يونس بنان لـ”بيان اليوم”: على الحكومة اتخاذ إجراءات آنية للحد من نزيف الأسعار

يشهد المغرب مستويات تضخم غير مسبوقة، منذ 28 سنة، حيث وصل المعدل إلى 7.1 في المائة، ومازال يواصل هذا الرقم مساره التصاعدي، شهرا بعد الآخر، وذلك نتيجة ارتفاع الأسعار التي طالت جل المواد الغذائية في السوق، مما جعلها تمس القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة الذين أنهكت جيبوهم.
وسبق للمندوبية السامية للتخطيط، أن أعلنت عن ارتفاع المواد الغذائية بمختلف المدن المغربية، والتي يرجعها البعض إلى عامل الجفاف، وتداعيات جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، ناهيك عن بعض الممارسات اللاأخلاقية واللامسؤولة، من قبل الشركات والتجار والوسطاء.
وفي هذا الصدد، أوضح يونس بنان رئيس معهد الدراسات الاجتماعية والإعلامية، أن التضخم في المغرب لأول مرة يصل لهذا الرقم القياسي منذ عديد سنوات، لأنه كان متحكم فيه لحدود 3 في المائة سنويا.
وقال بنان في تصريح لجريدة بيان اليوم، إنه تبين خلال هذه السنة، بأن معدل التضخم، يتحكم فيه عامل خارجي وآخر داخلي، وفيما يخص العامل الأول، يرجع إلى الأزمة الصحية الناتجة عن كوفيد 19، أما العامل الثاني فيتمثل في الأزمة الأوكرانية الناتجة عن الحرب الروسية.
ونتيجة هذين العاملين، عرفت الأسعار زيادات صاروخية، مما انعكس على معدل التضخم بالبلاد، مشيرا رئيس معهد الدراسات الاجتماعية والإعلامية، أيضا، إلى بعض الممارسات في السوق الداخلية، من قبيل جشع بعض التجار الذين لم تطلهم الأزمة، وانتهزوا هذا الوضع ليضاعفوا حجم أرباحهم، والأمر نفسه يتعلق بشركات المحروقات التي راكمت أموالا ضخمة، بذريعة ارتفاع سعرها دوليا، في حين أنها كانت وإلى وقت قريب لا تتعدى 80 دولارا للبرميل الواحد.
واستطرد المتحدث ذاته، موضحا، أن الأزمات الداخلية ناجمة عن بعض السلوكات الناتجة عن بعض الفاعلين الاقتصاديين، وهو ما يزيد من تفاقم أزمة التضخم من طرف بعض القطاعات غير المعنية بالأزمة الاقتصادية، وهو ما يتجلى في ارتفاع بعض المواد الاستهلاكية، بدون سابق إنذار أو تفسيرات، لإقناع المواطن حول أسباب الزيادة فيها.
وشدد يونس بنان على ضرورة تدخل الدولة وبعض المؤسسات لمراقبة الأسواق، كما يجب على الحكومة التي يعهد لها بتسيير الدولة في حالة السلم أو في حالة الحرب، أن تحارب مثل هذه الظواهر التي تهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين، وذلك، عن طريق تحرك جميع القطاعات الوزارية التي يعهد لها بتكوين لجن مختصة للمعاينة والمراقبة والزجر.
ونبه بنان إلى انعكاس الشق الضريبي على الأسعار في السوق، مستحضرا مثال المحروقات، التي يؤدي مستهلكها ضريبتين متتاليتين بنسبة 40 في المائة في سعر اللتر، ويتعلق الأمر بضريبة الاستهلاك الداخلي (TIC) في حدود 250 درهم بالنسبة للديزيل، و300 درهم بالنسبة للبنزين، إلى جانب الضريبة على القيمة المضافة (TVA). وليس هذا فحسب، بل هناك ضريبة ثالثة، وهي الضريبة على الاستيراد، وبتراكم هذه الضرائب نكون قد وصلنا إلى 60 في المائة من الضريبة على سعر اللتر الواحد، يشير المتحدث.
وأضاف بأن بعض الدول الغربية اتخذت حكومتها إجرائين، الأول يتجلى في تخفيض الضرائب التي تعتمد على المحروقات التي يتحملها المواطن، والإجراء الثاني هو الرفع من الضرائب على مسيري الخدمات، بعدما لاحظت مراكمتهم لأرباح خيالية، والجدير بالذكر هنا، هو أن بعض المؤسسات الدولية قدمت توصيات لم تكن في صالح مقدمي خدمات البترول الذين راكموا أرباحا واسعة، وبالتالي دعت إلى فرض ضرائب أخرى عليهم، لأنه لا يمكن أن تذهب الثروة لقطاع أو لجهة معينة، على حساب جيب المواطن.
ويرى يونس بنان أن الحكومة المغربية يجب أن تتخذ خطوات ملموسة، وتقوم بمراجعات ضريبية، وأن لا يكون هاجسها هو عدم المساس بوعائها الضريبي، لأنه في هذه الحالة سنكون أمام ركود اقتصادي سيتسبب في الشلل، وعدم القدرة على الاستهلاك الذي ينشط الضريبة، وهذا ما لا تعيه الحكومة ولا تراه في المستقبل.
ودعا بنان في تحليله لوضع التضخم بالمغرب، إلى التفكير بروية، وأن يكون لدى الحكومة بعد نظر على المدى المتوسط والبعيد، فضلا عن لعب مجلس المنافسة لدوره الرقابي والزجري، باعتباره مؤسسة دستورية مخولا لها ضبط السوق، بدل توجهه نحو بعض القطاعات التي لا تضر السوق في شيء كما هو الحال مؤخرا مع فرض عقوبة على جمعية المحاسبين المعتمدين، في حين مجموعة من الشركات لحد الآن لا حسيب ولا رقيب عليها.
وذكر في الأخير، أن المندوبية السامية للتخطيط تعطي واقعا أسودا للمغرب، والأزمة أصبحت واقعا لا يستهان به، ما يعني ضرورة التصدي لها والتدخل، لأنه إذا استنزفت مدخرات الدولة سيكون البلد أمام ركود اقتصادي واجتماعي خطير.

< نادية الجورمي (صحافية متدربة)

Related posts

Top