يسمح تلقي النص الأدبي بتوليد فرص مهمة للاستهلاك وإعادة الإنتاج، عبر آليات الشرح والتفسير والتذوق، والتحليل والتأويل، والوسيط الأساسي بين النص وقارئه القراءة، لأنها هي التي توَلّد الأشكال المتَقدمةَ من أنماط الأفهام المصحوبة بالتفاعل، لهذا السبب ركَّزت نظرية الفينومينولوجيا في دراسة العمل الأدبي على الأشكال المرتبطة بالتجاوب مع النص، علاوة على ذلك، اهتمامها بنفس الدرجة بالنص الفعلي المنتَج، فالقارئ طرف مهم، لأنه يفعل ويعيد الإنتاج الفعلي لما يتلقاه. وفي هذه الصدد فالنص الأدبي مسكون بدِلالاته الخاصة والعامة، وهو عبارة عن علامات لغوية يتوجب استنطاقها بنشاط القراءة. ونشير هنا إلى مدى الاختلاف الجلي بين لحظة الكتابة ولحظة القراءة، ونودّ هنا أن نشير في إطار اشتغالنا بمفاهيمِ التأويل التقابل إلى إشكالية أساسية: إلى أي مدى يستحضر كتاب السرد وعيهم بالتقابلات والتواجهات التي تكون في أعمالهم، يقول محمد بازي: “هل [يكون] الكاتب على وعي بكل هذه التقابلات والتواجهات بين هذه المكونات؟ فيجيب بالنفي “لأن الكتابة لحظة تَماه تفكيري مع المكتوب دون تمثّل قواعده أو نظام تشكله ونموه وقتئذ”(1)، غير أنه يتطرق إلى ما سماه بالخطاطات الذهنية المنظمة من حيث مرجعيةُ أطرِها، والتي يتم استحضارها بشكل غير واع لحظة الإنتاج، إن هذه المسألة بالنسبة لنظرية التلقي تعد من المداخل الرئيسة لمعالجة النص، ونود أن نعرض هنا لمسألتين أساسيتين، هما: قضية المعنى وبناء المعنى، وتعد “نظرية التأويل التقابلي، مقدمة لمعرفة بديلة بالنص والخطاب” للباحث المغربي محمد بازي، مدخلا جديدا لرصد أهم انشغالات المناهج الحديثة المهتمة بتحليل النصوص الأدبية، وتحديدا المسألة المرتبطة بإنتاج الوقع والمعنى، كما أنها شكلت قنطرة ركز عليها الباحث للعبور إلى إطارات جديدة وموسعة في تجلية مفاهيم التقابل في دراسة ومعالجة النصوص، يقول:” ففعل القراءة تعاقد بين كفاءة القارئ المعرفية ونمط القراءة التي يُسَلم بها النص”(2) ويبرز دور القراءة في نظريته بعناصر داعمة له، وفي هذا الإطار تعد القراءة نظاما معرفيا شاملا من التقابلات اللغوية والمعرفية والسياقية وما إلى ذلك.. وعلى هذا الضوء سنحاول في قراءتنا لضفائر للكاتبة المغربية لطيفة البصير التوقف عند بعض المفاهيم الإجرائية التي تخص التأويل التقابلي. فما هي إذن أبرز مظاهر وأوجه المقاربة التقابلية في هذا العمل؟
– بنية النص العليا كما هو معلوم يندرج هذا النص ضمن نمط السرد، وتحديدا أدب القصة، وهذا ما يؤكده الميثاق الموجود أعلى الغلاف، غير أنه في التقابل المبدئي بين العنوان ضفائر وبين العناوين الفرعية للمجموعة القصصية، يتضح جليا أن هذا السرد يتناظر ضمنيا مع الذات، ويتعزز هذا التناظر باستحضارنا للأسماء التي تحكي عن العوالِم الدَّاخلية للشخصيات السَّاردة، (عالية منانة زهرة نانسي طامو ليلى رقية زينب حياة غيثة أحلام)، باستحضارنا لهذه الشخصيات وفي تقابلها مع عنوان المجموعة، نستحضرُ مدى ارتباط الكتابة بالذات، وليس بالضرورة الذات الكاتبة، فالكتابة هي الوسيلة العَملية التي تعمق وتُجذّر الامتلاك الذاتي، وإنه لبِقدر التَّحقُّقَات وتوليد الحقائق، يتحقق الانحياد في الأدب، ويمرُّ الكاتب إلى ما يسميه رولان بارط درجة الكتابة الصفر، فكل شيء يمكن التقاطه وتصويره، فالتجربة الشاملة في التعبير الكتابي، لا تأتي إلا من الأحداث والأفعال والبطولات والمواقف الذاتية والجماعية، مواقف تخص الإنسان تجاه الآخر والمجتمع والكون. يصور