مشاركة أزيد من 1500 عارض في الدورة الثانية لـ”جيتكس إفريقيا” بمراكش

انطلقت صباح أول أمس الأربعاء بمراكش، أشغال الدورة الثانية من “جيتكس أفريقيا المغرب”، الذي يستمر حتى اليوم الجمعة، تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، بمشاركة أزيد من 1500 عارض يمثلون أكثر من 130 بلدا.
ويشهد هذا المعرض الرائد للتكنولوجيا والمقاولات الناشئة، والمنظم من قبل شركة “كاون” الدولية، الفرع الدولي لمركز التجارة العالمي بدبي، وإشراف وزارة الإنتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، بشراكة مع وكالة التنمية الرقمية، مشاركة ثلة من الخبراء والمتخصصين العالميين بالإضافة إلى صناع القرار السياسي.
ويعد هذا التجمع الضخم للتكنولوجيا، باعتباره واجهة عالمية للتكنولوجيا والابتكار والشبكات، مناسبة للمشاركين لتقاسم معارفهم وخبراتهم حول ثلاثة محاور رئيسية تتمثل في “بناء إفريقيا رقمية موحدة” و”الترابط” و”المدن الرقمية”.
ويعكس هذا الحدث البارز الذي يقام للمرة الثانية على التوالي بالمدينة الحمراء بعد النجاح الكبير الذي حققته نسخة 2023، الإرادة الراسخة للمملكة في دعم أنظمة الابتكار التكنولوجي سريعة التطور.
وفي هذا الصدد، أكدت المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، غيثة مزور، على أن قطاع ترحيل الخدمات يحظى بمواكبة مستمرة من قبل الوزارة، مسجلة أن عددا من الشركات الناشئة المغربية تنشط في عدد من المجالات التكنولوجية كالذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني.
وكشفت في افتتاح أشغال الدورة الثانية ل”جيتكس إفريقيا المغرب”، أن رقم معاملات قطاع ترحيل الخدمات بالمغرب ارتفع من 14.7 إلى 17.9 مليار درهم في السنتين الأخيرتين.
وعزت مزور هذا الارتفاع الذي بلغت نسبته 20 في المئة، إلى تألق الكفاءات الشابة، والمواكبة المتواصلة للحكومة والبنية التحتية المهمة.
وتابعت الوزيرة في هذا الصدد: “لدينا اليوم شركات مغربية وعالمية تقدم حلولا تهم تطوير آخر التكنولوجيات الرقمية بما يخدم العالم”، مشيرة إلى أن المملكة تقدمت ب 12 مرتبة عالميا في هذا المجال لتصبح في الرتبة ال28 على مستوى العالم، بالإضافة إلى كونها ثاني أفضل وجهة لترحيل الخدمات بإفريقيا.
وباعتبار الرقمنة رافعة مهمة للتنمية السوسيو – اقتصادية بالمغرب، ووسيلة تتحقق من خلالها انتظارات المواطنات والمواطنين، تضيف الوزيرة، فقد عملت الحكومة على الرفع من جودة الخدمات العمومية الرقمية، حيث أصبحت المملكة تتوفر على أزيد من 600 خدمة رقمية عمومية.
وقالت مزور إن الوزارة عملت على تنزيل برامج لتعزيز تكوين المواهب الرقمية في مختلف الجامعات المغربية بالمملكة وملاءمة التكوينات مع سوق الشغل، من خلال الرفع من عدد الخريجين إلى أزيد من 71 ألف خريج في أفق سنة 2027، بمعدل أكثر من 22 ألف خريج سنويا.
وذكرت بأنه وعيا من الحكومة بأهمية تنويع الشركاء الدوليين، تم مؤخرا التوقيع على اتفاقية شراكة بالولايات المتحدة الأمريكية مع شركة أوراكل الرائدة العالمية في تكنولوجيا المعلومات، يتم بموجبها توظيف أزيد من 1000 كفاءة مغربية ستطور الحلول السحابية وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وهي الحلول التي سيتم تسويقها عبر العالم.
من جهة أخرى، أبرزت الوزيرة أن المملكة المغربية انتقلت على مستوى التمويل بالمشاركة في رأس المال من الرتبة 16 إلى الرتبة الخامسة إفريقيا، بارتفاع استثنائي قدره +252 في المئة مقارنة بسنة 2022.
