البيان الختامي الصادر عن الدورة الرابعة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية

شدد حزب التقدم والاشتراكية على ضرورة الشروع في إجراء الإصلاحات الأساسية التي لا تزال غائبة عن عمل الحكومة وتغيير السياسات في اتجاه جعل الإنسان محورا للتنمية، مجددا التأكيد على أن الرسالة المفتوحة رقم 02 التي وجهها إلى رئيس الحكومة ممارسة ديموقراطية راقية تهدف إلى إذكاء النقاش المسؤول بعيدا عن أي أسلوب ساقط وعقيم يمس بالأحزاب أو بالأشخاص

واعتبر حزب التقدم والاشتراكية، في البيان الختامي الصادر عن الدورة الرابعة للجنته المركزية، أن تعزيز الموقع السياسي للحزب كي يواصل مساعي التوحيد المفضي إلى انبثاق بديل ديموقراطي قادر على مواجهة الأوضاع الحالية وتحدياتها في أفق سنة 2026.

واعتبر في البيان ذاته أن حجر الزاوية في توطيد مغربية الصحراء هو تمتين الجبهة الداخلية ديموقراطيا واقتصاديا واجتماعيا، مدينا بشدة جرائم حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني ودعوة لتقديم مجرمي الحرب الصهاينة للمحاكمة الجنائية الدولية.

فيما يلي النص الكامل للبيان الختامي:

 إن الدورة الرابعة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، الملتئمة يوم السبت 08 يونيو 2024 بمدينة الرباط، تحت شعار “معارضة تقدمية في مواجهة الإخفاقات الحكومية”، بعد مناقشتها ومصادقتها بالإجماع على التقرير السياسي الذي قدمه الرفيق محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام للحزب، باسم المكتب السياسي، وبعد تثمينها لما ورد في هذا التقرير من مواقف قوية وتحاليل عميقة، فإنها:

– تدين بشدة جرائم حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي يرتكبُها الكيان الصهيوني الإجرامي، بتواطؤ حكومات عدد من الدول الغربية، ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة وباقي الأراضي الفلسطينية. وتحيي اللجنة المركزية مقاومةَ الشعب الفلسطيني بكافة فصائلها المدعوة إلى تمتين وحدة الصف. كما تحيـي الاعترافات الرسمية المتنامية بالدولة الفلسطينية، وكل التعبيرات الشعبية المتصاعدة دعماً للقضية الفلسطينية، بالمغرب وعلى الصعيد العالمي. وتنادي بإيقاف فوري للعدوان الغاشم، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، وتقديم مجرمي الحرب الصهاينة للمحاكمة الجنائية الدولية. كما تنادي اللجنة المركزية بتوحيد جهود البلدان العربية بشكل ناجع وقوي للضغط على إسرائيل، التي لا تستقيم معها أي علاقات سوية بالنظر إلى توجهاتها العدوانية وتعاملها المارق مع كل قرارات المؤسسات الأممية، وذلك بغاية فرض إقرار جميع الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة والقابلة للحياة وعاصمتها القُدس.

– تؤكد اللجنة المركزية على أولوية قضية وحدتنا الترابية، وتعرب عن اعتزازها بالمكاسب الديبلوماسية التي تحققها بلادنا، تحت قيادة جلالة الملك، من خلال تواصل مسلسل الاعترافات بمغربية الصحراء أو بوجاهة ومصداقية مقترح الحكم الذاتي، بما يفتح الباب أمام الطي النهائي لهذا النزاع المفتعل، في إطار السيادة الوطنية. وتعتبر اللجنة المركزية، أمام تعنت حكام الجزائر ومناوراتهم التي آلت إلى انحرافات خطيرةٍ ومسيئة للشعب المغربي ومؤسساته، أن حجر الزاوية في توطيد مغربية الصحراء هو تمتين الجبهة الداخلية ديموقراطيا واقتصاديا واجتماعيا.

– بهذا الصدد، تؤكد اللجنة المركزية على محورية المدخل السياسي، كشرط أساسي لنجاح المجهود التنموي الوطني، لا سيما من خلال توطيد الديموقراطية، والتفعيل السليم والكامل للدستور، وتوسيع مساحة الحريات والمساواة وحقوق الإنسان، وتوفير جو من الانفراج، لأجل استعادة الثقة والمصداقية في الوسائط المجتمعية والمؤسسات المنتخبة، ولأجل مصالحة المواطن مع الشأن العام، وأساسا عبر تحصين الفضاء السياسي والانتخابي من المال والفساد، وإطلاق حوار منذ الآن حول إصلاح منظومة الانتخابات حتى تشكـل فعلا الاستحقاقات المقبلة محطة إيجابية فارقة في مسار البناء الديموقراطي والمؤسساتي لبلادنا.

– إذ تسجل اللجنة المركزية بعض الجوانب الإيجابية في الحصيلة المرحلية للحكومة، بما لا يبرر ادعاءها المتعالي بإنجاز كل شيء وبشكل غير مسبوق وتعاملها التهديدي مع مؤسسات وطنية رسمية بما أنتجته من تقارير موضوعية؛ فإنها تثمن المداخلة النقدية والبناءة والقيمة لفريق الحزب بمجلس النواب في هذا الشأن، كما تثمن الرسالة المفتوحة رقم 02 التي وجهها المكتب السياسي إلى رئيس الحكومة، وما خلفته من صدى طيب وتجاوبٍ واسع، باعتبارها ممارسة ديموقراطيةً راقية تهدف إلى إذكاء النقاش المجتمعي الصحي والمسؤول حول السياسات بين المعارضة والحكومة، بعيدا عن أي أسلوبٍ ساقط وعقيم يمس بالأحزاب أو بالأشخاص.