هذا العمل ” ضفائر”، تجربة إنسانية تقابلية، تجاه الذات والآخر والأمكنة والأزمنة والمواقف والأفكار والأشخاص، وهو مؤلف مليء بتناظرات ذاتية ونفسية واجتماعية، تشير كلمة ضفائر باعتبارها عنوانا إلى الجنس الأنثوي، المقابل للآخر الذكوري، فهل هذا يعني أن بنية النص العليا تخلق لذاتها ومنذ البداية مؤشرا قويا يعزز لدى الكاتبة لطيفة البصير، نمطا خاصا، يتعلق الأمر بالكتابة النسوية التي تعبر عن واقع مائز، ثم هل من الممكن أن نقابل سرود الشخصيات، بنمط الكتابة السيرة الغيرية؟ طبعا يجعلنا هذا العمل نقف عند عوالم مُتَخَيَّلَةٍ للطيفة البصير، وليس من الضروري أن تنبئنا عن واقعية المحكي، ويمكن أن نستدل على ذلك بهذه الإشارات السردية، في نص عالية، تقول الساردة أمي تنظر إلي بدهشة…أحسست أن أمي كبرت في تلك اللحظة(3) في ذلك اليوم، أدركت أن أمي تصغرني بسنوات…كنت كلما كبرت أرى..(4)؛ كما نجد في نص منانة: كنت أعْبُر هذا الحي الذي ودعته لسنوات، وكان يسكن جلدي تماما حتى في هذه اللحظات التي أعوذ فيها إليه (5)؛ وفي نص طامو، تضعنا الساردة، وبشكل مباشر داخل عقدة النص، تقول: منذ سنوات طويلة وطامو حزينة جدا، أصبح الاسم طَامَّة على عاتقها.«طامو» في زمن مثل هذا الزمن لا يمكن إلا أن يعيق جمالية الجنون اللذيذ (6)؛ الواقع أن الساردة في هذه المجموعة صاغت عملا سرديا متداخلا ومتناظرا في مكوناته البنائية.
– التأويل التقابلي للعنوان: مما هو معلوم أن العناوين تؤدي وظائف كثيرة منها وظيفة الإشهار والتسمية والوصف والإيحاء والإخبار والتعاقد والإشهار، فهو يسمِّي المكتوب ويصفه، غير أنه، ومن زاوية تأويليةِ التقابل والتساند، يمكن القول إنه:” تقابل نصٍّ مصغّر مع عنوان مكبَّر، وتقابل المفتاح مع الباب والبيت، وتقابل البنية المعنوية مع المكثَّفة والمختزلة مع بنية معنوية موسَّعة ومفصَّلة، وتقابل الوجه والمرآة؛ فالعنوان وجه واضح المعالم في مرآة النص. وقد يكون تقابلا مضبَّبا، لا وجه له في نصه ولا في وجه صاحبه”(7) اختارت الكاتبة «ضفائر» عنوانا مشحونا بالحمولة الأنثوية، وأوردته بصيغة الجمع، وإذا كان نصا مصغرا، فإنه يتقابل مع النص المكبر للمجموعة القصصية، ليتقاطع مع كل النساء اللواتي وردن في المتن الحكائي، فكل نص يتناظر مع ضفيرته المميزة، تشكل إذن تقابلية العنوان وفي تسانده مع تيمات جميع النصوص بعدا وجوديا عميقا، يتناظر مع الواقع الاجتماعي والنفسي والعاطفي الذي تسرد منه الساردات، كما أنه يتأسس في تناظرته السياقية الموسعة، لا لكي يعكس واقعا مفردا لأنثى محددة مفردة، ولكنه مرآة تعكس واقعا متناقضا ومتضاربا لمجموعة من النساء أو لنقل لمجموعة من الرغبات، لقد استطاعت تقنية السرد المؤبر لدى الكاتبة النفاذ إلى بواطن شخوصها السردية، فهي لا تكتفي بالظاهر دون الباطن، وكثيرا ما تُلح بعدَدٍ من الأسئلة استكناه العالم الداخلي لهؤلاء النساء، وما فيه من معاناة نفسية من قهر وظلم واحتقار وإحساس بالدونية مقابل الطموح والتطلعات والانتظارات والأحلام. ضفائر، عنوان يعكس بالمجمل واقع المرأة مقابل الرجل، كما أنه عنوان سيميائي نوعي، متعدد الرغبات، نتيجة لكل ذلك، فقصص ضفائر متناظرة في مبناها، متقابلة في مقاصدها. خلاصة القول العنوان الذي بين أيدينا عمل فني أنشأ أساسا للتعبير عن مشاعر البشر خاصة الأنثى، لذلك فهو يجسد مداركها وحاجاتها ووعيها في الحياة، وفق التحولات والتطورات التي يعرفها المجتمع المغربي، وهو رسالة لغوية تحقق تحققت فيها ثنائية الظاهر والباطن.