من جهته قال رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، شكيب لعلج، إن تقنيات الذكاء الاصطناعي تمتلك القدرة على تحويل الاقتصادات الإفريقية وإحداث ثورة في العديد من القطاعات، من خلال توفير حلول تستجيب للتحديات الخاصة التي تواجه القارة الإفريقية.
وأكد لعلج، في كلمته الافتتاحية، أن النهوض بالقوة التكنولوجية لإفريقيا أمر ضروري للتصنيع والنمو الاقتصادي، وكذا لخلق فرص الشغل في قارة سيتضاعف عدد سكانها بحلول عام 2050، مضيفا أن هذه النسخة من “جيتكس” تقدم فرصا كبيرة لإفريقيا، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي.
وأبرز، في هذا السياق، مزايا التكنولوجيا العالية في تعزيز البيئة السوسيو-اقتصادية، مستشهدا، على سبيل المثال، بالتكنولوجيا المالية التي تضطلع بدور أساسي في الشمول المالي وولوج الفئات التي لا تزال تعاني من نقص الخدمات المصرفية إلى خدمات الدفع، أو التطبيب عن بعد والتطبيقات الصحية المتنقلة، والتي من شأن اعتمادها سد الفجوة في الولوج إلى الرعاية الصحية وجودتها.
وفي ما يتعلق بالفلاحة، قال لعلج إن التكنولوجيا توفر أفضل الحلول لضمان الأمن الغذائي لإفريقيا، مشيرا إلى أن تنمية هذه القطاعات تتطلب شراكات قوية بين القطاعين العام والخاص، ولكنها تتطلب أيضا ابتكارا مفتوحا وولوجا أفضل إلى الأسواق.
بدوره، اعتبر المدير العام لوكالة التنمية الرقمية، محمد الإدريسي الملياني، أن هذا الحدث الدولي يكتسب أهمية بالغة، بالنظر إلى كونه يجسد التزام المملكة بمواصلة تكريس الثقافة الرقمية بهدف تعزيز اقتصاد وطني متكامل ومستدام.
وأضاف أن هذه النسخة تتيح الكشف عن أحدث الابتكارات التكنولوجية ذات الصلة بالتحول الرقمي في عالم يشهد تغيرات متسارعة، وكذا استكشاف الفرص التي توفرها الحلول الرقمية.
كما أبرز الملياني أن هذه التظاهرة الرائدة تندرج في إطار الجهود التي يبذلها المغرب، تحت القيادة المستنيرة لجلالة الملك محمد السادس، بهدف تعزيز التعاون جنوب-جنوب في جميع المجالات.
من جهتها، أعربت مديرة شركة “كاون” الدولية، تريكسي لوهميرماند، عن شكرها للمغرب ولإفريقيا على “الثقة التي وضعوها فينا”.
وأضافت أنه من المؤكد أن هذا المعرض التكنولوجي يعد الأكبر في إفريقيا، إلا أن أبعاده تتجاوز القارة بفضل مشاركة 130 دولة.
كما شددت على قيم الثقة والالتزام والتحفيز والإيمان التي من شأنها ضمان مستقبل مزدهر لإفريقيا.
وقد عرف حفل افتتاح الدورة الثانية من “جيتكس أفريقيا المغرب”، حضور رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، الذي أعلن على أن استراتيجية “المغرب الرقمي 2030” ستخرج إلى حيز الوجود في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، مؤكدا أن الحكومة تضع التحول الرقمي على رأس أولوياتها.
وأوضح أخنوش في كلمته أن هذه الاستراتيجية ترتكز على محورين أساسيين يتعلق الأول برقمنة الخدمات العمومية، فيما يروم المحور الثاني بث دينامية جديدة في الاقتصاد الرقمي، بهدف إنتاج حلول رقمية مغربية.
كما تروم هذه الاستراتيجية، يضيف رئيس الحكومة، خلق القيمة المضافة وإحداث مناصب شغل، مشيرا إلى أن هذا المعرض الإفريقي الهام “يحمل دلالات عديدة بالنسبة لقارتنا وهو ما يتماشى مع الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، الرامية لتقوية روابط الأخوة والصداقة وتعزيز المبادلات التجارية بين دول القارة، وذلك لتحقيق النجاح المشترك في استثمار الإمكانيات الواعدة لقارتنا الإفريقية”.