– تؤكد اللجنة المركزية على أن أبرز أوجه إخفاقات الحكومة تتجسد في تجاهلها التام لواقع المشهد السياسي وتغييبها للبعد الديموقراطي والحقوقي؛ وفي التفاقم الخطير للبطالة التي وصلت بشكل غير مسبوق إلى 13.7% إجمالا و36% وسط الشباب؛ وفي الفشل في تحقيق الأهداف الاقتصادية حيث لم تتجاوز نسبة النمو ما بين 1% و3% وأفلست أزيد من 27 ألف مقاولة، وفي تحسين مناخ الأعمال حيث تراجعت بلادنا في مؤشرات إدراك الفساد والحرية الاقتصادية؛ والفشل في تحقيق السيادة الاقتصادية، وخاصة الطاقية والصناعية والغذائية؛ وفي العجز عن مواجهة غلاء الأسعار وعن إيقاف تدهور مستوى معيشة الأسر المغربية حيث انزلق 3.2 مليون مواطن نحو دائرة الفقر ولم تعد أبداً الأسعارُ إلى ما كانت عليه قبل عهد هذه الحكومة؛ والفشل في التعميم الفعلي والعادل لورش التغطية الصحية؛ وفي العجز عن إعمال العدالة في الدعم الاجتماعي المباشر، حيث تم إقصاء ملايين الأسر المستضعفة من الاستفادة، بما يستلزم إحداثَ قانونٍ لتمويل الحماية الاجتماعية يَفرِضُ تقديم الحساباتِ المرتبطة بها سنوياًّ بمناسبة تقديم أيِّ مشروعٍ لقانون المالية، بغرض الشفافية وضبط فِعلية المبالغ الضخمة المعلن عنها من طرف الحكومة بهذا الشأن تحصيلاً وإنفاقاً.

– تؤكد اللجنة المركزية المطالبة الملحة لحزب التقدم والاشتراكية بضرورة الشروع في إجراء الإصلاحات الأساسية التي لا تزال غائبة عن عمل الحكومة، من قبيل الإصلاح الشامل والعادل للضرائب، والإدماج التحفيزي للقطاع غير المهيكل المعيشي، ومحاربة مكوناته المضرة بالاقتصاد الوطني والنسيج المقاولاتي، والإصلاح الناجع والعادل لصندوق المقاصة، وإصلاح قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية، وإصلاح صناديق التقاعد، وإنجاز التحول الإيكولوجي، والنهوض الفعلي بالأمازيغية.

– تدعو الجنة المركزية الحكومةَ إلى تغيير سياساتها في اتجاه جعل الإنسان فعلاً محوراً للتنمية، وأساسا من خلال إعطاء نفس ديموقراطي للفضاء السياسي وتنقيته من الفساد؛ والرجوع إلى توصيات النموذج التنموي الجديد؛ وتكريس دور الدولة الــــمُـنَـمِّــيَّـة لتحقيق إقلاعٍ حقيقي يَــضمن السيادة الاقتصادية ويوفر مناصب الشغل الكافية ويَصُـــونُ المرفق العمومي؛ والاعتماد على تصنيعٍ قوي وحديث، وعلى دعمٍ قوي للمقاولة المغربية وتمكينها من مناخٍ سليم للأعمال؛ والمراجعة الجذرية للسياسات الفلاحية في اتجاه أولوية الأمن الغذائي والمائي؛ والعناية الحقيقية بالعالَم القروي والفلاحين الصغار والعمال الزراعيين؛ وتسريع إصلاح منظومتيْ الصحة والتعليم ارتكازاً على المستشفى العمومي والمدرسة العمومية؛ والتجاوز السريع لاختلالات تفعيل ورش الحماية الاجتماعية؛ وبلورة منظومة متكاملة وناجعة لإدماج ملايين الشباب الذين يوجدون في وضعية “لا شغل، لا تكوين، لا تعليم”.

– تعرب اللجنة المركزية عن عزم حزب التقدم والاشتراكية مواصلة جهوده ومساعيه لتوحيد مبادرات ونضالات اليسار بمختلف فصائله، ولتجميع وتقوية أدوار المعارضة بمختلف مكوناتها، والاعتماد على كل القوى والفعاليات المدنية والحقوقية والنسائية والثقافية والشبابية والمهنية والمطلبية، من أجل إحداث حركية اجتماعية مواطِنة وانبثاقِ بديل ديموقراطي تقدمي له ما يكفي ويلزم من الامتداد المجتمعي، بما يَجعله قُطباً قادراً على مواجهة الأوضاع الحالية وتحدياتها في أفق سنة 2026.

– ولتحقيق هذه الأهداف، تؤكد اللجنة المركزية على أهمية تعزيز الموقع السياسي للحزب وما يعبر عنه من مواقف قوية وريادية إزاء مختلف القضايا، وعلى ضرورة أن تجري هذه المواقف في كافة شرايين الحزب وهياكله ومنظماته وقطاعاته وفروعه الترابية المدعوة إلى تمتين نضال القرب واتخاذ المواقف والمبادرات القوية إزاء القضايا المحلية، مع تطوير الأشكال التواصلية المختلفة لإسماع صوت الحزب وتوجهاته على أوسع نطاق داخل أوساط المجتمع. وعلى هذا الأساس تهيب اللجنة المركزية بجميع المناضلات والمناضلين من أجل الانخراط القوي في هذا التوجُّه، والانفتاح بشكلٍ أكبر على مختلف طاقات المجتمع، دفاعاً عن المصالح العليا لوطننا وعن الطموحات المشروعة لشعبنا.

وحرر بالرباط، في يوم السبت 08 يونيو 2024

Top