أ- تقابل النظائر النصية- مسألة التجنيس يقوم هذا التقابل على مقابلة النصوص ” بنظائرها في الغرض أو الموضوع أو الفكرة أو طريقة التعبير الفني”، فإذا توقفنا عند محتوى متن “ضفائر” أمكننا اعتماد تأويل تساندي يتجاوز المعنى السطحي إلى المعنى العميق، على أساس أن المتن كتابة سردية تعبر عن واقع النساء، كتابة تتقابل مع الذوات، لاقترابها كثيرا من الشخوص، وأشبه ما توسم بالكتابة السيرية، لتمازجها مع صوت الكاتب الذاتي، الذي يعزز قيمة الجانب الشخصي في الكتابة، ويسمح هذا المنظور بمُقابلة القصة القصيرة للسيرة الغيرية، من جهة التعبير عن الذوات، فما شرط تحديد السيرة الغيرية؟ مما هو معلوم أن السيرة الغيرية كتابة استيعادية يقوم بها شخص آخر واقعي لحياة ما، ولا يعد فيها الميثاق شرطا أساسيا، لأنه في المقابل إذا أردنا أن نحدد معنى دقيقا للسيرة الذاتية، حسب تعريف فليب لوجون “حكي استيعادي نثري يقوم به شخص واقعي عن وجوده الخاص، وذلك عندما يركز على حياته الفردية وعلى تاريخ شخصيته، بصفة خاصة” (8)؛ وعلى الرغم من هذا التعريف الذي لهذا النوع الأدبي، يبقى فنّا أدبيا منفتحا ومرِنا لاحتضانِه لنصوص أدبية أخرى، فالكاتب عبر تقنيات الكتابة والمتخيل، يستطيع أن يستدرج اليومي والذاتي والغيري، يكون قادرا على التعبير عن تاريخ الذات وتجاربها وأفكارها ومشاعرها، ومن هذا التداخل الحاصل انْتُزِع من السيرة الذاتية بعضًا من خصوصيتها وأسْلَبَتها وظيفتها الأساسية، وهذا ما سيشكل جِسرا تواصليا بين جنس القصة المعلن عنها في الميثاق، وبَيْنَ مَا سبقتِ الإشارة إليه، حيث ضفائر تعكس نمطَ كِتَابَة يتعلق بذوات النساء، وهذه ميزة الكتابة عند لطيفة البصير، وإذا توقفنا الخصائص السردية وجوانبها التقنية، في المجموعة المدروسة فالكاتبة، اشتغلت على الحكاية، ففي كل قصة حكاية تتناظر مع عالم سردي، ويكون العنوان ضفائر بذلك، عنوانا شكليا أو علامة سميائية ، وفي الاقتراب من نمط الكتابة بصيغة المؤنث عند لطيفة البصير، يكاد المحكي يتعلق بالكتابة الشخصية المتعلقة بالمذكرات والتدوينات والاعترافات. لأن النتيجة المبدئية في هذه التداخلات هي: تقابل المحكي مع الشخوص الساردة، فالنص الأول المعنون بعالية يتقابل مع السيرة الذاتية كليا، كما يتقابل مع الساردة، على اعتبار أن الكتابة تمثل الصوت الذاتي للكاتب، غير أنه لا يمكن الجزم بذلك، فللكتابة تقنياتها الخاصة، فالكاتبة شيدت عالما حكائيا مستبطنا تسرد من موقِعه عن شخصيات نسائية وعن واقعهن ومعاناتهن وطموحاتهن.