وسجل أخنوش في هذا الاتجاه، أن التحدي الأساسي الذي سيطرح لمواكبة إنجاح هذه الاستراتيجية يظل في “تكوين المواهب والكفاءات الشابة بالقدر الكافي من الجودة والعدد”، مستشهدا لتحقيق هذه الغاية، بتوقيع المملكة لاتفاقية في عام 2023 تسمح بمضاعفة عدد الخريجين في المجال الرقمي ثلاث مرات تقريبا بحلول العام 2027.
وفي إطار هذا التوجه، لفت أيضا إلى توقيع المغرب لمجموعة من الاتفاقات مع عدد من الشركات العالمية الرائدة، المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والبحث والتطوير، الشيء الذي من شأنه تسريع التحول الرقمي ومضاعفة الإمكانيات البشرية المحلية المتخصصة، مبرزا أن التحول الرقمي ليس مجرد “ترف” تكنولوجي، بل محفزا أساسيا لتعزيز التعاون بين البلدان الإفريقية.
وتابع أن التحول الرقمي يقدم حلولا ملموسة للتحديات التي تواجهها القارة، ويحفز التنمية المستدامة ويوفر بيئة مواتية لتعميق التكامل بين البلدان الإفريقية، معتبرا أن تبني هذا التحول وتعزيزه يشكل أهمية بالغة لتحقيق إمكانات إفريقيا الكاملة في القرن الحادي والعشرين.
وقال، من هذا المنطلق، إن معرض “GITEX” يشكل بالنسبة لإفريقيا “منصة متميزة لمناقشة المحفزات الرئيسية التي ستمكن القارة من وضع نفسها كمستهلك ومنتج للتكنولوجيا الرقمية”، داعيا إلى مواكبة هذا العصر الرقمي معا وبكل جرأة وعزيمة.
وفي ما يتصل بجعل الابتكار الرقمي المحرك الأساسي للتقدم الجماعي، أورد أخنوش أن الأمر رهين بتوحيد الجهود، من أجل تحويل هذه الرؤية إلى واقع مزدهر وملهم للأجيال القادمة، لافتا إلى أن التحول الرقمي أصبح “عنصرا لا محيد عنه على مستوى التعاون بين البلدان الإفريقية لعدة أسباب رئيسية تتجاوز التقدم التكنولوجي البسيط، وذلك عبر تسهيل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للقارة”.
وأضاف أن التجارة بين دول إفريقيا، والتي تعرقلها في بعض الأحيان البنيات التحتية المحدودة والمساطر الإدارية المعقدة، “ستستفيد بشكل كبير من الرقمنة، حيث ستساهم منصات التجارة الإلكترونية، وأنظمة الدفع عبر الأنترنيت، والحلول اللوجستيكية الذكية في تبسيط المعاملات التجارية وتقليل التكاليف وتعزيز النجاعة”، مضيفا أن الرقمنة تعمل أيضا على تحفيز الابتكار من خلال توفير منصة لتطوير أفكار وحلول جديدة، وذلك عبر مضاعفة أعداد حاضنات التكنولوجيا، والهاكاثونات (hackathons)، والمقاولات الرقمية الصاعدة (start-ups numériques)، مما يشجع ريادة الأعمال وخلق فرص الشغل.
وعلى ضوء ذلك، تابع رئيس الحكومة أنه سيكون بإمكان رواد الأعمال الأفارقة أن يتعاونوا بسهولة أكبر مع نظرائهم من مختلف البلدان والقارات، وأن يتقاسموا الموارد والخبرات لإيجاد حلول مصممة خصيصا لرفع التحديات المحددة التي تواجهها القارة، مؤكدا في هذا الصدد أن التكنولوجيا المالية (fintech)، تلعب دورا حاسما في تكامل الأسواق المالية الإفريقية حيث تعمل خدمة الدفع عبر الهاتف المحمول، ومنصات التمويل الجماعي، والخدمات البنكية عبر الأنترنيت على تحقيق الإدماج المالي بشكل متزايد، حتى في المناطق القروية.
وخلص أخنوش إلى أنه يمكن للبلدان الإفريقية أن تدبر بشكل أفضل الخدمات العمومية لتعزيز شفافية الحكومات، ما سيمكن المنصات الإلكترونية الحكومية من العمل على تحسين النجاعة الإدارية والحد من الفساد، مبرزا أن تسهيل الولوج إلى المعلومة، من شأنه أن يشجع على المزيد من الحكامة المندمجة والتشاركية.

مبعوث بيان اليوم إلى مراكش:
 عبد الصمد ادنيدن

Top