على اللون، بالإضافة إلى استخدام شاشة العرض، وجزء بسيط من الديكور، فضلا عن أن الممثلين قد تميزوا بقدرتهم العالية على الغناء والرقص، وأحيانا أداء بعض الحركات البهلوانية الصعبة كما فعل الممثل الذي أدى دور القرد، يحتاج هذا العرض إلى الوقوف عنده مطولا وتخصيص مقال نقدي.
ورغم تغيب حضور عرض مسرحي سوري قادم من سوريا، إلا أن فناني سوريا حاضرون بقوة في دورة هذا المهرجان، فعلى صعيد العروض المسرحية المشاركة في المسابقة الرسمية، يشارك عرض “ترحال – أوراق مهاجر” للمخرج ماهر صليبي الذي قام بنفسه بتأليفه، ويشارك في بطولته السوريان مؤيد الخراط ومريانا معلولي، وهو عرض مسرحي ورقص معاصر قام الملحن الشاب كرم صليبي بوضع الموسيقى له، وكان المخرج صليبي قد أهدى العرض لروح المخرج السوري الراحل حاتم علي، حين قدمه لأول مرة في دبي.
كما ستشارك مريانا معلولي في العرض الإماراتي “أغنية الرجل الطيب”، وتشارك الفنانة السورية حلا عمران باسم دولة الكويت من خلال العرض الذي سيقدمه المخرج سليمان البسام بعنوان “صمت “، وحلا عمران سبق أن شاركت سليمان البسام عروضه وحصلت على عدة جوائز عن عرض”أي ميديا” منها جائزة أحسن ممثلة من مهرجان أيام قرطاج المسرحية في دورتها السابقة.
ويشارك أيضا الفنان السوري أسامة رحالا بعرض مسرحي خارج المسابقة بعنوان “الأشجار ترقص أحيانا” وهو عرض لبناني – سوري مشترك، عرض مؤخرا في بيروت.
مهرجان أيام قرطاج المسرحية بفتتح أولى عروضه الثقافية على مسرح مدينة الثقافة بعنوان “كتاب الأدغال” للمخرج الأميركي روبرت ويلسون
والجدير ذكره أن الفنانة السورية لين أديب، قدمت في حفل الافتتاح السبت أغنيتن إحداهما بعنوان “يمه” وهي الأغنية التي تحمل اسم ألبومها الأول الذي صدر منذ فترة، وكانت لين قد شاركت في الدورة العاشرة لمهرجان القاهرة الدولي للموسيقى.

وتشارك في المهرجان وضمن المسابقة الرسمية مجموعة من العروض المسرحية الهامة، نذكر منها مسرحية “أمل” من العراق للمخرج جواد الأسدي، ومسرحية “أنتيجوني” من الأردن للمخرج حكيم حرب، ومسرحية “صمت” من الكويت للمخرج سليمان البسام، و”تراب الجنون” للمخرج حسين مختار من الجزائر، و”شمس” للمخرج أمين بودريقة من المغرب، و”حكم نهائي” للمخرجة رضوى الشريف من مصر، و”أغنية الرجل الطيب” للمخرج مهند كريم من الإمارات العربية المتحدة، و”220 مسكنا – لوحة تاريخية إفوارية” للمخرج سوسوليمان من كوت ديفوار، وتشارك تونس بعرض “الفيرمة” للمخرج غازي الزغباني، و”الهروب من التوبة” للمخرج عبدالواحد مبروك.

وسيقيم المهرجان في دروته الحالية عدة ورشات مسرحية منها ورشة طريقة مايسنر في فن التمثيل، وورشة “الواقع المُعَمَّل” من تقديم البروفيسور مارتن ويسنوسكي، وورشة رقص الشوارع الأفريقي، وماستركلاس في”فن الممثل” بإدارة المخرجة والأستاذة إيكاترينا جيناديفنا جرانيتوفا – لافروفسكايا عميدة قسم الإخراج في الأكاديمية الروسية للفنون المسرحية، كما ستكون هناك ندوات فكرية وملتقيات، وبرنامج للسوق الدولية لفنون الفرجة.