– التناص: يجد القارئ لنصوص، وإصدارات الكاتبة مدى تفردها على مستوى الكتابة السردية المتعلقة بالكتابة النسائية، خاصة في مجموعة ضفائر التي تمثل نموذجا موفقا للتعبير عن هُمُوم المؤنث، بصيغة تاء التأنيث، ويبدو ذلك جليا كما تقدم من دلالة العنوان الرئيسي الذي يتقابل بدوره مع جل العناوين الفرعية للمجموعة، ثم في إصدارها لمجموعة عناق (9)، هذه المجموعة بدورها تجسد واقع الحكي عن نساء في وحدتهن وصمتهن ومعاناتهن وتطلعاتهن وانتظارهن وأحلامهن، إن قصة أحلام في ضفائر ما هي إلا انعكاسا كليا لجميع الشخصيات التي يتحدثن من داخل المتن الحكائي، هؤلاء النساء كلهن وجسات ومنتظرات لهذه الأحلام التي تأتي أولا تأتي، تقول الساردة: وظللت أنتظر…مر زمن طويل. لم يحدثني صديقي. بدأت أعتاد على المكان وعلى الانتظار الدائم…لم تأت اللوحة، لكنني اعتدت على المكان وعلى الأضواء التي اختلقتها لتهدئني..(10) وحدي أحيا هذا الطقس بانتظاراته الجميلة وتداعياته التي لا تنتهي.. كنت كمن يجالس ذاته ليحدثها عنها ولم أكن لأنسى انتظاري للوحة…إلى أن نسيت هذا الانتظار، وبدأت أعتاد على مكاني(11)؛ إن أهم ما يستوقف القارئ للطيفة البصير هو تحاور نصوصها الإبداعية لأنها في المجمل، تمتاح مادتها الكتابية من عالم المرأة عالم البوح والطفولة المتكررة في أعمالها، وساهم هذا الامتياح في مجمله في تكسر رتابة الكتابة النسائية في المغرب، فهو يشتغل على لغة البوح، والاقتراب من لغة الجسد والمشاعر الدفينة فيه، فالكاتبة تحاول استنطاق الجانبَ الصامتَ في الجسد، وأن تجعله يطفو إلى المكشوف، فيتواجه الباطن مع الظاهر، والصمت مع الإفصاح، والمتأمل لنمط الكتابة لدى لطيفة البصير يجد اقترابها أكثر من الغرف السوداء عند مجمل شخوصها، وكأنها تبني عالما قصصيا من عمق جِرَاب السّرد، لا قدرة لأحد في الكشف عنه، وبهذا نقترب كما قلنا سالفا عند نمط الكتابة السير القصصية، وهذا النمط من الكتابة قلَّ من انتبه إليه، على مستوى الكتابة القصصية في المغرب، إذن بهذا المنطق الفني والموضوعاتي تتقابل المجموعة القصصية ضفائر مع المجموعة القصصية عناق، نظرا لما يُوَّحد هذين العملين من مقومات شكلية فنية وموضوعاتية. – التقابل الحواري:يعد الحوار في النص السردي بمثابة تمثيل لما يجري في الواقع، وفي الحوار يحصل تقابل صوتين أو شخصيتين، وعبر حوارهما تتقابل المواقف والتصورات والأحاسيس والأفكار وتعرض التجارب المتقابلة بأي شكل من أشكال التقابل(12)؛ في قصة عالية تتقابل الساردة التي تمثل عالم الطفولة مع الأم، ويأتي الحوار بطريقة غير مباشر ليكشف عن المخفي والمطلوب، تقول الساردة: أمي، أرجوك لا تعودي طفلة مرة أخرى.. في هذا اليوم الذي أريدك فيه معي..(13). وفي موضع آخر تقول: وكنت دائما أسأل نفسي: لماذا يوصيني أبي أن أراقب أمي؟ وكثيرا ما كنت أسأل ابنة الجيران هل تتكلف هي أيضا بأمها(14)؛ فإذا كانت الأم تمثل عالم اللاوعي فهو بالنسبة للساردة يمثل عالما طفوليا، تقول: أمي دائما طفلة صغيرة جدا. الغريب أننا كنا طفلتين صغيرتين بأحجام مختلفة، وكانت أمي تلعب معي كل اللعب، كنت أفرح كثيرا إذ كانت تلعب بعينين نهمتين، ولا تمل أبدا(15) كما يتقابل وعبر الحوار عنصر الأب الذي يمثل القسوة مع الساردة التي تمثل عالم الطفولة، في قوله: حْضِي امُّك. الخلاصة أن هذا النص يوحي بعدة تقابلات وعبر عنصر الحوار المستبطن، تقابل الساردة مع عالم الطفولة، وتقابلها كذلك مع الأم، وتقابل الوعي واللاوعي عند الأم، وتقابل الصغر مع الكبر، ويتقابل الأب مع عالم الطفولة، الذي يتقابل بدوره عالم الجد هذا الأخير يناظر مع عالم اللعب والطفولة. أما الحوار الداخلي فيحضر بقوة حينما تتقابل الشخصية الساردة مع ذاتها، في عوالم المحكي، خاصة التي تنتهي بنوع من الإخفاق في إشباع الفضول، ومثال ذلك طرحها لعدد من التساؤلات، ومن هنا يحضر الحوار الداخلي، باعتباره تقابلا بين” العقل الظاهر والعقل الباطن، بين الشخص وضميره، بين ما يقوله العقل وما تأمر به الغرائز مثلا، بين القيم العليا أو يجب فعله، بين الواقع والمأمول”(16)؛ تقول الساردة: كنت أقدف نفسي في بحر من الأسئلة الصغيرة: لماذا تمنعنا أمي أنا وأختي من دخول بيت منانة؟ فمنانة لطيفة جدا. (17)؛ إذا كان السرد يقوم على الاستبطان، فلقد اشتغلت لطيفة البصير على تيمة السؤال بشكل مكثف، ففي كل قصة نجد تساؤلات منبعثة من الذات، تجعل النص يتكاثف معناه، وهذا ما استطاعات أن تححقه المجموعة القصصية ضفائر. والنماذج على ذلك كثيرة.
– تقابل النصوص: ما يلفت النظر في مجموعة ضفائر مدى التكامل الذي حققه العنوان الرئيسي للمجموعة مع العناوين الفرعية للمجموعة ككل، في المجمل استطاعت الكاتبة وبعدساتها أن تلتقط موضوعات موحدة بين الشخصيات ومن منظور اجتماعي محض، وبهذا يتجسد البعد الواقعي للقصة لدى الكاتبة، لأنها استطاعت أن تعكس التطلعات الذاتية للشخصيات، ومن الأمثلة الدالة على ذلك حديثها عن المرأة في لبوس متنوع المرأة العروس بدءا إلى الحالمة.. ؛ كما نجد تقابلا موسعا بين تيمات عناق وضفائر من حيث نفس الانتظارات لدى الشخصيات.
– التقابل السياقي للشخصيات ودلالاتها: يبدو أن المجموعة القصصية وانطلاقا من عوالمها السردية، نجحت إلى حد كبير في جعل البنية التقابلية للأحداث، العامل الأول المحرك للسرد، فالتقابل” حاصل في التفكير المنتج للغة، وفي انتظام الكلمات والمعاني، ويجليه التقابل بمستوياته الكثيرة، ومظاهره التي يفسح لها ذكاء المتفهم واجتهاد”(18) وعلى هذا الأساس تبرز علاقة الكتابة السردية باللغة باعتبارها مرجعية خارجية وذهنية، ويبدو أن العناوين الفرعية للمجموعة ككل، اشتغلت عليها الكاتبة بنوع من الاختيار الموفق، الذي وحد تيمة السرد بصيغة المؤنث.
-جزء من دراسة طويلة
هوامش:
1- نظرية التأويل التقابلي، مقدمات لمعرفة بديلة بالنص والخطاب، محمد بازي، منشورات ضفاف، دار الأمان الرباط، منشورات الاختلاف، الطبعة الأولى 2013، ص.3652
2- نفسه
3- ضفائر، لطيفة البصير، منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب، الطبعة الأولى 2006 ص7
4- نفسه ص 9
5- نفسه ص13
6- نفسه 29
7- التأويلية العربية، نحو نموذج تساندي في فهم النصوص والخطاب، محمد بازي، الدار العربية للعلوم ناشرون، منشورات الاختلاف، الطبعة الأولى 2010، ص 276
8- نقلا عن: البوح والكتابة، دراسة في السيرة الذاتية في الأدب العربي، عمر حلي، مجموعة البحث الأكاديمي في الأدب الشخصي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، أكادير، الطبعة الأولى 1998، ص13
9- عناق، لطيفة البصير، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى 2012،
10- ضفائر، ص 58
11- نفسه 5912-
12- نظرية التقابل التأويلي م س، ص 353
13- ضفائر، ص 8
14- ضفائر، ص 8
15- ضفائر، ص8
16- نفسه
17- نفسه، ص 16 18- نفسه81
بقلم: جامع هرباط